أخبار

مسؤولون اعتبروا «المال العام» ملكية خاصة

أكدت محكمة التمييز في حيثيات حكمها النهائي بإدانة المتهمين في قضية صندوق الجيش أن بعض المسؤولين عن حماية المال العام اعتبروه ملكية خاصة، وقاموا بالاستيلاء عليه وتحويله عبر حسابات بنكية تخصهم وتخص الآخرين بلا وجه حق.

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها –التي حصلت عليها القبس – أن جريمة الاستيلاء على المال العام ثابتة وجلية بحق المتهمين، ومن ثم يستحقون العقاب.

ذكرت محكمة التمييز أنها قضت بالامتناع عن عقاب المتهم الأول رئيس مجلس الوزراء الأسبق جابر المبارك وأخذته بالرأفة؛ لأنه تبين من خلال أوراق الدعوى قيامه بإيداع مبلغ 53 مليون دينار في خزانة النيابة العامة لمصلحة وزارة الدفاع.

وذكرت أن المادة 81 من قانون الجزاء تخول المحكمة، إذا ما خلصت إلى ارتكاب الجاني جريمة تستوجب الحكم بالحبس وثبوت ادانته بها، ان تقضي بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقابه اذا ما ارتأت من ظروف معينة متعلقة بالجاني أو بجريمته ما يبعث على الاعتقاد أنه لن يعود إلى الإجرام فتقف بقضائها عند هذا الحد.

واشارت المحكمة الى ان القانون اشترط ان يبادر الجاني الى رد الأموال موضوع الجريمة كاملة قبل اقفال باب المرافعة في الحالات التي يجب فيها الرد.

وشددت المحكمة على أن المتهمين المدانين ثبت من خلال أوراق القضية والمستندات أنهم استولوا على المال العام في قضية صندوق الجيش واستحقوا العقاب.

أدلة الثبوت

ذكرت محكمة التمييز أن الحكم المطعون فيه والقاضي بالبراء يتنافى مع المنطق وأدلة الثبوت، واتضح أن المحكمة أصدرته من دون التمحيص الكافي وصولاً إلى وجه الحق في الدعوى مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.

وفي حين اشارت محكمة التمييز إلى أن المتهمين تلاعبوا بمقدرات الدولة وحولوا أموالاً إلى كيانات خارجية، اعتبرت أن القصد الجنائي في جريمة الاستيلاء على المال العام واضح وجليّ، وقد اشتملت المستندات على ما يثبت إجراء 17 تحويلاً لحسابات مجهولة، وقد استولى المتهم الأول على مبالغ كبيرة بمساعدة المتهم الثالث بصفته، في ما استولى المتهم الثاني بصفته وزيرا للدفاع وقت الجريمة على ملايين الدنانير من دون علم الجهات المعنية.

وتبين من خلال أوراق القضية حسب الحيثيات أن وزارة الدفاع نفت ادعاء المتهم الثاني خالد الجراح بأن التحويلات لأغراض أمنية، مشيرة إلى أنه جرى إخفاء طبيعة الغرض من التحويلات المالية على أحد الحسابات في لندن.

تحويلات مالية

وبينت ان الحكم المطعون فيه لم يعرض لما ثبت بالتقرير وما قررته الشاهدة الأولى بالتحقيقات -رئيسة لجنة الفحص- من أن 22 تحويلاً من حسابات المكتب العسكري بلندن، بما يعادل إجمالي 49 مليون دينار إلى حسابات جهات مرتبطة بأعمال المطعون ضده الأول، وعدد 12 تحويلاً من ذات المكتب العسكري بإجمالي مبلغ يعادل 23 مليون دينار لجهات مرتبطة بأعمال المطعون ضده الثاني، وقيام المطعون ضده الثالث بتاريخ 9 يونيو 2011 بتحويل مبلغ يعادل 4 ملايين دينار من حسابات المكتب العسكري بلندن إلى حساب صندوق الجيش وقيام المطعون ضده الخامس بسحب المبلغ بالكامل بناء على كتاب من المطعون ضده الأول.

أين التمحيص؟

وبينت المحكمة أن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد نحا منحى التعسف في الاستنتاج وتنافى مع حكم العقل والمنطق وفسد استدلاله وقصر بيانه مما ينبئ عن ان المحكمة اصدرت حكمها دون تمحيص لوقائع الدعوى والإحاطة بعناصرها عن بصر وبصيرة.

واشارت المحكمة إلى ان المتهم الأول جابر المبارك قام بصفته وزيراً للدفاع ورئيساً لمجلس الوزراء بالاستيلاء وبنية التملك على مبلغ 6 ملايين و744 ألف دينار، المملوك لوزارة الدفاع، وقد سهل ذلك المتهم الثالث جسار الجسار بصفته وكيل وزارة الدفاع بأن قام الأخير بإجراء عدد 3 تحويلات من اموال وودائع المكتب العسكري، إلى الحسابات المقيدة باسم المتهم الأول جابر المبارك بناء على طلبه، كما قام المتهم الأول جابر المبارك بالاستيلاء على ما يعادل 680 الف دينار، ذلك بأن أوعز للمتهم الثالث تسهيل استيلائه على هذا المبلغ.

وذكرت المحكمة جميع المبالغ المليونية التي استولى عليها جابر المبارك وبقية المتهمين.

الوقائع ثابتة

قالت محكمة التمييز في حيثياتها انه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى، وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها في الأوراق، مشيرة إلى ان الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق، فضلا عن قصوره في التسبيب، الأمر الذي حجب محكمة الموضوع عن أن تبدي رأيها في الدليل.

بلاغ ناصر صباح الأحمد

ذكرت المحكمة انه ورد ببلاغ ناصر صباح الاحمد (وزير الدفاع الأسبق، رحمه الله) وأقواله بالتحقيقات بأنه عقب توليه مقاليد وزارة الدفاع في 10 ديسمبر 2017 تم إبلاغه بوجود عجز في أموال الصندوق، ما دعاه إلى تكليف محاسبين بفحص هذا الأمر، وتبين وجود تحويلات بـ10 ملايين و700 الف دينار نقداً من خلال عدد من العمليات، اعتبارا من شهر فبراير حتى شهر ديسمبر عام 2016.

جريمة الاختلاس

اكدت المحكمة ان جريمة الاختلاس تتوافر عناصرها القانونية متى كان المال المختلس قد أودع في عهدة الموظف العام ومن في حكمه، أو سُلِّم إليه بسب وظيفته وأن تتجه نيته إلى اعتباره مملوكاً له بأي فعل يكشف عن ذلك، وان القصد الجنائي في جريمة الاختلاس هو قيام العلم عند الجاني الموظف العام وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المل المسلم إليه بسبب وظيفته بنية امتلاكه.

لا طاعة لرئيس يخالف القانون

قالت المحكمة ان ما يثيره المتهمون من ارتكاب بعض الجرائم طاعة لرئيسهم، مردود بما هو مقرر أنه لا يسوغ من المتهم القول باضطراره إلى ارتكاب الجرم انصياعاً لأمر رئيسه في العمل، ما دامت أفعال الاستيلاء على المال العام وتسهيله التي أتاها المتهمون واتجهت إرادتهم إليها واستمروا موغلين في ارتكابها.

وشددت على أن هذه الأعمال غير مشروعة ونية الإجرام فيها واضحة، موضحة أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على مرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم أن القانون يعاقب عليه.

أمراء الكويت حريصون على حماية الأموال العامة

ردت المحكمة على موضوع سرية المصروفات والاعتبارات السيادية التي تقدرها القيادة السياسية العليا، بتأكيدها ان مسند الإمارة، سواء ما ورد بشأنه في قانون توارث الإمارة رقم 4 لسنة 1964، أو ما ورد في الدستور، قد خط بمداد من نور.

وشددت على أن ذات سمو امير البلاد، سواء الراحل او الحالي او القادم، هي ذات مصونة لا تمس، بما يلزمه النأي بها من كل ما من شأنه المساس بمنزلتها ومكانتها السامية، وكان ديدنهم الحرص والحث على صون وحماية الأموال العامة وتأكيد حرمتها.

– حكم البراءة يتنافى مع المنطق.. والمحكمة أصدرته بلا تمحيص

– جابر المبارك رد 53 مليون دينار إلى خزانة الدولة.. والمحكمة أخذته بالرأفة

– الامتناع بالنطق عن العقاب لظروف معينة.. والمحكمة ارتأت أنه لن يعود إلى الإجرام

– المتهمون تلاعبوا بمقدرات الدولة وحولوا أموالاً إلى كيانات خارجية

– القصد الجنائي في جريمة الاستيلاء على المال العام واضح وجليّ

– المستندات أثبتت إجراء 17 تحويلاً لحسابات مجهولة

– المتهم الأول استولى على مبالغ كبيرة بمساعدة المتهم الثالث بصفته

– المتهم الثاني بصفته وزيراً للدفاع استولى على ملايين الدنانير من دون علم الجهات المعنية

– وزارة الدفاع نفت ادعاء المتهم الثاني خالد الجراح بأن التحويلات لأغراض أمنية

– إخفاء طبيعة الغرض من التحويلات المالية على أحد الحسابات في لندن

– غير مقبول تبرير المتهمين بأنهم ارتكبوا الجرائم طاعة لأوامر رئيسهم في العمل

– استولوا على المال العام بإرادتهم.. ونية الإجرام واضحة 

 

إغلاق
إغلاق