مقالات وكتاب
أين ذهبوا ؟
بقلم: د. محمد المطيري
يتبادر لأذهاننا جميعًا تساؤل يحتاج لإجابة وافية ومقنعة ، لقد كان عدد من الآباء والأمهات في القرن الماضي أميين لا يتقنون القراءة والكتابة ، ولا يخصهم من العمل التربوي سوى توصيل الطالب للمدرسة والتأكد من عودته للمنزل ، ومع هذا الجهد المتواضع أفرز لنا ذلك العصر عددًا كبيرًا من المبدعين في شتى المهن والمجالات .
فما الذي كان يقوم به المعلمون في هذا الزمن الجميل ؟
أسرة لا تضم فردًا يتقن دعم عمل المعلم ، بل لا تضم بين مكوناتها من يتقن القراءة والكتابة فيها سوى الطالب .
إذًا الذي أثمر عن هذه النتيجة المتميزة مع هذه الظروف التي تحيط بالطالب هو معلم أدى عمله بطريقة أغنت الطالب عن جهود الجميع ، ألا تتذكرون ذلك النوع من المعلمين؟
كان الطالب يعود للمنزل وقد احتوى ذهنه على جميع المهارات والمعلومات وقد كلف بواجبات مدرسية تدعم وتعزز عمل معلميه .
ومنذ بدأ الحصة الدراسية تطغى الجدية على المكان واهتمام المعلم يعم الجميع داخل حجرة الدراسة ، تارةً ينتقل من العمل الجماعي للعمل الفردي ، ثم يعود لطرح الموضوع بصورة جماعية مرة أخرى ، وأحياناً يطبق طريقة الكل للجزء ومرة أخرى طريقة الجزء للكل حسب طبيعة الموقف التعليمي والطالب وعلى وجه الخصوص في تعليم القراءة والكتابة .
لقد حسّن أولئك المعلمين القدرة على القراءة والكتابة ، وثبتوا مهارة حفظ الآيات والأحاديث والقصائد بطريقة فذة ويسيرة في أذهان أبنائنا .
لقد تطورت مهارات العلوم والرياضيات ومهارات العلوم الاجتماعية وغيرها من المواد داخل محيط المدرسة .
والمستغرب في ذلك أن عددًا غير بسيط من هؤلاء المعلمين قد تحصلوا على مؤهلاتهم من كليات لا تماثل كليات التربية الحالية من حيث المباني والقاعات والوسائل التعليمية والمقررات والمختبرات وغيرها بل بالدرجات العلمية التي تمنحها مقارنةً بدرجة البكالوريوس التي تمنحها أغلب الكليات الحالية ، ومع ذلك كان أداؤهم يفوق أداء الكثير ممن يفوقونهم في الدرجات العلمية !
السؤال : ما السبب في عدم توفر مثل هؤلاء المعلمين في وقتنا الحالي ؟
يجب أن يُقبل على مهنة التعليم من يحب أن يكون معلمًا لإعجابه بهذه المهنة ، ويجب ألا يكون سبب التحاقه بركب المعلمين سوى ظروفه التي أجبرته على ذلك ، أو معدله في الثانوية العامة الذي كان منخفضًا مما أدى إلى تقليل الخيارات أمامه .
إذًا أصبح القبول في كليات التربية هو الحل الأخير فقط . وهذا رأس المصيبة وقمة الخطأ .
أصبح معلموا أبنائنا وبناتنا مرغمين على تعليمهم وليسوا راغبين .
يجب أن تعدل سياسة القبول في كليات التربية لقبول من يصلح لأن يكون معلمًا ومن يحب أن يكون مربيًّا للنشء ، وكذلك يجب أن يكون فريق اختيار المقبولين في كليات التربية من خيرة الأكاديميين الذين يستطيعون اكتشاف وتقييم قدرة ورغبة المتقدمين للالتحاق بكليات التربية هل هي حقيقية أو عكس ذلك .
تساؤلي كالعادة : هل يوجد اختبارات قبول ملائمة في كليتي التربية لدينا للتحقق من مقدرة المتقدمين على تربية أجيالنا القادمة قبل أن تقع الكارثة ؟