مقالات وكتاب

الكوميديا الأوكرانية أم التراجيديا الروسية؟

بقلم : عوض الفضلي

من يستعرض السيرة الشخصية لكلا الرئيسين الروسي والأوكراني يتضح الاختلاف الجذري لخلفيتهما، أحدهما نشأ وتربى في بيئة عسكرية خالصة تمتاز بالجدية والضبط والربط، والآخر نشأ في بيئة مختلفة تماما، بيئة الفن والتمثيل وليس اي فن.. بل الفن الكوميدي القائم على المزح والضحك!

كيف لهذين الرجلين إذا تواجها عسكريا؟ وأصبح ميدان المواجهة يناسب العسكري أكثر من الممثل؟ فمن الطبيعي أن يتفوق العسكري ولا غرابة فهذا ميدانه الذي يعرف كل تفاصيله.

ولكن الملفت أن الوقائع بعد مرور أسبوع على بداية الغزو الروسي تظهر تفوقا ملفتا للرئيس الأوكراني ذي الخلفية الفنية والإعلامية على الأقل إعلاميا في كسب التعاطف العالمي والدولي غير المسبوق معه من خلال ظهوره الإعلامي المتكرر ورباطة جأشه وإصراره الصمود في عاصمة بلده مع المقاومين عنها حتى النصر أو الموت في سبيلها، مما كان له الأثر الأكبر داخليا في ثبات شعبه وصمودهم معه، وخارجا حيث فرض احترامه على قادة العالم وشعوبهم.

ومما يلفت النظر في شخصية الرئيس والممثل الأوكراني ظهوره مرارا وتكرارا وهو يقابل الفضائيات ويتحدث من غير انفعال وغضب رغم أن عاصمته تتعرض للتدمير يوميا وهو بنفسه معرض بأي لحظة للقتل أو الاعتقال، لكنه ظهر وهو يمتلك صفات لم يتوقعها الكثير من المراقبين حيث لاحظوها من خلال لغة الجسد ولغة الخطاب التي أظهرت تميزا أدهش الكثير مما انعكس على تضامن عالمي بجانب شعبي معه ومع قضيته.

الفوائد التي نجنيها من هذا الحدث: أثر ثبات القائد في حشد التأييد الداخلي والخارجي لتحقيق النصر، وأثر الإعلام في قلب معادلة الحروب والمعارك، وأهمية استخدام العقل ورباطة الجأش في مواجهة القوة الجسدية والعسكرية.

إغلاق
إغلاق