منوعات

اعتقال رئيس مخابرات رواندا في بريطانيا يضر بالعلاقات “الجيدة” بين البلدين (خبير سياسي)

19

إعتقال رئيس المخابرات الرواندي، إيمانويل كارونزي كاراكي، السبت الماضي في العاصمة البريطانية لندن، بموجب مذكّرة توقيف أصدرتها إسبانيا، يهدّد بإصابة العلاقات “الجيدة” بين رواندا وبريطانيا بالبرود، وفقا للخبير السياسي الرواندي كارامبيزي.

كارامبيزي، الأستاذ بالجامعة الحرة في العاصمة الرواندية كيغالي، أوضح، في اتصال هاتفي، أنّ إعتقال كاراكي أثار بالفعل موجة من السخط من جانب السلطات الرواندية، والتي اتّهمت “الغرب” بـ “العنصرية”، معربة عمّا يمكن أن يفجّره قرار مماثل من مخاوف بشأن توتّر العلاقات بين لندن وكيغالي، رغم “أواصر الصداقة” التي تجمع بين البلدين.

ويعتبر الجنرال إيمانويل كارونزي كاراكي، إحدى الشخصيات البارزة في حزب “الجبهة الوطنية الرواندية”، ذو الأغلبية التوتسي (عرقية)، الفصيل السياسي الذي انطلق مجموعة متمرّدة  وانتهى حزبا حاكما في البلاد، لدوره في إنهاء الإبادة الجماعية التي هزت رواندا العام 1994.

وتتّهم العدالة الإسبانية كاراكي بـ “ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضدّ الانسانية والإرهاب والإبادة الجماعية”، في علاقة بالصراع الرواندي (بين عرقيتي التوتسي والهوتو في 1994). كما يواجه تهمة التورّط في اغتيال 3 أعضاء من “ميديكو دال موندو”، الفرع الإسباني لمنظمة “أطباء بلا حدود”، وذلك في عام 1997، بحسب شرطة سكوتلاند يارد.

وأفرجت العدالية البريطانية، أمس الخميس، مؤقتا على كاراكي، بضمانة مالية قدرها مليون جنيه استرليني، في انتظار محاكمته المقررة في أكتوبر/ تشرين الأول القادم، والتي سيتقرر إثرها ترحيله من اسبانيا من عدمه، وفقا لمصدر حكومي رواندي.

إيقاف رئيس المخابرات الرواندي أثار ردود أفعال عديدة، حيث قال الرئيس الرواندي بول كاغامي أنّ اعتقال كاراكي ليس سوى دليل على “غطرسة واحتقار من جانب الغرب”، مضيفا في كلمة ألقاها، أمس الخميس، أمام برلمان بلاده: “لا بدّ وأن يكونوا اعتقدوا (السلطات البريطانية) بأنه مهاجر غير شرعي، إنهم يعاملوننا على أساس أننا مهاجرون غير شرعيين، والسود أصبحوا مستهدفين بغرض التمرّن على الرماية”.

كاغامي قال أيضا إنّ البلدان الأوروبية برهنت على “عنصريتها”، متهما إياها بـ “إهانة” رواندا لإخفاء تواطئها (الدول الأوروبية) في الإبادة الجماعية في رواندا العام 1994″، والتي خلّفت 800 ألف قتيل، معظمهم من عرقية التوتسي التي تمثل أغلبية في البلاد مقارنة بالهوتو (أقلية).

الخارجية الرواندية صعّدت من لهجتها، حيث قال الوزير لويز موشيكيوابو، في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “التضامن الغربي لتحقير الأفارقة أمر غير مقبول.. إنها فضيحة أن يعتقل مسؤول رواندي على أساس جنون ما قبل الإبادة الجماعية”.

مواقف، قال الخبير السياسي كارامبيزي، إنها قد تضرّ بالعلاقات الدبلوماسية بين كيغالي ولندن، والتي “أضحت جيدة انطلاقا من 2009″، فرواندا، هذه المستعمرة الألمانية ثم البلجيكية، أدارت ظهرها، بشكل تدريجي، للعالم الفرانكفوني (الناطق بالفرنسية)، لتنخرط، منذ حوالي 5 سنوات، في “رابطة الشعوب البريطانيّة” المعروفة بـدول الكومنولث، وهي عبارة عن اتحاد طوعي مكون من 53 دولة جميعها من ولايات الإمبراطورية البريطانية سابقاً باستثناء الموزمبيق ورواندا.

ومنذ ذلك التاريخ، دخلت رواندا مجال الدعم البريطاني، وأصبحت تحصل، كل عام، على مبلغ مالي بقيمة 111 مليون دولار، بعنوان مساعدات على التنمية، وفقا للسلطات البريطانية في كيغالي.

كارامبيزي عقّب على الجزئية الأخيرة بالقول إنّ “المساعدات الدولية، وخصوصا المتأتّية منها من بريطانيا، تمثّل حوالي 40 % من ميزانيتنا، وذلك منذ 5 سنوات. ومنذ 2012، تقلّصت هذه النسبة نوعا ما، إلا أن ذلك لا يعني أنّ العلاقات بين البلدين لم تكن على ما يرام، ووقف البي. بي. سي لم تكن له، رسميا، تداعيات على علاقات الصداقة بين الجانبين، غير أنّ تبعات هذا الاعتقال من شأنها أن تبعثر العلاقات الدبلوماسية. ومع ذلك، يبقى من المبكّر جدا قول هذا”.

وفي مايو/ أيار الماضي، حظرت كيغالي شبكة الـ “بي. بي. سي” البريطانية، على خلفية بثّ الأخيرة لشريط وثائقي أبرز مسؤولية السلطات الرواندية في الإبادة الجماعية العام 1994.

أما الروانديون، فقد وصفوا اعتقال كاراكي بـ “التعسفي وإهانة للشعب الرواندي”، كما تظاهر حوالي 300 شخص، أول أمس الأربعاء، أمام السفارة البريطانية في كيغالي، مطالبين بـ “الإفراج على رئيس مخابراتهم”. وردد المتظاهرون شعارات من قبيل “إهانة الأفارقة غير مقبولة”، و”أفرجوا عن الجنرال”.

ومن جانبها، لم تعقّب السلطات البريطانية على ما حدث، مكتفية بالقول إنّ إعتقال المسؤول الرواندي يستجيب لـ “إلتزامات قانونية”، مشدّدة على أنّ بريطانيا ستظل على الدوام شريكا “مقرّبا” من رواندا”.

وفي أبريل/نيسان 1994، شن القادة المتطرفون في جماعة الهوتو التي تمثل الأغلبية في رواندا، حملة إبادة ضد الأقلية من توتسيي. وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل ما يربو على 800 ألف  شخص واغتصبت مئات الآلاف من النساء، بحسب أرقام الأمم المتحدة.

إغلاق
إغلاق