مقالات وكتاب
والآن.. من المتطرف.. البيئة أم «الأوقاف»؟!
بقلم : عصام عبداللطيف الفليج
قضيتان أشغلتا الرأي العام بافتعال ومبالغة، تشير إلى الغلو والتطرف من بعض الأطراف، بقصد أو تلقائية، وتستحق من المسؤولين والقياديين الوقوف عندها.
القضية الأولى: حملة الهجوم على وزارة الأوقاف باتهامها بانتقاص المرأة، وانتقاد الإلحاد، بردة فعل من كلمة قالتها امرأة دون التثبت من كلامها، فأصدرت المؤسسات والرموز الليبرالية بيانات تنتقد فيها الوزارة بعناوين واتهامات يكون التطرف تلميذا عندهم، وأعجب ممن وصلوا إلى هذا العمر وقد تركوا التأني والحكمة جانبا، واندفعوا بحماسة الشباب في نقدهم.
أنا أعرف أن هذا التيار مشحون تلقائيا من المتدينين، حتى لو كان الليبرالي مع أخيه المتدين في البيت ولم ير منه شيئا، إلا أنه في الخارج ينتقد المتدينين بقوة دون دليل سوى الكره والحقد. فمن سمع وقرأ الخطبة لا يجد كل ما قيل من تهم، بقدر ما فيها من موعظة ونصح وتوجيه عام، لكنهم لم يقرؤوا ولم يسمعوا سوى تحفيز القلب بالعداء المفرط والمغالي.
ورغم توضيح المسؤولين في الوزارة بكل التفاصيل، إلا أنهم استمروا في غيهم، مما يؤكد أن العملية شخصية وليست دينية ولا ثقافية ولا حرية كما يزعمون.
والآن.. من المغالي يا ترى؟ ومن المتطرف قولا وفعلا وسلوكا؟!
أحبابنا المتلبرلين.. هونوها وتهون، صدقوني ما في شيء يسوى كل هذا العداء المستفحل، خصوصا من الحرس القديم، ترى كلنا أهل وأصدقاء، فما تقومون به هو من الكبر، وليس فيه شيء من العقل ولا التواضع. وثقوا تماما.. لن تكسبوا شيئا، ولن يخسر غيركم شيئا، والكاسب الوحيد هو التيار الخفي في الدولة العميقة الذي يوجه كل هذه الاختلافات إلى خلافات يقتات منها لاستمرار بقائه وسيطرته. لعلكم تستمتعون الآن ببعض المناصب والدعم المادي والإعلامي، لكن ثقوا بأنهم سينقلبون عليكم في أول فرصة، والتاريخ شاهد على ذلك.
أما القضية الثانية: فهي افتعال خلاف واحتكاك بين موظف هيئة البيئة ومدير مدرسة، فالموضوع غاية في الغرابة، فجميعنا يعلم أنه لا يحق لأحد الدخول إلى المدارس إلا بإذن المدير أو المنطقة التعليمية، وإلا لعمت الفوضى، فهل أعلنت هيئة البيئة عن حملة تفتيش في المدارس؟ وهل نسقت مع وزارة التربية قبل ذلك؟
والسؤال الأهم الذي يهم كل مواطن.. هل انتهت كل المخالفات البيئية الحقيقية في البر والبحر والجو، التي تدمر البيئة بمجملها، وهل تمت السيطرة عليها، لتنتقل الهيئة للمدارس والمباني الإدارية للدولة؟!
كما أن نشر الخبر بين وسائل الإعلام دون إجراء تحقيق، فيه ظلم وتعد، أيا كان المخطئ.
حدث العاقل بما عقل، فإن كانت هناك ثمة مشاكل شخصية، فلا ينبغي زج العمل التربوي فيها، وأدعو وكيل وزارة الداخلية للتعميم بأن تكون الشكاوى من خلال المناطق التعليمية فقط، وبحضور الممثل القانوني لها، فليس من اللائق جرجرة مدير مدرسة أو معلم إلى مخفر أو جهة أمنية بهذه الطريقة، ففي ذلك إهانة له، خصوصا إذا ثبت عدم صحة إدانته، فمن يعوضه كرامته، ويعيد له هيبته وشخصيته أمام المعلمين والطلبة وأولياء الأمور؟!
والآن من المتطرف.. البيئة أم التربية أم الداخلية؟!
أحبابنا في البيئة والتربية والداخلية.. هونوها وتهون، صدقوني ما في شيء يسوى كل هذا العداء، ترى كلنا أهل وأصدقاء وأقارب، وثقوا تماما.. لن تكسبوا باختلافكم شيئا، ولن يخسر غيركم شيئا، والكاسب الوحيد هو نفس الكاسب في الخلاف السابق!