مقالات وكتاب
وصايا تربوية.. لا تأخذوا مكانهم
بقلم: د. محمد المطيري
لذوي الاحتياجات الخاصة حقوق متعددة على مجتمعاتهم كما أن عليهم واجبات ، ويجب على الجميع داخل هذه المجتمعات حفظ هذه الحقوق وعدم التعدي على خصوصيات ذوي الإعاقة .
ومن مظاهر الاهتمام بذوي الإعاقة تخصيص أسهل وأقرب المواقف في مباني مؤسسات المجتمع المختلفة للمعاقين ، وهذا يعتبر دليلاً على رقي هذه المجتمعات وتحضرها ، وكذلك هذا بمثابة دليل على اهتمام هذه المجتمعات بأبنائها من ذوي الإعاقة .
لكن الخطأ والخلل يظهران عند عدم احترام البعض لتخصيص مثل هذه المواقف لأشخاص غيرهم ، فيستخدمونها لركن سياراتهم بلا مبالاة أو بلا إحساس وإدراكٍ أنهم يقومون بسلب حقوق غيرهم .
لا يشعر من يركن سيارته في الموقف المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة حجم الألم النفسي والبدني الذي ينتج عن هذا الفعل ووقعه على المعاق وذويه ، لقد خصص هذا الموقف للشخص ذي الاحتياجات الخاصة لقربه من المرفق الحكومي أو الأسواق أوالمجمعات التجارية ، فليس من حقي وحقك أن نسلبهم هذا الحق ، فبعض أبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يقوى على قطع المسافات الطويلة أو لا يتحمل صعود الأرصفة لاستعماله الكراسي المتحركة أو الأطراف الصناعية وربما الأجهزة التعويضية ، وغيرها من الأسباب التي تستدعي حاجة الشخص ذي الاحتياجات الخاصة للوقوف بمركبته بالقرب من البوابات الرئيسية لمختلف المباني العامة والخاصة ، فالمكان الملائم لهم هو الذي كفله لهم المجتمع لإدراكه أهمية هذا الحق وفائدة الالتزام به من قبلنا على الأفراد الذين يعانون من أحد ضروب الإعاقة ، ويجب أن يدرك الجميع داخل هذا المجتمع أن هذه الحقوق التي تمنح لذوي الاحتياجات الخاصة ليست تفضلاً أو مجرد شعارات إعلامية ، بل هي حقوق وقوانين يثنى على من التزم بها ، ويعاقب من تجاوزها .
لقد تساهل البعض في استغلال حقوق المعاقين ، وعدم الاعتراف بعظم ما اقترفه من خطأ وفضاعة استغلاله لحقوق الأفراد المعاقين .
وزارة الداخلية بدايةً من السنة الجديدة ستضاعف العقوبة لمن أقدم على اقتحام خصوصيات الغير والقيام باستخدام مواقف المعاقين . حقيقةً أحسن صنعاً من اتخذ هذا القرار لعله يكون رادعاً للمتساهلين وغير المبالين .
إن أغلب المجتمعات أدركت هذه الخصوصيات وغيرها لذوي الاحتياجات الخاصة دون مضاعفة للعقوبات ، فبمجرد ملاحظة اللوحة الزرقاء التي تحمل دليلاً على تخصيص الموقف وغيره للمعاقين يمتنع الفرد في المجتمعات المتحضرة عن استغلاله لأنه أدرك أن الهدف من وضع تلك العلامة أو اللوحة هو إعطاء الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم التي لا يستغنون عن توافرها في كل مرفق من مرافق المجتمع المحلي .
لقد تحدث العديد من أصدقائي المعاقين عن مدى هيبة تلك اللوحة في تلك المجتمعات ، فمهما بلغ الازدحام في مواقف أي مجمع تجاري أو مؤسسة حكومية وعلى الرغم من خلو موقف ذوي الاحتياجات الخاصة من السيارات ، على الرغم من هذا يخجل الفرد هناك من ركن سيارته في هذا الموقف ،لأنه أمر غريب ، وبمثابة تمرد على قوانين وأعراف وثقافة المجتمعات الراقية.
فكم نحتاج من الوقت لتنتقل تلك الأعراف الراقية إلينا ؟