مجلس الأمة

قانونيان: قرار مكتب المجلس تشكيل لجنة للنظر في أحداث جلسة الافتتاح يتفق مع اللائحة والدستور

حسما للغط الدائر حول قرار مكتب مجلس الأمة تشكيل لجنة للنظر في أحداث جلسة افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي السادس عشر، أكد خبيران قانونيان صحة الإجراء الذي اتخذه مكتب المجلس وتوافقه مع اللائحة البرلمانية.

في هذا الإطار اكد المستشار د ..خليفة الحميدة أن اللائحة الداخلية نصت على وجود مكتب المجلس، وذلك حتى يبتعد الرئيس عن الانفراد بسلطة القرار كون المجلس شعبيا.

وقال الحميدة ان من مهام مكتب المجلس أن أي عضو لديه مشكلة اجرائية بإمكانه رفعها إلى المكتب الذي سيكون مخولا بالبت فيها وذلك حسب الأصول اللائحية، أو تشكيل لجنة داخلية من اعضائه للنظر بها وهذا دوره الأساسي.

وأضاف أن مثل هذا الاجراء كان في عدة مسائل، وله سوابق للنظر في أمور سابقة أحدها قضية تقديم الاسئلة والفصل فيها من حيث دستورية تقديمها.

وزاد الحميدة بقوله إن رئيس المجلس إذا وجد شائبة دستورية فإنه يعرض الأمر على مكتب المجلس، ثم يعود الموضوع إلى المجلس للتصويت عليه دون نقاش.

وأضاف أن قضية تشكيل لجان التحقيق البرلمانية فكرتها الاساسية هي الرقابة على أداء الوزراء والحكومة بشكل كامل، ولا تذهب في اعمالها على المجلس نفسه.

من جانبه، قال المحامي خالد دليل الجويسري ان الإجراء اتخذه مكتب المجلس بتشكيل اللجنة المذكورة يتفق مع اللائحة والدستور.

واضاف الجويسري خلال حديثه لـ «الأنباء»: نصت المادة (117) من الدستور على ان: «يضع مجلس الأمة لائحته الداخلية متضمنة نظام سير العمل في المجلس ولجانه» واستنادا الى هذا التفويض الدستوري وضع مجلس الأمة اللائحة الداخلية الصادرة رقم 12/1963 التي تضمنت نظام سير العمل بالمجلس، وإذا كانت اللائحة صادرة استنادا الى ذلك التفويض الدستوري فقد أضحت مكملة لأحكام الدستور وغدت وثيقة ذات طبيعة دستورية تأخذ حكم القوانين الأساسية وذلك في حدود التفويض الدستوري، وقد خصصت اللائحة المشار إليها الفصل الثالث منها بعنوان «مكتب المجلس» وحرصت المادة (32) منها على النص على تكوين مكتب المجلس من الرئيس ونائب الرئيس وأمين السر والمراقب ورئيس كل من لجنة الشؤون التشريعية والقانونية ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية ولجنة الأولويات بمجرد انتخابهم، وبعد ان ابانت المادة (32) تكوين مكتب المجلس جاءت المادة (39) وجرى نصها على أن: «يختص مكتب المجلس بالأمور الآتية:

– أن يضع في شؤون المجلس الادارية والمالية وموظفيه القواعد والأحكام المنظمة لها، وفيما عدا ذلك تطبق القوانين واللوائح السارية بهذا الشأن، وله ممارسة الصلاحيات المقررة ل‍مجلس الوزراء ومجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة المدنية ووزير المالية في ذلك. والنص واضح الدلالة على – ان مكتب مجلس الأمة يختص بممارسة الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح لمجلس الوزراء ومجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة العامة ووزير المالية بما لازمه الرجوع الى هذه القوانين واللوائح وبخاصة تلك التي تنظم صلاحيات مجلس الوزراء ومجلس الخدمة المدنية وديوان الخدمة العامة لمعرفة احكامها ومداها ومن ثم الوقوف على صحة ما اتخذه المجلس من اجراءات حيال المسألة المثارة.

أولاً: بشأن الصلاحيات المحالة على صلاحيات مجلس الوزراء: جاء باللائحة الداخلية لمجلس الوزراء التي صدرت بجلسة رقم 48/63 المنعقدة بتاريخ 11/11/1963 ان لمجلس الوزراء تشكيل لجنة مؤقتة لدراسة موضوع معين ويحدد لها وقتا للانتهاء من عملها، وله ان يشكل لجنة دائمة لتحضير مواضيع معينة لمجلس الوزراء والتقدم بتوصياتها، ويعين المجلس لكل لجنة يشكلها ولا يقل اعضاؤها عن ثلاثة رئيسا يكون مسؤولا عن اعمالها امام المجلس.

ومن ذلك يتضح ان: مكتب مجلس الامة بما له من صلاحيات مقررة لمجلس الوزراء يكون له الحق في تشكيل لجنة لدراسة موضوع معين.

ثانياً: في شأن الصلاحيات المحالة على صلاحيات ديوان الخدمة المدنية:

جاء المرسوم الاميري رقم 10/1960 وتعديلاته بقانون ديوان الخدمة المدنية ونص على صلاحيات ديوان الخدمة المدنية على النحو الآتي:

1 – الاشراف على شؤون الموظفين والمستخدمين.

2 – طبقا للمادة الثانية – عاشرا: وضع النظم الخاصة بمتابعة الجهاز الاداري ومعالجة الشكاوى بهدف الكشف عن المخالفات والمعوقات التي قد تظهر عند تنفيذ القانون واقتراح الوسائل اللازمة لتفاديها.

3 – وطبقا للمادة الثالثة: في سبيل ممارسة الاختصاص ندب من يرى ندبه من موظفيه لاجراء الابحاث اللازمة في الدوائر المختلفة وله حق الاطلاع على الاوراق والسجلات وطلب البيانات التي يرى ضرورة لطلبها.

4 – وطبقا للمادة السادسة: تعيين الموظفين والمستخدمين والعمال وترقيتهم وإجازتهم وتأديبهم. ومن ذلك يتضح ان: مكتب مجلس الامة بما له من صلاحيات تماثل ما لديوان الخدمة المدنية يكون هو المختص ومن حقه الاشراف على شؤون الموظفين والمستخدمين بالمجلس من موظفي ومستخدمي الشؤون الادارية والمالية وشؤون الموظفين والمخازن من امناء عموم ومساعدي الامناء وافراد الحرس الخاص بالمجلس ونظامهم والاشراف على تنفيذهم قوانين ولوائح التوظيف ومراقبة تطبيقهم لها وله في ذلك متابعتهم ومعالجة اي شكوى تقدم بهدف الكشف عن أي مخالفة وله سلطة تعيينهم وترقيتهم ومنحهم الإجازات وتأديبهم.

ثالثا: في شأن الصلاحيات المحالة على صلاحيات مجلس الخدمة المدنية:

جاء المرسوم بالقانون رقم 15 /1979 بشأن الخدمة المدنية تحت تخصيص أحكام تمهيدية وحرص في المادة الاولى منه على ان ينص على أنه:

1 – يعمل بأحكام هذا القانون فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية للخدمة المدنية ويعمل بنظام الخدمة المدنية الذي يصدر بمرسوم فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون.

2 – وتحت تخصيص مجلس الخدمة المدنية – جاءت المادة الرابعة من المرسوم وبعد ان بيّنت في فقرتيها الاولى والثانية إنشاء مجلس الخدمة المدنية، وأداة هذا الإنشاء جاءت الفقرة الثالثة من ذات المادة ونصت على: «للمجلس أن يشكل لجانا سواء من أعضائه او من غيرهم لدراسة او متابعة الموضوعات التي يحيلها إليها».

ونزولا على حكم المادة الاولى من المرسوم بالقانون سالف الذكر وبالرجوع الى المرسوم في شأن نظام الخدمة المدنية يبين ان المادة 62 جاءت ونصت على ان: «يختص مجلس الخدمة المدنية بتأديب شاغلي مجموعة الوظائف القيادية.. وللمجلس إحالة الموضوع الى لجنة تشكل من أعضائه لدراسته واقتراح القرار المناسب».

وأجازت الفقرة الثانية من المادة للجنة ان تستعين بآراء من تختاره من غير أعضائها، كما يجوز لها ان تكلف احد أعضائها او غيرهم لاستكمال التحقيق، ونصت الفقرة الاخيرة من المادة على عرض اقتراحات اللجنة على المجلس نفسه لإصدار قراره الذي قضت بنهائيته.

ومن ذلك يتضح ان مكتب مجلس الأمة بما له من صلاحيات تماثل ما لمجلس الخدمة المدنية يكون هو المختص بتأديب موظفيه ومستخدميه وله في هذا الشأن تشكيل لجان تحقيق من بين أعضائه قبل إصدار قرار بشأنها، ولهذا اللجنة الاستعانة بآراء من تختاره من غير أعضائها وتعرض قراراتها على المكتب الذي يكون قراره في هذا الشأن نهائيا.

هذا وطالما ان النص واضح الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفه او يقيده او يزيد عليه لما في ذلك من استحداث حكم مغاير لمراد الشارع عن طريق التفسير او التأويل بما لا تحتمله عباراته الصريحة، فلا مجال للاجتهاد مع وضوح تلك العبارة.

وبالإضافة الى ما تقدم: نصت المادة 30 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة على انه: «الرئيس هو الذي يمثل المجلس في اتصاله بالهيئات الأخرى ويتحدث باسمه ويشرف على جميع أعماله ويراقب مكتبه ولجانه، كما يتولى الإشراف على الأمانة العامة للمجلس، ويرعى في كل ذلك تطبيق أحكام الدستور والقوانين وينفذ نصوص هذه اللائحة ويتولى على وجه الخصوص الأمور التالية:

أ – حفظ النظام داخل المجلس، وبأمره يأتمر الحرس الخاص بالمجلس، وللرئيس في هذه المهمة ان يطلب معونة رجال الشرطة إذا اقتضى الأمر ذلك.

ب – رئاسة جلسات المجلس.

ج – تحضير ميزانية المجلس وحسابه الختامي وعرضهما على مكتب المجلس لنظرهما ثم على المجلس لإقرارهما.

د – توقيع العقود باسم المجلس.

هـ – ان يمارس في شؤون المجلس وموظفيه الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح للوزير في شؤون وزارته وموظفيها.

و – وضع نظام حضور الزوار في جلسات المجلس، وله ان يأمر بإخراج الزائر لجلسات المجلس اذا تكلم في الجلسة او أبدى استحسانا او استهجانا بأي صورة من الصور، وله ان يتخذ الإجراءات القانونية ضده اذا كان لذلك محل».

ومفاد صراحة هذه النصوص مجتمعة أن قيام مجلس الأمة بتشكيل لجنة مؤقتة لاستجلاء الوقائع التي حدثت بالجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة وبحثها وتمحيصها قبل إصدار قرار بشأنها ليس إلا تطبيقا للقواعد القانونية التي بينتها التشريعات والنعي عليها بأي وجه من أوجه النعي لا يصادف صحيح القانون.

أما بشأن ما يثار عن تطبيق المادة (114) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة حيال المسألة المثارة، فإن المادة (114) التي جاءت ونصت على: (يحق لمجلس الأمة في كل وقت أن يؤلف لجان تحقيق أو يندب عضوا أو أكثر من أعضائه للتحقيق في أي أمر من الأمور الداخلية في اختصاص المجلس، ويجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات التي تطلب منها) لا تنطبق على هذه المسألة.

وذلك لأن لجان تحقيق المجالس التشريعية التي تعنيها هذه المادة هي وسيلة من الوسائل المقررة للمجالس التشريعية تزودها بها الدساتير في مواجهة السلطة التنفيذية حتى تستطيع ان تفرض رقابة فعالة على أعمالها وتلجأ إليها اذا تشككت بصحة المعلومات المعطاة من قبل الحكومة بمناسبة سؤال مقدم إليها، أو ما تكشف عنه المناقشة العامة في موضوع معين، او عند حدوث فضيحة سياسية مالية او مسألة عامة إدارية، وهذا حق وإن لم ينص عليه الدستور، لأن للسلطة الرقابية أن تسعى بكافة الوسائل التي تكفل لها سلطاتها الدستورية وهي على علم تام بوقائع الحال. ونتيجة طبيعية لحقها في اقتراح القوانين لأن منحها هذا الحق يتطلب تزويدها بالمعلومات الضرورية والصحيحة التي تمكنها من مباشرة اختصاصها، وليس ذلك سوى تطبيق لقاعدة مقررة شايعها الفقه وتبنتها التشريعات.

وقد سأل أحد اعضاء المجلس التأسيسي عن ماهية التحقيق الذي يجريه المجلس فرد عليه الخبير الدستوري الدكتور عثمان خليل عثمان أن التحقيق يتولاه المجلس ويجوز أن يكلف لجنة منه أو يكلف أحد اعضائه بأن يحقق في مسألة من المسائل الداخلية في اختصاصه يعني مثلا موضوع من الموضوعات الداخلة في مشروع يبحثه ويريد أن يتبين ما هي العقبات التي تقف في سبيل هذا المشروع حتى ينير الاعضاء فيجوز أن يذهب المحقق الى الوزارة المختصة ليأخذ المعلومات.

(محاضر المجلس التأسيسي جلسة رقم 21 بتاريخ 25/9/1962 ص 36)

وبالنظر إلى الأحداث التي وقعت وبالنظر إلى ما قدم بطلب السادة الاعضاء نرى أن صدور قرار بتشكيل لجنة تحقيق من قبل مكتب المجلس هو قرار صادر من مختص ويملك قانونا اصداره وفقا للمادتين (39، 30) من اللائحة، وعليه نرى صحة تشكيل اللجنة.

المصدر: الأنباء الكويتية

إغلاق
إغلاق