مقالات وكتاب
خادمة تبني مسجداً ومدرسة
بقلم: د. عصام الفليج
تفاجأت سيدة المنزل عندما جاءتها خادمتها الإندونيسية تطلب منها أي ملابس زائدة عن حاجتها، فتوقعت أن الملابس لها ولأسرتها، فبينت لها إنها لرواد المسجد من الفقراء والأيتام.
فقالت لها: أي مسجد؟!
فأجابت: لقد اقتطعنا أنا وأخواتي الاثنتين (وكلهن يعملن خادمات في الكويت) جزءا من راتبنا لبناء مسجد في قريتنا، وتم ذلك، ثم أكملنا مرافق المسجد من مواضيء، وبئر، وخزان ماء، وفرشنا المسجد، وزودناه بكل الخدمات الأخرى.
بعد ذلك بنينا فصولاً دراسية تتبع المسجد، لتحفيظ القرآن الكريم، والحديث الشريف، وتعليم اللغة العربية، للكبار والصغار، والنساء والرجال.
وبالفعل قد بدأت حلقات القرآن الكريم، ونود أن نرسل لهم ملابس نقدمها للمحتاجين.. وما أكثرهم، وبالأخص الأيتام. وأرتها صوراً لكل ذلك.
تبعثرت الكلمات من ربة المنزل، وهالها وهي صاحبة القدرة المالية إنها لم تصنع ما صنعوه الخدم، وانحدرت الدموع من عينيها، وبعد لحظات صمت لاستيعاب الموقف؛ قالت لها: سأساهم بمبلغ مالي لدعم مشروعكم، وسأقدم لكم ما تيسر من الملابس، وسأعمم ذلك على أخواتي أيضاً.
وعندما عاد الزوج الى البيت، أخبرته زوجته بذلك، فقال متحشرجا من هول الصدمة: سبحان الله.. سبقونا الفقراء الى الخير؟!! سأتكفل بقيمة شحن الملابس على نفقتي الخاصة، وسأخبر ربع الديوانية للمساهمة بالملابس. انتهى.
سبحان الله.. كثير منا اذا تبرع او عمل خيراً يشعر بالفخر والامتنان، ولعله يحدث نفسه بذلك فترة من الزمن، في حين أن خادمات فقيرات عملن بصمت عدة سنوات، حتى تحقق الإنجاز الكبير.
ولعلنا كثيراً ما نسمع – نحن معشر الرجال – من بعض الخدم في المساجد يجمعون التبرعات لبناء مساجد في قراهم، بدينار ودينارين، وكنت استبعد إنجازهم، لضعف التبرعات وعدم ثقة الناس، ولكن الحلم أصبح حقيقة.
انها البركة، وحسن النوايا، والصدق مع الله. وعلينا ألا نستصغر من المعروف شيئاً، ولا نحبط أحداً، ولا نقلل من شأن أحد، ربما يكون شأنه عند رب العزة كبير، ورب درهم سبق الف درهم.