مال وأعمال
«البترول» تُسيّل الأسهم والسندات العالمية لتمويل العجز
حسمت «مؤسسة البترول الكويتية» موقفها من المشاركة في تمويل العجز المالي في ميزانية الدولة والمقدرة بنحو 8.1 مليارات دينار خلال السنة المالية الحالية 2016/2015.
ووفقا لمصادر نفطية مسؤولة لـ«الانباء» فان المؤسسة مستعدة للمشاركة في تمويل العجز المالي بالتعاون مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وقالت المصادر ان لدى مؤسسة البترول الكويتية محفظة استثمارية من الاسهم تتراوح قيمتها المالية بين 16 الى 20 مليار دولار تدار من قبل الهيئة العامة للاستثمار كمدير للاستثمار طبقا للأسس والقواعد التي تحددها مؤسسة البترول، تقوم باستثمارها في سندات وأسهم عالمية تتم بالدولار واليورو، مشيرة الى ان تلك الاستثمارات ذات جودة ائتمانية عالية ومدرجة في أسواق الأوراق المالية العالمية، وستلجأ مؤسسة البترول الى سحب جزء من اموالها المستثمرة في الاسواق العالمية.
وكشفت المصادر ان «مؤسسة البترول» ستشارك في تسديد العجز حسب الإمكانيات المالية المتاحة خلال السنة المالية الحالية، مشيرة إلى أن المؤسسة تقوم حاليا بدراسة الوضع المالي وتحديد قيمة المشاركة في السندات والمبلغ المطلوب من قبل وزارة المالية.
وفي سؤال حول مدى توافر أموال سائلة لدى مؤسسة البترول، قالت المصادر ان المؤسسة لا تحتفظ بأموال سائلة ضخمة، حيث أن معظم أموال المحفظة المالية مستثمرة في سندات واسهم عالمية، ويتم تسييل جزء من المحفظة وفقا لخطوات تنفيذ المشاريع النفطية الكبرى، بالاضافة الى ان المؤسسة تحتفظ بسيولة بسيطة تكفي لعمليات القطاع النفطي.
ووفقا للتقديرات المالية لمؤسسة البترول للسنة المالية الحالية فانها تتوقع تحقيق أرباح فوائد من الاستثمار في الأوراق المالية من المحفظة الاستثمارية بقيمة 700 مليون دينار، فيما تقدر إيرادات المؤسسة وشركاتها التابعة بقيمة 15.7 مليار دينار.
وأشارت المصادر الى أن المؤسسة لن تشارك بجزء كبير في تغطية السندات الحكومية لاسيما وان القطاع النفطي لديه مشاريع نفطية ضخمة وتتزايد معدلات الإنفاق على المشاريع بوتيرة مرتفعة تدريجيا.
وذكرت المصادر أن لدى المؤسسة 38 مشروعا مدرجا ضمن خطة التنمية بقيمة 4 مليارات دينار يتوقع صرفها في السنة المالية الحالية وأبرزها مشروعي الوقود البيئي ومصفاة الزور.
وفي سؤال حول حجم فائدة السندات التي ستطرحها وزارة المالية واحتمالية انخفاضها عن عوائد المحفظة المالية للمؤسسة، قالت المصادر أن الاستثمار في السندات الحكومية أفضل ويكفي أنها «آمنة».
يذكر ان مؤسسة البترول قامت بانشاء المحفظة المالية من خلال مجمع استهلاك ومخصصات قانونية وعامة وأرباح مرحلة من سنوات ماضية بالإضافة إلى الأموال المرحلة من المشاريع المؤجلة للقطاع النفطي.
من جانب آخر قال مصدر مسؤول في وزارة المالية لـ «الأنباء» ان الحكومة ستلجأ في ملف الاقتراض لتمويل عجز الميزانية إلى السحب من الاحتياطي العام، على أن يكون إصدار السندات خيارا مؤجلا الى حين البت في ملف هذه السندات، على أن يظل خيارا للسنوات المقبلة في حال تفاقم العجز.
وقالت المصادر ان وزارة المالية تنتظر الآن ردود المؤسسات الحكومية وهي مؤسسة التأمينات الاجتماعية ومؤسسة البترول الكويتية لمعرفة حجم الأموال الفائضة لديها لتمويل سندات ستصدر فقط للجهات الحكومية كما ذكرت «الأنباء» الأحد الماضي.
وتنتظر وزارة المالية تمويل هذه السندات التي ستكون أشبه بأذونات الخزانة الصادرة عن بنك الكويت المركزي، حيث انتهى الرأي الفني في الوزارة الى أن السيولة لدى هذه المؤسسات الموجودة في أسواق خارجية أو ودائع في المصارف الأجنبية قد تكون أوفر على الحكومة، وأقل مخاطرة.
أما مبلغ هذه السندات فقد حسم عند 4 مليارات دينار، والمبالغ الأخرى المطلوبة حاليا والمقدرة عند 4 مليارات دينار لسد العجز للسنة المالية المقبلة، فستسحب من الهيئة العامة للاستثمار.
من ناحية أخرى، كان هناك ردة فعل سلبية في البنوك الكويتية لتخلي الحكومة عن خيار طرح سندات لها ولعملائها، وكانت تنتظر هذه السندات لتعوض التراجع المتوقع لديها في الأرباح نتيجة مخصصات إضافية ستضعها في الربعين الثالث والرابع لهذه السنة.
أما وزارة المالية، حسب المصدر أعلاه، فقد قالت انه تم استبعاد مشاركتهم في الوضع الحالي لعدة اعتبارات منها:
1 ـ عدم التباطؤ أو إلغاء او ترحيل تنفيذ المشروعات الموضوعة بالخطة التنموية والمنتظر أن تمولها البنوك حيث تبين أن لديها سيولة غير كافية لتغطية العجز عند 9 مليارات دينار (كما ذكرت «الأنباء» مؤخرا في تحليلها المالي).
2 ـ استمرار تدفق تمويلات البنوك للقطاع الخاص وعدم اللجوء إلى خفضها للتوجه نحو السندات الحكومية، وهو رأي أوصى به بنك الكويت المركزي.
3 ـ تقليص أعباء فائدة السندات على الميزانية التي كانت ستتحصل عليها البنوك، خصوصا ان الجهات الحكومية لديها سيولة ومستعدة للاكتتاب بفائدة قليلة تعادل الموجودة حاليا عند 1% لسنة واحدة و1.25% لسنتين واكثر.
4 ـ ترك اللجوء إلى البنوك كخيار متوافر وجاهز لدى الدولة في حالة تأزم الوضع في السنوات المقبلة واستمر تهاوي أسعار النفط وتفاقم العجز.
5 ـ الأخذ بالاعتبار لتوصيات الجهات الدولية التي منها صندوق النقد الدولي التي أوصت بالسحب من الاحتياطي لأنه أوفر على المالية العامة من الاقتراض الآن.
وكان صندوق النقد الدولي قال في تقرير الأخير ان الكويت سحبت من صندوق الاحتياطي العام في السنة المالية الماضية لتغطية العجز في الموازنة بمبالغ تقدر بملياري دينار.
ونصح الصندوق بأن يستمر هذا النهج لتغطية العجز في الميزانية في المستقبل، حيث نصح بأن يكون «السحب من صندوق الاحتياطي العام كما حدث في السنة المالية 14/2015، وهو أمر يعتبر متماشيا مع دور هذا الصندوق باعتباره صندوق خزانة للمالية العامة وضامن استقرارها.