سياسة دولية
العتيبي: أفغانستان يمر حالياً بمرحلة انتقالية دقيقة وحساسة

رحبت الكويت أمس الأول الثلاثاء بإعلان هيئة الانتخابات المستقلة في أفغانستان عن إجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد في 20 أكتوبر القادم، مشيدة بالتقدم المحرز في التحضير لها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها مندوبنا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي في جلسة عقدها مجلس الأمن لمناقشة الحالة في أفغانستان.
وأعرب العتيبي في بداية الكلمة عن التقدير لكل ما تبذله بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان من أجل دعم الشعب الأفغاني في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها.
وأضاف ان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الربع السنوي المعني بالحالة في أفغانستان وتأثيرها على السلم والأمن تضمن معلومات وتقييما واقعيا لمجريات الأحداث في أفغانستان منذ التقرير الأخير، مشيرا الى ان التقييم الحالي الذي يغطي أحداث الشهور الثلاثة الماضية كان مزيجا ما بين الأحداث الإيجابية والسلبية.
وحول الوضع السياسي في أفغانستان أعرب العتيبي عن ترحيب الكويت بإعلان هيئة الانتخابات المستقلة عن موعد انعقاد الانتخابات البرلمانية المقبلة في 20 أكتوبر المقبل وإشادتها بالتقدم المحرز في التحضير لتلك الانتخابات «رغم الحوادث الأمنية المؤسفة التي شهدتها بعض المحافظات منذ إعلان موعد الانتخابات».
وأوضح في هذا السياق ان عملية تسجيل الناخبين بدأت في 14 أبريل الماضي «وهي المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل الناخبين منذ عام 2003».
وقال العتيبي ان «عملية تسجيل الناخبين تأتي ضمن حملة وطنية لتنظيم العمل الانتخابي في البلاد، حيث يتواكب مع هذا الإجراء توزيع البطاقات الوطنية الذكية وتحديد مراكز الاقتراع والمدن التي سيتمكن الناخب من الإدلاء بصوته في الانتخابات المقبلة بالإضافة إلى إعداد قوائم انتخابية وربطها بأماكن الاقتراع».
وأكد ان «هذه الجهود الكبيرة هي دلالة على وجود رغبة حقيقية لتحقيق شيء ملموس وإيجابي لأفغانستان»، معربا عن الأمل في أن تسهم تلك التحضيرات في «مشاركة واسعة من مختلف فئات الشعب الأفغاني رجالا ونساء».
وذكر ان «المتابع للحالة في أفغانستان يدرك تماما أن هذا البلد يمر حاليا بمرحلة انتقالية دقيقة وحساسة» موجها في هذا الإطار التحية للشعب الأفغاني على «مثابرته وتحمله للصعاب والتحديات التي يواجهها».
وعبر العتيبي عن الأمل في «أن تسهم الاستعدادات للانتخابات المقبلة نحو المزيد من التحركات والمشاورات ما بين الأحزاب السياسية وحكماء البلد للتنسيق البرلماني وإيجاد تحالفات سياسية من شأنها أن تؤدي إلى خفض حدة التوتر ما بين الأحزاب المختلفة».
وشدد على ان «تغليب المصلحة الوطنية فوق المصالح الحزبية هو ما دعينا إليه في الجلسة الماضية ونشدد عليه في جلستنا اليوم»، مشيرا الى انه «لا شيء يعلو على مصلحة الوطن».
وفيما يتعلق بالوضع الأمني قال العتيبي: «نتابع بقلق عدم استقرار الوضع الأمني في أفغانستان»، حيث تستمر الحكومة الأفغانية في مواجهة حركة طالبان وما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وغيرها من التنظيمات المعادية لها في معظم أرجاء البلاد، مشيرا الى ان «العمليات الانتحارية مستمرة في حصد أرواح الكثير من المواطنين الأبرياء العزل».
كما أعرب العتيبي عن القلق إزاء عدد الحوادث الأمنية التي وقعت في أفغانستان خلال الفترة من 15 فبراير الى 15 مايو الماضيين والتي بلغت 5675 حادثا أمنيا.
وأكد ان «هذه الأرقام تؤكد صعوبة المهمة الملقاة على عاتق الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي، لاسيما في ظل استمرار حركة طالبان وتنظيم (داعش) بشن هجماتهما الإرهابية واستهداف المدنيين الأبرياء من المواطنين والأجانب المتواجدين في أفغانستان».
وأضاف مندوب الكويت الدائم «إننا ندرك ونعلم بأن تزايد أعمال العنف والتهديد ما هي إلا محاولات يائسة من عناصر لا تؤمن بالديموقراطية ولا حقوق الإنسان ولا حتى ترغب برؤية الاستقرار والأمان في هذا البلد».
وأكد ان تلك العناصر تسعى «من خلال تلك الأعمال الإرهابية إلى تأجيل العملية الانتخابية في شهر أكتوبر المقبل»، معربا عن الأمل في ان تستمر الجهود المبذولة من قبل السلطات الأفغانية في محاربة هذه العناصر حتى تتكلل العملية الانتخابية بالنجاح.
وفيما يتعلق بالوضع الإنساني قال العتيبي انه «على الرغم من انخفاض نسبة النازحين هذا العام الى 65% إلا أننا لا نزال قلقين من وجود 75 ألف نازح نتيجة للنزاعات المسلحة في عام 2018».
وأضاف ان تقرير الأمين العام أشار كذلك إلى «استمرار تدفق النازحين الأفغان نتيجة لعوامل عديدة من بينها أعمال العنف وكذلك لموسم الجفاف في العديد من المقاطعات الأمر الذي حدا برحيل ما يقارب 500 ألف شخص لمنازلهم والبحث عن أماكن أخرى للسكن».
وأعرب عن القلق البالغ إزاء تحقق فرقة العمل المعنية بالرصد والإبلاغ من 11 حادثة اعتداء على المدارس والأفراد المرتبطين بها، مشيرا الى ان «استمرار تهديدات حركة طالبان ضد المرافق التعليمية أدى إلى إغلاق المدارس على نطاق واسع في مقاطعتي قندوز (342 مدرسة) ولوغار (29 مدرسة)».
وشدد على أن «مثل هذه الأعمال الإرهابية والتهديدات التي تستهدف تدمير مستقبل البلد من خلال إدخال الخوف والرعب في الأطفال وإبعادهم عن المؤسسات التعليمية هي إحدى المعارك الرئيسية التي يجب مواجهتها والتغلب عليها»، مشيرا الى ان «الأطفال هم مستقبل أفغانستان ولابد من توفير الحماية اللازمة لهم في مثل هذه الظروف».
وفيما يتعلق بالجهود التي تبذلها حكومة أفغانستان في تعديل قوانين عدة تتعلق بمنع العنف ضد المرأة وغيرها من القوانين المماثلة اكد العتيبي أن «تلك الجهود مقدرة وتستحق الثناء وكلنا ثقة بمواصلة الحكومة الأفغانية لجهودها في هذا الإطار لما فيه مصلحة المجتمع الأفغاني».
وجدد العتيبي الإعراب عن إيمان الكويت بأن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في أفغانستان والمنطقة يأتي من خلال تسويه سياسية بملكية وقيادة أفغانية.
وأضاف انه بناء عليه «فإننا نحث جميع الأطراف على المشاركة البناءة في الجهود الديبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام بهدف تعزيز مصالح ورفاه الشعب الأفغاني».
وأشار الى ان «الخطوات التي تتخذها حكومة أفغانستان سياسيا واقتصاديا وأمنيا من أجل التواصل إقليميا مع دول الجوار هو أمر مشجع للغاية ونحثهم على مواصلة تلك الجهود الهادفة ونرحب بتوقيع كل من باكستان وأفغانستان على اتفاق بشأن خطة العمل من أجل السلام والتضامن ونتطلع إلى مزيد من التعاون ما بين دول المنطقة».
وقال إن «تلك الجهود الديبلوماسية يجب أن يواكبها استثمار كبير وحقيقي في قطاع التربية والتعليم»، مؤكدا ان «الاستثمار في منظومة التعليم دون التفريق ما بين الرجل والمرأة هو الاستثمار الحقيقي الذي سيساعد أفغانستان على النهوض مجددا وبناء مستقبل أفضل بسواعد أبنائها وبناتها المتعلمين».