مقالات وكتاب

«قمة القدس».. تكرار أم انطلاقة أمل جديد؟

بقلم : عصام عبداللطيف الفليج

أصبحت القمم العربية لقاءات مكررة المطالب، ومتشابهة البيانات الختامية، ورغم عدم تعلق الناس بها كما كان في السابق، إلا أنها تبقى المتنفس الأخير لإبقاء هذا الكيان على قيد الحياة، وبانتظار من ينعشها كهربائيا أو بقبلة الحياة!

أما الدورة 29 لمؤتمر القمة العربية التي عقدت في الظهران بالمملكة العربية السعودية أول من أمس، فقد أعادت الأمل بإطلاق الملك سلمان بن عبدالعزيز عليها «قمة القدس»، فكانت بداية خير.

ورغم أن الأوضاع السياسية في المنطقة ملبدة بالغيوم، فإن كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وضعت إشارات لمواضع الضعف، وسبل معالجتها والتعامل معها، منبها إلى أن هذه الخلافات قد «تضعف من تماسكنا وقدرتنا على مواجهة التحديات والمخاطر المتصاعدة التي نتعرض لها، وتتيح المجال واسعا لكل من يتربص بنا ويريد السوء لأمتنا».

وأشار سموه إلى خطورة الاستمرار بهذا النهج السلبي لدرجة الجمود، حيث قال: «ومازال عملنا العربي المشترك يعاني جمودا، إن لم أقل تراجعا وشللا في بعض الأحيان»، مطالبا بتدارس آليات العمل المشترك لتحديد الخلل والقصور.

وشرح في كلمته الأوضاع السورية، التي وصلت إلى كارثة إنسانية عالمية غير مسبوقة، فالقتلى والجرحى والمشردون بازدياد متسارع، كارثة كشفت عجز المجتمع الدولي، وقالها بكل صراحة: «وبكل أسف يتعامل بمعايير مزدوجة، فهذا المجتمع يندد ويستنكر وقد يتخذ بعض الإجراءات لانفجار يحدث هنا أو هناك ويكون ضحيته شخصا أو شخصين، ولكنه يقف في نفس الوقت عاجزا عن الإدانة والاستنكار واتخاذ الإجراءات أمام مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين في سورية الشقيقة»، وهذا ما جعل الكويت تقف لتتحمل مسؤوليتها الإنسانية، ولم ولن تتردد في «الوفاء بالتزاماتها الإنسانية لمساعدة الأشقاء والتخفيف عليهم من آثار أوضاعهم الإنسانية التي يعيشونها».

وأعلن قلقه وانزعاجه من استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، مشيرا إلى التصعيد الغربي المتمثل بالضربات الجوية التي جاءت لهذا السبب، مؤكدا «أن هذه التطورات أتت نتيجة عجز المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن، عن الوصول إلى حل سياسي للصراع الدائر في سورية»، داعيا أعضاء المجلس بشكل مباشر «للوفاء بمسؤولياتهم التاريخية في حفظ الأمن والسلم الدوليين».

وأدان سموه الهجمات الصاروخية المتكررة على السعودية من اليمن، مشيدا بجهود المملكة مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية، والدور الإنساني الرائد لدول التحالف لمعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن الشقيق.

وكما هي العادة في كلمات سمو الأمير حفظه الله بأن يخصص جزءا رئيسيا من كلماته لفلسطين، فقد أعلن استياءه البالغ من «قرار الإدارة الأميركية بنقل سفارتها إلى «القدس»، في مخالفة لقرارات الشرعية الدولية»، ودعاهم لمراجعة قرارهم، «والتزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية».

وأدان سموه «ما قامت وتقوم به إسرائيل من قمع لتفريق أشقائنا الفلسطينيين في غزة، الذين يمارسون حقهم في التعبير السلمي، والذي أدى إلى استشهاد العشرات منهم، وإصابة الآلاف»، ودعا سموه «المجتمع الدولي ولا سيما مجلس الأمن، للقيام بمسؤولياته لحماية المواطنين الفلسطينيين في غزة، ووقف هذا العدوان الإسرائيلي الآثم»، وهذه كلمة عليا تقف شامخة عندما صمت الآخرون.

وهكذا هي كلمات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.. واضحة وجلية، تنتقد الخطأ والقصور، وتقدم البدائل والحلول، عل وعسى نصل لخير الأمور، ومن هنا كانت بوادر الأمل في «قمة القدس».

ولنتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».

إغلاق
إغلاق