مقالات وكتاب
التحديات العشرة في إدارة العمل الوقفي
الخواطر الأسبوعية
في الإدارة الرسالية
للمؤسسات الوقفية
التحديات العشرة في إدارة العمل الوقفي
بقلم: د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
الأمين العام السابق للأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت
مجلس شئون الأوقاف بين الترشيد والتقييد :
نورد في هذه النقطة تحديًا إداريًّا، له تأثيره على العمل الإداري الوقفي، وهو متعلق برأس تلك العملية، والمنظِّم الأعلى لسياساتها، وهو مجلس شؤون الوقف. ومجلس شؤون الأوقاف هو السُّلطة العليا الرقابية والتشريعية التي تضع السياسات وتراقب تطبيقها في الأمانة العامة للأوقاف، بحسب ما نص مرسوم إنشائها. ويتكون مجلس شؤون الوقف من رئاسة معالي وزير الأوقاف والشئون الإسلامية، ووكلاء وزارة الأوقاف، ومدير بيت الزكاة، وممثِّلٍ عن وزارة المالية، وممثِّلٍ عن الهيئة العامة للاستثمار، وثلاثة من فعاليات المجتمع أصحاب الاهتمام المتعلق بالمجال. فمن حيث الإجمال: فإن مجلس شؤون الوقف هو المعنيّ بوضع السياسات العامة للوقف، واعتماد ميزانية الأمانة العامة للأوقاف، والإشراف على تنفيذها ومراقبة العملية الإدارية برمتها.
ولا شك أن لفكرة هذا المجلس، ولدوره؛ وجاهة وضرورة، فهو أمر مطلوب، وللمجلس دور طيب ومهمّ لأنه يوفر الجانب الرقابي والتشريعي ويضع السياسات ويعتمد الميزانيات، ومن المهم في العمل الإداري ألّا تنفرد الجهة التنفيذية بوضع سياسات نفسها والإشراف على نفسها ومراقبة نفسها؛ فإن ذلك مخالف للحوكمة الرشيدة، التي تضمن صحة العمل وتقييمه تقييمًا موضوعيًّا.
ولكن، وفي ضوء التطبيق الفعلي لأعمال ذلك المجلس، فقد لمستُ خلال فترة توليتي مسؤولية الأمانة العامة للأوقاف أنه قد يمثِّل تحديًا للعملية الإدارية للوقف في بعض الأحيان، وذلك للعوامل التي سأشير إليها.
ففي بعض الأحيان، قد يكون لذلك المجلس من التصورات والرؤى ما يخالف طموحات الإدارة التنفيذية للوقف المتمثلة في الأمين العام والأمانة العامة للأوقاف بشكل عام، فقد يرى المجلس ما لا تراه الإدارة التنفيذية في الأمانة على أرض الواقع، فيطلبون أشياء أو يضعون اشتراطات وتقييدات وهي وجيهة نظريًّا لكنها متعسرة أو متعذرة على أرض الواقع، والعكس صحيح، فقد يرفضون بعض السياسات أو يتخوفون منها، وتكون الحقيقة الواقعية التي تنتجها الخبرة والممارسة الفعلية بعكس ذلك. ففي كلا الحالين فإن بعض سياسات مجلس شؤون الوقف قد ينتج عنها نوعٌ من التقييد لحركة الأمانة العامة، ولا ننكر أن المجلس يرشِّد الأداء، ولكنه في بعض الأحيان أيضًا يقيِّدُه.
ومما يتعلق بذلك، وهو تابع له بصورة أو بأخرى، أنّ السمة العامة والطابع لسياسيات مجلس شؤون الوقف: هو الحذر والتحفُّظ، ولا ألومهم كثيرًا على ذلك، فإن هذا يكاد يكون سمة عامة لصاحب القرار لأن أفكاره مرتبطة بصورة أعم وقضايا كثيرة متفرقة وعينه على ميزانيات متداخلة. وهذا أيضًا يتسبب في تحديات للعملية الإدارية للأمانة العامة للأوقاف، فقد تسنح فرص معينة جيدة أمام الأمانة، ويكون حذر المجلس أو تأخره في اتخاذ القرار بشأنها حائلًا أمام التصرف المناسب في وقته المناسب، فتضيع بعض الفرص والفوائد الوقفية الجيدة.
ومن التحديات الحقيقية أيضًا في هذا الموضوع والتي واجهت الأمين العام السابق: تأخُّر وتيرة عمل المجلس، وهو ما يرجع بالتقييد أيضًا على عمل الأمانة العامة للأوقاف. وذلك أن اللوائح تنص أنه لا تنفذ الميزانية إلا بعد اعتماد مجلس شؤون الأوقاف، والحال أن المجلس لا يجتمع برئاسة معالي الوزير إلا كل أربع مرات سنويا ً ، وقد يتأخر أحيانًا بسبب الظروف الكثيرة التي يرتبط بها الوزير باعتباره غالبا ما يرأس وزارتين، وزارة الأوقاف ومعها وزارة العدل، وهي بدورها وزارة كبيرة ولها همومها الضخمة، بل قد تُسند إليه أحيانًا حقيبة ثالثة، مثل البلدية ونحوها كما حصل في بعض المرات، وهو الأمر الذي يجعل الاجتماعاتِ متباعدةً، مما يؤدي إلى تأخر اعتماد الميزانية، الأمرَ الذي يكون غايةً في التقييد لعمل الأمانة.
وعلى كلٍّ؛ فليس المقصود مِمَّا ذُكر هنا أنه لا حاجة لمجلس شؤون الوقف، أو أن سلبياته أكثر من إيجابياته، فقد ذكرتُ أول الكلام أن وجوده مهم وضروري، ولكن المراد تبيين بعض التحديات التي تنتج عن بعض السلبيات، فالمقصود أن يراعى في عمل المجلس أمران، كي لا يمثِّل تحديًا للعمل الإداري الوقفي بالنسبة للأمانة العامة للأوقاف: أولًا: المواكبة للعملية الإدارية للأمانة، بحيث لا يؤدي إلى تعطيل عملها وتأخيره، وثانيًا: أن يزيد الطابع العملي والخبرات الوقفية في تشكيله، بحيث لا يؤدي إلى تقييد عملها أو الحد من كفاءته.