مقالات وكتاب
المتباكون على النسيج الاجتماعي

بقلم: مبارك فهد الدويلة
قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ».
أشد ما يؤلم ويترك أثراً في النفس أن ترى أبناء ديرتك يدمرون البلد من حيث يعلمون وما لا يعلمون.
كنا نسمع في السنوات الأخيرة همساً، وأحياناً جهراً، من يطالب بإعادة النظر في التركيبة السكانية للمجتمع الكويتي، ووضع أسس جديدة لهوية المجتمع، بحجة العودة الى مجتمع العشرينيات من القرن الماضي، وحصر الهوية الكويتية بأهالي شرق وجبلة، وحجتهم في ذلك دخول عشرات الآلاف من المزورين للجناسي ضمن التركيبة السكانية.
* * *
اليوم، نسمع همساً جديداً بدأ يتحول الى واقع وممارسة مع الاسف الشديد، وهو التمييز بين الكويتي بالتأسيس والكويتي بالتجنيس، حتى وصل الأمر الى منع الكويتي المتجنس من الترقية الى أي منصب قيادي في الدولة، حتى ولو كان يمارس هذا المنصب بالتكليف منذ سنوات عدة. ولأننا سكتنا منذ البداية عن هذه الممارسة الخاطئة، تفاجأنا بخبر شطب عدد من الذين تم اختيارهم لمنصب إحدى الجهات الرسمية بعد ان اجتازوا الاختبارات والمقابلات اللازمة، بسبب انهم كويتيون بالتجنّس، حسب معلوماتي.
* * *
الذي يسمع ويشاهد هذه الممارسات يخيّل له أن الكويت تعاني من كثرة عدد السكان، وكثرة الكفاءات الوطنية لديها وعدم حاجتها لكفاءات وخبرات نصف المجتمع، تلك الخبرات التي تم تحييدها وحرمان الكويت من منافع أبنائها.
واذا كان البعض من المتباكين على النسيج الاجتماعي يعتقد أن ثلث الكويتيين مزورون ولا بد من سحب جناسيهم وتحويلهم الى الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية لرعاية شؤونهم، فنقول لهؤلاء ان هذا الكلام غير دقيق، وما ذكره أحد النواب من وجود أربعمئة ألف كويتي مزور لا يمت للحقيقه بصلة، فقد سألت شخصياً الوكيل المساعد للجنسية، في حينها، عن هذه المعلومة، فنفاها بشدة، وقال من لديه معلومات فليقدمها بدلاً من التشكيك في انتماءات الناس وولاءاتهم.
المتباكون على النسيج الاجتماعي يدمرون بلدهم من حيث لا يعلمون، وما هذا التقسيم العنصري البغيض الا المسمار الاول في نعش الوحدة الوطنية، لقد انتبه مجلس الأمة في التسعينيات الى خطورة تقسيم المجتمع الى طبقات ودرجات تفضيلية، فبادر الى تقليل الفجوة بين الكويتي بالتأسيس والكويتي بالتجنيس، فأعطى المتجنس حق الانتخاب بعد مرور عدد من السنوات تكفي لضمان ولائه. واليوم، نسمع من يريد تمزيق وحدتنا الوطنية بحجة المحافظة على النسيج الاجتماعي، والحقيقة انهم يريدون زيادة الفجوة بين فئات المجتمع، ويعتقدون ان خيرات البلد يجب أن تقتصر عليهم دون غيرهم، حسداً من عند أنفسهم، وتناسوا أن الكويت تسع الجميع.
صحيح ان أجداد الكويتي بالتأسيس بنوا البلد في مطلع القرن العشرين، لكن النهضة والتطور الذي حوَّل الكويت الى دولة حديثة كانت بمشاركة جميع فئات المجتمع، وموقف الكويتيين من الغزو أكد أنهم شعب واحد، وأن ولاءهم وانتماءهم لوطنهم الكويت، لا فرق بين كويتي بالتأسيس وآخر بالتجنيس.
ارحموا الكويت، وارحموا أبناءها، وخافوا الله فيها، فمطالبتكم بتمييز الكويتي عن الكويتي الآخر قد تكون مقبولة أيام تأسيس الدولة، أما اليوم فالجميع في مركب واحد، ان غرق، غرقنا كلنا، وان نجح في عبور الأعاصير والكوارث، نجونا جميعاً.