مقالات وكتاب
جواهر آل المليفي
بقلم: جمال النصافي
“المليفي” أسم تكرر لأكثر من عائله كويتيه، إلا إنه ما أنفردت به عائلتنا لأكثر من قرنين، أن الله رزقها بذريه تعددت فيها النساء وأنفردت فيها الرجال”رجل وحيد”.
وقد رزقني الله بسته من الأخوات إناث وكنت أنا الذكر الوحيد بينهم، ولا أخفيكم سراً، كم تمنيت كما تمنى والدي وجدي من قبلي أن يكون لنا إخوه من الرجال، لنشعر بطعم الإخوه ويشعر أبنائنا بطعم العمومه وأبناء العمومه.
فسته من الإناث رزقني اللهم بهم هن في حقيقه الأمر
“سته جواهر”
عائشه ،بتله، جميله، حصه، منى وأخرهم خوله.
“سته جواهر” لم يظلم طريق أمامي بوجودهن، وكن السند الذي أتكأ عليه، والعين التي أرى بها، والسمع والعقل والقلب الذي ينبض بقيم وثوابت نشأنني عليها، كن الكنز الذي يعوض خسارتي، والعوض في كل كبوه أتعرض لها، كن مبعث أمل أرى فيه مستقبلي وأمان يحيط بكل خطوه لي، كن ضحكه كلما عبست دنياي، كن الفرح الذي ينجلي فيه الحزن.
وقد فقدت قبل عشرين عاماً مضت أكبر هذه “الجواهر” وكانت بمثابه أماً لي، واليوم فقدت أصغر هذه الجواهر وهي بمثابه بنتاً لي.
والتي سميت بخوله تيمنا بالصحابيه الجليله “خوله بنت الأزور” وكلنا يعرف مناقب الصحابية خولة بنت الأزور التي جعلت ذكرها يثير النساء المؤمنات ويتخذونها قدوة لهن، لجمالها وشجاعتها وشعرها وبسالتها “الفارس الملثم” وموقفها الشهير عندما أسر أخيها الفارس الكبير ضرار بن الأزور رضي الله عنه وأرضاه.
وإن أختلفت الظروف والأقدار في يومنا هذا، إلا أن “خوله” من فقدتها بالأمس لهي أسم على مسمى،فقد حملت ماهو أمضى من السيف، وهو بر والديها وضحت وأفنت عمرها في خدمتهما والقيام عليهما، ضحت بالزوج والابناء كغيرها من النساء وتركت دراستها ووظيفتها، لأجل برهما القيام عليهما الذي كان شغلها الشاغل،لم تخشى من الدهر ونوايبه،لم يشغلها المستقبل، ولم تلهها الدنيا باغراءاتها، كغيرها من بنات جلدتها، بل لم تكتف بذالك،وذهبت لتربيه أبناء أخواتها وأخيها، والقيام عليهم،حتى باتت أمهم التي لم تلدهم، فكانو هم الامل والمستقبل والإستثمار الحقيقي لها،ضحت بمالها وبكل ما تملكه لأجل أخيها،وتقبل يديه في لحظاتها الأخيره، لتشكره على كل ماقدمه لها وتطلب منه الصفح عما بدر منها، وبالأمس حل قضاء الله وقدره، ولكل أجل مسمى،ففقدت هذه الجوهره الثمينه بعد سنين من معانتها مع مرض عضال،لم يثنيها عن القيام بكل ما سلف ذكره، ووالله لأني أجدها” خوله بنت الأزور”.
واليوم حتى وهي في قبرها أراها شمعه مضيئه لنا جميعاً، ضاربه لنا أروع الأمثله، بالعطاء والحب والتضحيه والإيمان الصادق بربها العلي القدير.
اليوم قد يجف دمع العين، إلا أن القلب سيستمر بالنزيف لفقدها، إلى أن نلقاها في الفردوس الأعلى وعسانا أن نصل ربع مواصيلها.
رحم الله خوله المليفي وغفر لها وأسكنها فسيح جناته