مال وأعمال
كيف جعلت «أوپيك» 2016 عاماً مميزاً في تاريخ سوق النفط؟
كان ما شهدته أسواق النفط العالمية على مدار أكثر من عامين من انهيار أسعار الخام كافيا ليدفع كبار المنتجين خلال 2016 للتعاون معا من أجل معالجة أزمة تخمة المعروض.
وبعد شهور من المحادثات، أخيرا نجحت «أوپيك» بقيادة السعودية وبالاتفاق مع عدد من المنتجين المستقلين على رأسهم روسيا، في إقرار خطة لخفض إمداداتهم النفطية للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية، وبمقدار 1.8 مليون برميل يوميا.
وبفضل هذه المجهودات، تتجه أسعار النفط لإنهاء عام 2016 أعلى مستوى 50 دولارا للبرميل، أي ضعف مستواها المسجل في يناير الماضي البالغ 27.10 دولارا للبرميل.
ومع إبرام الاتفاق يتوقع المنتجون والمحللون انخفاض المخزونات خلال العام القادم وتوازن العرض والطلب في الأسواق، وبشكل أو بآخر أسهمت هذه التحركات ونتائجها في إعادة «أوپيك» مجددا لصدارة المشهد في سوق النفط العالمي، بحسب ما رصدته «فاينانشيال تايمز».
أهم حدث خلال 2016
– تضررت ميزانيات الدول المنتجة بشدة جراء انهيار أسعار النفط، وقلصت الشركات العاملة في القطاع مليارات الدولارات من استثماراتها المستقبلية في محاولة بدت «يائسة» للحفاظ على تحقيق الأرباح.
– حتى السعودية التي دافعت في السابق عن ضرورة تلبية أي طلب، مهدت للانضمام لاتفاق من شأنه كبح الإنتاج، وهو ما مهد للوصول إلى الخطة المتفق عليها حاليا.
– بعد رفع العقوبات عنها، استعدت إيران لزيادة إمداداتها إلى الأسواق العالمية، تزامنا مع تحذيرات وكالة الطاقة الدولية من تفاقم تخمة المعروض النفطي، بينما كانت روسيا أكثر انفتاحا على خطة «أوپيك».
– يرى محللون أن أول خطوة على طريق تحقيق الانتعاش بالأسواق كانت الاعتراف بوجود مشكلة، لذا فأهم حدث خلال 2016 كان قدرة السعودية وروسيا على «تجاوز» الخلافات وتحييد السياسة من أجل مصلحة الجميع.
مراحل صياغة الخطة
– في فبراير، توصلت روسيا والسعودية إلى اتفاق مبدئي لتجميد إنتاجهما النفطي لكن كان من الضروري انضمام كبار المنتجين الآخرين، لكنه بدا هدفا بعيد المنال حتى خرج تماما عن مساره في محادثات الدوحة.
– كانت العقبة الأساسية في محادثات قطر خلال أبريل، عدم استعداد إيران للتوقيع على الاتفاق، حيث ركزت على رفع الإنتاج والصادرات إلى مستويات ما قبل فرض العقوبات الدولية، وهو ما عرقل مجهودات «أوپيك» للتصدي لكبح جماح الفائض العالمي.
– قبل الاجتماع التالي في يونيو، ظلت المنظمة منقسمة حول كيفية التعامل مع سوق النفط، تزامنا مع إعلان السعودية عن تولي م.خالد الفالح لمهام وزارة الطاقة الذي صرح علنا على ضرورة إدارة السوق مجددا.
توظيف المحادثات لدعم الأسعار
– نجحت «أوپيك» وروسيا في توظيف التدخل اللفظي لرفع أسعار النفط، من خلال الحديث عن تجميد الإنتاج وخفضه من المستويات القياسية، في الوقت الذي زادت فيه إمدادات النفط العالمية بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا.
– خلال اجتماع الجزائر في سبتمبر الماضي، تمكنت «أوپيك» من التوصل لاتفاق مبدئي لخفض الإنتاج، مع استثناء ليبيا ونيجيريا وإقرار وضع خاص لإيران.
– أبدت موسكو استعداداها للانضمام إلى المجهودات الرامية لرفع أسعار النفط وتحقيق التوازن بالسوق، شريطة أن ترى التزام «أوپيك» أولا بخطة محددة لتحقيق ذلك.
– رغم ذلك، بقى هناك المزيد من العمل لتحقيق الهدف، حيث استغرق الأمر أكثر من شهر لتوزيع حصص خفض الإنتاج، وهي عملية صعبة وتطلبت محادثات فنية مكثفة وتدخلات من أعلى المستويات في روسيا والسعودية وإيران.
السعودية قادت «أوپيك» لقيادة السوق
– في نهاية المطاف، ما كان سيتم التوصل للاتفاق ما لم تدفع السعودية الأمور في ذلك الاتجاه لتعود لإدارة دفة التحرك، وفي المقابل تحملت الحصة الأكبر من خفض الإنتاج رغم تساوي النسبة لدول «أوپيك» عدا المستثناة.
– طالبت السعودية بوضع حد أقصى للإنتاج الإيراني، والتوافق حول كيفية حساب حجم الخفض الذي طرأ على إنتاج باقي الدول لضمان امتثال جميع الأطراف للخطة وتحقيق التعاون مع المنتجين الآخرين.
– فوجئت الأسواق بنجاح «أوپيك» في إقرار الخطة بعدما تزايدت الادعاءات بعدم قدرة المنظمة على ممارسة العمل الجماعي، وعلى الرغم من أن المحللين لا يتوقعون امتثالا بنسبة 100% إلا أنهم يؤكدون أن «أوپيك» عادت مجددا.