مقالات وكتاب

البصمات العشر في الاستثمار الوقفي

وقفة الاثنين مع الوقف:
10/6/2019

الخواطر الأسبوعية
في الإدارة الرسالية
للمؤسسات الوقفية

البصمات العشر في الاستثمار الوقفي :

تصدير تجربة الاستثمار الوقفي إلى خارج الكويت :

نعيش الآن في عالمٍ يُشبه القرية الصغيرة. ضاقت الخصوصيات الثقافية والاجتماعية إلى حدٍّ كبير في ظل العولمة، وتيسر سبل التواصل ونقل المعلومات، وأصبح الجميع يستفيد من تجارب الآخرين الناجحة، ويكيِّفُها وفق ظروفه وحاجاته، وهو أمر مفيد وله آثاره الإيجابية إذا تمت الاستفادة منه في الجوانب النافعة، بما لا يؤثر على القيم والعادات والتقاليد السليمة للمجتمعات التي تحفظ لها طابعها وهويتها، وكذلك بما لا يتعارض مع أسس وثوابت العقيدة بطبيعة الحال. هذا من جهة العموم. وهو ما ينطبق بصورة تامة فيما يتعلق بالمجال الإداري والاستثماري، كما هو معلوم.
وبالإضافة إلى الجانب الواقعي والوظيفي الذي سبق ذكره، فلا شك أنه من الناحية الإسلامية والقيمية: قد حثّ القرآن الكريم على التعاون بين المسلمين، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]، ورغَّب النبيُّ صلى الله عليه وسلم في نفع المسلمين، فقال: “من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل”، وجعل الله تعالى المسلمين أُمّةً واحدةً: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الأنبياء: 92]، وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وجعلهم الرسول صلى الله عليه وسلم كالجسد الواحد، فقال: ” مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى”.
فمن هذه المنطلقات السامية: من المستحب شرعًا استحبابًا مؤكّدًا أن يتبادل المسلمون الخبرات والتجارب النافعة، بما يرجع على أوطانهم ومجتمعاتهم بالخير. وبناءً على ذلك فقد كنّا في الأمانة العامة للأوقاف نقيم الملتقيات لإتاحة المجال للتثاقف المشترك ونقل التجارب الوقفية بين الإدارات والجهات الوقفية المختلفة في العالم الإسلامي والعالم عمومًا، وكانت الإدارة العامة للدراسات والعلاقات الخارجية بالأمانة تُشرف عليها.
وأثناء هذه الملتقيات كُنَّا نحاول أن نعرِّف بالوقف وكيفية إنشاء الوقف الجديد، وإجراءات ومهارات عمل التشريعات الوقفية المناسبة، مع إفساح الطريق لمساحات الخصوصية اللازمة لظروف كل مجتمع أو تجمّع مسلم، وكذلك في سائر ما يتعلق بالوقف.
ومن أبرز المناشط والتجارب التي كنّا حريصين في الأمانة العامة للأوقاف على نقلها إلى الإخوة المشاركين في المجال الوقفي: الاستثمار الوقفي. وبدون مجاملة أو مبالغة فإن تجربة الاستثمار الوقفي في الأمانة العامة للأوقاف هي تجربة تستحق النقل والمشاركة والتعميم، لأنها سياسةالاستثمار في الأمانة قد أثبتت جدارتها وآتت ثمارَها ولله الحمد، والنجاح الواقعي في العمل الإداري والاستثماري هو آكد دلالة على نجاح السياسات والإجراءات. ومن ثَمَّ فقد كنّا في هذه الملتقيات واللقاءات ننقل لهم هيكل القطاع المعنيّ بالاستثمار في الأمانة العامة للأوقاف الكويت، واختصاصات الإدارات الموجودة فيها، وأبرز الأنشطة التي تقوم بها إدارة الاستثمار العقاري وإدارة الاستثمار، وإدارة عمليات الاستثمار، أو ما يسمى المكتب الخلفي لإدارات الاستثمار ( Back Office ) أو المكتب الخلفي للإدارتيْن، بالإضافة إلى إدارة صيانة وتطوير العقارات الوقفية، ولها إدارة مستقلة. فكانت فهذه الإدارات الأربع تتكامل في قطاع الاستثمار، وكانت تضع سياسات الاستثمار التي تسير الأمانة العامة للأوقاف على ضوئها، وقد ذكرتُ بعضَها في خاطرة سابقة حول الاستاتيكية والديناميكية في الاستثمار الوقفي، والاستثمارات العقارية والأوراق المالية، فالكثير من السياسات الاستثمارية مبثوثة هناك لمن أراد الرجوع إليها.
وإجمالًا كانت الأمانة العامة للأوقاف قِبلةً لكثير من الزوّار الخارجيين والداخليين، وكثير من المعجبين بتجربتها، فكان من الملائم دائمًا أن نوفر لهم مثل هذه المعلومات والبيانات حول تجاربنا، وبخاصة أنه قد كان هناك مَنْ يسأل بشكل خاص عن تجربة الأمانة في مجال الاستثمار. وكذلك كان من الوسائل: الإصدارات التي أصدرتها الأمانة العامة للأوقاف في هذا المجال، وهي مكملة للإصدارات التوثيقية الأخرى التي أصدرتها الأمانة العامة للأوقاف في توثيق أنشطتها الأخرى. ومن المهم أن نشير أيضًا إلى أننا خلال هذه اللقاءات والملتقيات والزيارات كنّا نستمع إلى آراء ومقترحات مفيدة أيضًا، فكانت الفائدة متبادلة بحمد الله وتوفيقه، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
وقد لمسنا في كثيرٍ من الأحيان، خلال هذه اللقاءات، وما يعقبها من معرفة بالمناشط المختلفة للجهات الوقفية؛ لمسنا الفائدة من انتقال هذه الخبرات فيما يصلنا من أخبار وبُشريات حول الأعمال الوقفية والسياسات المتجددة التي تحسِّن من فعالية المجال الوقفي، وهذا غاية ما نرجو ولله الحمد والمنّة.

د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
الأمين العام السابق للأمانة العامة للأوقاف
دولة الكويت

إغلاق
إغلاق