مال وأعمال

سيارات الغاز توفير بالميزانية وصعوبة بالتطبيق

19

ما إن أعلنت إمارة ابوظبي تحرير أسعار الوقود ليرتفع البنزين بنحو 24%، بدأ المواطن الكويتي يتحسس «جيبه»، خوفا من انتقال العدوى إلى الكويت، في ظل دعوات حكومية لرفع الدعم عن البنزين وتحرير الأسعار، وذلك من اجل إصلاح منظومة الدعم .

ومن ضمن البدائل التي ستطرحها الحكومة على المواطنين في حالة اتخاذ قرار برفع الدعم عن البنزين، مبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين والديزل، وتطبيق المبادرة على سيارات النقل العام كالأتوبيسات بالإضافة إلى تاكسي العاصمة كمرحلة أولى.

عدد من الاقتصاديين والخبراء النفطيين أجمعوا على صعوبة تطبيق المبادرة في الكويت في الوقت الراهن، نظرا لانخفاض أسعار النفط وعدم جاهزية البنية التحتية المحلية لإنشاء محطات وقود تعمل بالغاز الطبيعي.

ودعا الخبراء عبر«الأنباء» الى التفكير جديا في تحويل السيارات للعمل بالكهرباء بدلا من الغاز أو البنزين، خاصة أنها أكثر حفاظا على البيئة ويمكنها السير حاليا لمسافات طويلة.

وعلى الرغم من تأكيد عدد من الاقتصاديين صعوبة تطبيق تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي في الكويت، إلا انهم شجعوا المبادرة، مشددين على أن استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات من الأمور المستهدفة لكثير من دول العالم، حيث ان تلك التكنولوجيا تحمل العديد من المميزات في مقدمتها الحد من فاتورة دعم المحروقات سنويا والتقليل من التلوث البيئي، كذلك تعمل على تقليل تكلفة تسيير السيارات للكيلو متر الواحد بنصف تكلفة البنزين تقريبا.

وأجمعوا على أن محدودية إنتاج الغاز الطبيعي ولجوء الكويت إلى استيراد الغاز المسال خلال فترة الصيف سنويا قد يحول دون إتمام المشروع.

وأكدوا أن بقاء أسعار البنزين عند المستوى الحالي من دون رفع الدعم وتحرير الأسعار قد لا يشجع الكثير على تبني مبادرة التحول للغاز الطبيعي.

وفيما يلي التفاصيل:

في البداية، قال مدير دائرة الأبحاث السابق في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوپيك) والرئيس التنفيذي للشركة الكويتية للمواد الحفازة د.حسن قبازرد ان تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي صعب تطبيقه في الكويت ويحتاج إلى إرادة حكومية وعمل جاد قد يستمر إلى سنوات.

وأوضح قبازرد أن هناك عددا من الإشكاليات تواجه فكرة تحول السيارات للعمل بالغاز الطبيعي أولها محدودية إنتاج الغاز الطبيعي ولجوء الكويت إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال خلال فترة الصيف لمحطات توليد الكهرباء، مبينا أن الإشكالية الثانية تتلخص في الكلفة المالية المرتفعة لإنشاء محطات وقود تعمل بالغاز الطبيعي.

وفي الوقت الذي تكهن فيه قبازرد بصعوبة تطبيق تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، إلا انه أشاد بتجارب العديد من دول العالم والتي تحولت تدريجيا للعمل بالغاز الطبيعي والكهرباء مثل ألمانيا التي استطاعت أن تحول كل سيارات التاكسي في العاصمة برلين للعمل بالبطاريات الكهربائية وكذلك اليابان التي تمكنت من تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي.

وفي سؤال حول مدى ايجابية تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي من الناحية البيئية، أشاد قبازرد بالفكرة من حيث المحافظة على البيئة بدلا من حرق الغازولين.

وذكر ان استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات يعتبر من الأمور المستهدفة للدول شديدة الازدحام من حيث الكثافة المرورية للسيارات، فتلك التكنولوجيا تحمل من المميزات ما يجعلها تناسب التقليل من التلوث البيئي، كذلك تعمل على تقليل تكلفة تسيير السيارات للكيلومتر الواحد بنصف تكلفة البنزين تقريبا.

إلى ذلك، قال قبازرد ان سائقي التاكسي عالميا يتسابقون على الاستعانة بنظام تسيير محركات سياراتهم بالغاز المضغوط بجانب النظام الأصلي لمحركات سياراتهم بهدف الاستفادة من الفارق الكبير في أسعار الغاز مقارنة بأسعار المحروقات الأخرى.

بنية تحتية

من جانبه، اتفق الخبير النفطي د.خالد بودي مع رأي د.حسن قبازرد على صعوبة تطبيق تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي من الناحية العملية والتي ستحتاج إلى بنية تحتية كبيرة في كل مناطق الكويت تشمل خطوط أنابيب لنقل الغاز ومحطات للتزود بالغاز الطبيعي.

وأوضح بودي أن الدولة مطالبة بدراسة مخاطر العمل بالغاز الطبيعي في السيارات للحيلولة دون حدوث انفجارات، سواء في المحطات أو السيارات العاملة بالغاز.

وقال انه بالنسبة لموضوع الأمان والسلامة فإنه يمكن السيطرة عليه من خلال تحسين وتطوير التصميم والتصنيع للسيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي.

وذكر بودي أن انتشار سيارات الغاز الطبيعي محدود على مستوى العالم، حتى إن الدول التي تعاني من نقص كميات البنزين والديزل لم تتوجه كليا إلى استخدام الغاز.

الوقت غير مناسب

من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي محمد النقي إن الوقت غير مناسب حاليا لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين وذلك لعدة عوامل تتمثل في التكلفة العالية والظروف الحالية التي تمر بها المنطقة من انخفاض لأسعار النفط.

وأضاف أن الفكرة جيدة ولكن كان من المفترض طرحها والعمل على تنفيذها في وقت الرواج العالمي لأسعار النفط.

وأشار إلى أن تحويل السيارات للعمل بالغاز يحتاج إلى إمكانيات وتجهيزات ذات كلفة عالية، والوقت الحالي غير مناسب لرفع مصروفات الدولة على ذلك الأمر في ظل وجود أولويات للنهوض باقتصاد الدولة من مشاريع تنموية البلاد في حاجة لتنفيذها.

السيارات الكهربائية

بدوره، استعرض الخبير الاقتصادي د. سعود الفرحان تجربة الدول الأوروبية في تحويل سياراتها للعمل بالغاز، قائلا: انه يجب الاستفادة من تجارب تلك الدول قبل التوجه نحو التنفيذ.

وأوضح أن الدول الأوروبية استعانت بالغاز منذ أعوام ماضية، وكان الوقت مناسبا لتنفيذها، وإنما الوقت الحالي يستدعي التفكير نحو ما هو أكثر تطورا كالسيارات التي تعمل بالكهرباء.

وقال إن الفكرة جيدة ولكن تطبيقها يحتاج إلى سنوات طويلة، مبينا انه من الأفضل اللجوء إلى السيارات التي تعمل بالكهرباء على اعتبار أن مميزات العمل بها أفضل من الغاز من جميع النواحي الفنية.

الطاقة البديلة

بدوره، اعتبر عضو المجلس الأعلى للبترول محمد الهاجري أن تحويل السيارات الى العمل بالغاز الطبيعي صعب خاصة في الوقت الحالي، نظرا لعدة أمور من أهمها الكلفة والتجهيزات غير المتوافرة في الوقت الراهن لإتمام عملية التنفيذ.

ورأى الهاجري أن ما تمر به الأسواق العالمية من حالة عدم الاتزان وصعوبة تحديد بوصلتها المستقبلية يستدعي العمل على دراسات أكثر تطورا خاصة فيما يتعلق بمجال الطاقة البديلة، والاستعانة بالتجارب الأجنبية للاطلاع على ما هو مفيد لتطبيقه في الكويت.

مصر أول دولة حولت سياراتها للغاز وأبوظبي أول المتجهين بـ «التعاون»

كيف تتجه الدول الخليجية والعربية للتحول للغاز؟

تعتبر مصر من أولى الدول التي تحولت الى استخدام الغاز الطبيعي بالسيارات وذلك منذ نحو 15 عاما، حيث أعلنت الحكومة المصرية في ذلك الوقت اهتمامها بالمحافظة على البيئة والحد من التلوث وذلك بتحويل الباصات والسيارات الى استخدام الغاز الطبيعي بدلا من البنزين والسولار.

وقد نجحت تجربة استخدام الغاز في السيارات اقتصاديا وبيئيا وتم تحويل آلاف السيارات للعمل بالغاز الطبيعي كما انتشرت محطات تموين السيارات في مناطق كثيرة بالبلاد، وكذلك خصصت هيئة النقل العام بمصر في عدة محافظات كراجات متعددة بمساحات شاسعة تتضمن محطات تموين خاصة للباصات التي تعمل بالغاز الطبيعي بالاضافة الى خطة تحويل أسطول هيئة النقل العام الذي يتضمن 4200 أوتوبيس للعمل بالغاز.

وكانت إمارة أبوظبي قد اعتمدت الاسبوع الماضي مبادرة طموحة لتحويل السيارات العاملة بالبنزين والديزل الى استخدام الغاز الطبيعي المضغوط بدلا منه، ويأتي ذلك بعد تحرير الإمارات لأسعار الوقود بداية الشهر الجاري ليرتفع البنزين بنحو 24% بينما تراجع سعر الديزل 29%.

وبحسب موقع «العربية نت»، فإن مبادرة أبوظبي تتضمن إنشاء 84 محطة توزيع مختصة بتزويد السيارات بالغاز الطبيعي المضغوط خلال 5 سنوات، بخطة مرحلية تبدأ من 22 محطة في 2015، ثم بناء 28 محطة في 2016، بالاضافة إلى انشاء 34 محطة بين 2017 و2020.

وبحسب مسؤولين اماراتيين، فإن نتائج هذه المبادرة ستنعكس على الدولة والأفراد والبيئة على حد السواء، حيث ستستطيع الامارات توفير مشتقات البنزين والديزل وتصديرها في مقابل استخدام الغاز الطبيعي، أما بالنسبة للبيئة فيخفض تحويل السيارات إلى الغاز من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 29%، كما أن تحويل 1000 سيارة الى العمل بالغاز يعادل الحفاظ على أكثر من 22 ألف شجرة.

أما الأفراد فسوف يوفرون نحو 30 درهما عندما يسافرون بالسيارة من دبي إلى أبوظبي.

وتقول الدراسات إن تحويل السيارة الصغيرة ذات الأربع اسطوانات أو 4 سلندرات تكلف نحو 6 آلاف درهم أي نحو 1600 دولار فقط ويمكن استرداد هذه التكلفة في فترة بين 6 أشهر وسنة وذلك بحسب فترات القيادة نتيجة فارق الأسعار بين الغاز والبنزين، أما السيارة الكبيرة ذات الثماني اسطوانات فيكلف تحويلها 8 آلاف درهم.

الملا: تزويد السيارات بالغاز كوقود فكرة يحتاج تنفيذها إلى وقت

قال امين سر اتحاد وكلاء السيارات ورئيس مجلس ادارة شركة الملا العالمية لتجارة السيارات عبدالله نجيب الملا ان الدول الاوروبية تستخدم أكثر من وقود لتزويد سياراتها خصوصا الغاز الطبيعي الذي يعتبر الافضل في المحافظة على البيئة، كونه الافضل اقتصاديا من نوعيات الوقود الأخرى.

وقال ان الكويت متأخرة في هذا الاتجاه، وان لديها من الغاز الطبيعي ما يؤهلها لتزويد سياراتها للعمل به ويكون كرافد اضافي للوقود الحالي سواء أكان ديزل او بنزين.

واشار الى ان مثل هذه الاستثمارات تحتاج الى دراسات مستفيضة للتعديل على منظومة امداد وتزويد السيارات بالوقود، في محطات التزود بالوقود او تحويل السيارات نفسها، بالاضافة الى امكانية تنفيذ ذلك وتقبله من قبل المستهلك من جانب آخر، والذي يشكل أحد عناصر نجاح طرفي المعادلة.

وتوقع في حال اتخاذ هذا الاتجاه مسار الجدية والعمل به ان يستغرق بعض الوقت في قبول هذه الفكرة واستخدامها بشكل فاعل، مؤكدا انه في هذه الحالة يمكن لوكلاء السيارات في الكويت استيراد سيارات هجينة تعمل بنظام التزود بالغاز بالاضافة الى نوع أساسي آخر من الوقود الديزل او البنزين.

واشار الى ان رخص ودعم الطاقة في الكويت سيكون أحد ابرز التحديات التي يمكن ان تعرق العمل في هذا الاتجاه.

 

إغلاق
إغلاق