أخبار
ذوو الإعاقة لإعادة صياغة بعض القوانين لنتمكن من تطوير أدائنا الوظيفي

بعد مسيرة الحياة الدراسية التي تمتد لأعوام يجتاز خلالها الطالب عقبات ومصاعب عديدة سعيا نحو هدفه متمتعا بالصبر والاجتهاد يبدأ البحث عن الوظيفة المناسبة لمؤهلاته ليصل إلى مبتغاه.
وينتهي هذا الطريق الذي رسمه الشخص لنفسه إلى أحد مسارين، فإما أن تكون وظيفته مرضية لتوقعاته فيتمكن من الإنتاج والإبداع أو أن تكون غير ملائمة لإمكانياته وطموحه ما يؤثر على إنتاجه في العمل ويهدد استقراره الوظيفي.
وفي لقاءات أجرتها «كونا» مع عدد من الموظفين ذوي الإعاقة والناشطين والمسؤولين في الدولة أجمع هؤلاء على أن مستوى الأداء الوظيفي يعتمد على قدرات الفرد وعلى مدى تعاون الزملاء والتقنيات المساعدة لهم التي توفرها جهة العمل.
وكانت البداية مع معلمة اللغة العربية منى العازمي التي قالت إنها ورغم دخولها مجال التعليم عن قناعة تامة وشعورها بالرضا عن أدائها ونيلها الثقة الإدارية بقدراتها إلا أن المشكلة التي تواجهها في وظيفتها هي التعامل مع بعض الإدارات المدرسية التي هي بحاجة لزيادة الخلفية المعلوماتية بما يخص الإعاقة التي تشرف عليها.
وطالبت المسؤولين باختيار المعلمين والإداريين ذوي الخبرة لتذليل الصعوبات التي تواجه العملية التعليمية وتغطية جميع احتياجات الطلبة في مدارس التربية الخاصة.
وأضافت: إن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتمتعون بالتنوع الكافي في الفرص الوظيفية المقدمة لهم وإن هذه المشكلة يمكن حلها بتكثيف التوعية المجتمعية.
وبينت العازمي أن جزءا كبيرا من المسؤولية يقع على عاتق الفرد ذي الإعاقة بالإلمام بكل ما يخص وظيفته وإعاقته ومتابعة المستجدات المتعلقة بذلك.
من ناحيته، قال الموظف بجامعة الكويت عيسى القلاف لـ «كونا» إن وظيفته لا تتفق وميوله لأنه لم يكن مخيرا فيها، موضحا أنه ورغم ما يبذله من جهد سعيا للانجاز إلا أنه غير راض عن إنتاجه في العمل بسبب عدم مراعاة الفروق بينه وبين الموظفين من غير ذوي الإعاقة.
وذكر ان المشكلات التي تواجهه في عمله عديدة تبدأ من عدم ملاءمة المرافق في مقر العمل للأشخاص ذوي الإعاقة لاسيما الحركية ما يجعل التنقل صعبا وتستمر المشكلة أثناء أداء العمل في ضوء عدم وجود (كاونترات) خاصة تتيح للموظف ذي الإعاقة الحركية تسلم معاملات المراجعين.
وأضاف ان بعض الزملاء لا يتردد في تقديم المساعدة له لكن تكليفه بالمهام التي تفوق طاقته ومطالبته بسرعة إنجازها يشكل عبئا جسديا ونفسيا عليه.
وشدد القلاف على ضرورة أخذ مؤهلات وقدرات الفرد ذي الإعاقة بالاعتبار عند وضع خطط التوظيف مقترحا زيادة الفرص الوظيفية المقدمة لإتاحة حرية الاختيار للباحث عن وظيفة.
ومن جهته، أفاد معلم التاريخ فهد العنزي لـ «كونا» بأن «العملية التعليمية في مدارس التربية الخاصة تواجه مشكلات عديدة منها عدم إدخال التكنولوجيا لاسيما الأجهزة التعويضية الخاصة بالمكفوفين في التعليم ما قد يجعل إيصال وتلقي المعلومة أقل يسرا».
وأضاف: «ان القرار أحيانا يكون بأيادي أشخاص لم يسبق لهم التعامل مع ذوي الإعاقة» مقترحا «توظيف أهل الخبرة في المجال أو أن يشغل ذوو الإعاقة المناصب القيادية العليا في مدارسهم».
وأوضح العنزي «ان الوظيفة تمنحه مكانة اجتماعية وفرصة للإنجاز وتحقيق الذات»، مؤكدا حرصه على أداء أنشطة إضافية لإثبات وجوده في العمل.
وذكر «إن نطاق الفرص الوظيفية المتاحة لذوي الإعاقة في الكويت اليوم أفضل مما كان عليه سابقا»،
وبدوره، أكد الموظف بخدمة المواطن في وزارة الداخلية أحمد السرحان لـ «كونا» انه لم يواجه صعوبات أثناء بحثه عن وظيفته، مبينا أنه كان يملك دافعا قويا للعمل في البداية لكن بعض ما تعرض له من مشكلات أثر على إنتاجه فأصبح برأيه غير مرض إلى حد ما. وذكر ان أبرز المشكلات التي واجهها هي عدم قدرته على الحصول على ما يثبت إعفاءه من البصمة رغم أنه من ذوي الإعاقة الشديدة التي شملها القانون بالإعفاء، موضحا أنه لم يجد الحل في جهة العمل أو في ديوان الخدمة المدنية أو في الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة.
ومن جانب آخر، قال أمين سر الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين والناشط علي ثويني لـ «كونا» إن دور الناشطين يبدأ بتهيئة جميع فئات المجتمع من أسر ومؤسسات لاستيعاب وجود الموظف ذي الإعاقة، مبينا أن المشكلات التي تعترض أي مبادرة للتوظيف سببها عدم الاستفادة من سابقاتها.
وأوضح «إنه يجب إعادة صياغة بعض القوانين الحالية ومراجعة القوانين الجديدة قبل وضعها لتتوافق واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة ليتمكنوا من تطوير أدائهم الوظيفي».
ولفت إلى «أن الموظفين ذوي الإعاقة يواجهون عدة صعوبات منها البنية التحتية غير المهيأة والتقنيات غير الملائمة وعدم إدخال التكنولوجيا المساعدة في أداء العمل»، مؤكدا «أهمية إشراك المختصين بمجال ذوي الإعاقة في التخطيط للتوظيف للحصول على نتائج أفضل».
ومن جهتها، بينت المحامية والناشطة هنادي العماني لـ «كونا» «أن الأشخاص ذوي الإعاقة بحاجة لتكثيف جهودهم لإيصال مطالباتهم بفتح آفاق وظيفية جديدة إلى المسؤولين».
وأوضحت: «إن كثيرا من المجالات التي يمكن لذوي الإعاقة دخولها في ضوء التطور التكنولوجي لاتزال غير متاحة لهم مؤكدة إمكانية اللجوء للقانون في حال رفض تعيين الشخص دون سبب مقبول».
وأفادت بأن «دور الناشطين بما يخص التوظيف يتمثل بعقد الندوات وتنظيم الزيارات إلى الجهات المعنية بالأمر بالإضافة إلى رفع الرغبات الوظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة إلى تلك الجهات»، مبينة «أن استجابة بعضها غير كافية».
وفي هذا الإطار، قال نائب المدير العام لشؤون القطاع التعليمي بالهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة م.أنور الأنصاري لـ «كونا»: «إن الهيئة أطلقت حملة «شركاء لتوظيفهم» أواخر مايو الماضي بمبادرة من معهد البناء البشري للتدريب وبالتعاون مع عدد من المؤسسات في الدولة». وأوضح «إن الحملة توفر100 فرصة وظيفية للإعاقات الحركية والسمعية والبصرية والتعليمية البسيطة والمتوسطة بعد اجتياز برامج تدريبية مكثفة منها برنامج المؤذن ومقيم الشعائر وبرنامج العلاج الإكلينيكي»، مشيدا بالاستجابة الفعالة للجهات المشاركة.
وأفاد بأن «الهيئة تتلقى بشكل دائم طلبات التوظيف من ذوي الإعاقة لإحالتها للجهات المسؤولة عن التعيين في القطاع الحكومي والخاص وفق رغبة مقدم الطلب مع حفظ الأولوية له في ديوان الخدمة المدنية».
وذكر الأنصاري «ان المقترحات التي من شأنها تحسين الأوضاع الوظيفية لذوي الإعاقة تؤخذ بالاعتبار لدراسة سبل تطبيقها على أرض الواقع»، موضحا «أن الهيئة توفر اختصاصيين لمتابعة وتلبية احتياجات الموظفين».