مقالات وكتاب
مسجد بهولندا يشارك أهل الحي مناسباتهم
بقلم : عصام عبداللطيف الفليج
دعيت على العشاء في «المسجد الأزرق» في أمستردام، وقصة هذا المسجد غريبة، فقد قامت بلدية المنطقة بهدم وإعادة بناء جميع البنايات المتهالكة وفق نظام جديد وبنية تحتية حديثة، وسلمت أصحاب الشقق القديمة شققهم الجديدة بأقساط مريحة.
ولأن المنطقة بها مسلمون كثر، بنت البلدية في المساحة الخالية مسجدا، وعرضته عليهم لشرائه، وبالفعل تم شراؤه وإدارته من قبل الوقف الهولندي.
وهذا يعكس قوة العلاقة بين الحكومة والمسلمين الهولنديين.
ودعيت في اليوم التالي لزيارة مركز إسلامي في مدينة روتردام، كان كنيسة، واشتراه المسلمون، لكنهم لم يسموه مركزا إسلاميا أو مسجدا، وأطلقوا عليه «مركز الوسطية»، ليكون منفتحا على المجتمع الهولندي، وهو في منطقة راقية، ويسكنها أدباء وفنانون.
ويدير هذا المركز هولنديون، وترأسه السيدة ستيفاني، ويساعدها زوجها وبناتها المحجبات.
ولهذا المبنى قصة غريبة، فقد قصفت بيوت في هذا المكان في الحرب العالمية الثانية، وخلف القصف ٤٢ قتيلا، و٩٠ جريحا، وبعد انتهاء الحرب بسنوات، تم تجديد المباني، وبنيت هذه الكنيسة بنمط عصري، ووضعوا لوحة زجاجية مرسوما عليها تعبيرات رمزية للقصف والحرية والسلام والإعمار، تطل على مكان الهدم القديم مثل شباك كبير، واشترطت البلدية والكنيسة عدم إزالة اللوحة، والتزم أهل المسجد بذلك.
لم تنته القصة بعد..
تقيم البلدية كل عام احتفالية سنوية لأهالي ضحايا القصف في الساحة المقابلة لمركز الوسطية، يطلقون عليها «ذكرى مجزرة نحو السلام»، وبمبادرة تعاون من المركز، شاركوا معهم هذا العام في هذه الاحتفالية لأول مرة، واستضافوهم في بهو المركز لمدة ساعة مع الضيافة، ثم بدأوا الاحتفالية بعد صلاة الظهر في الساحة المقابلة، ووفروا لهم الكراسي، وقدموا لهم بطانيات للتدفئة، وشاركوا بكلمة معهم كمواطنين هولنديين، وبعد الانتهاء من الحفل عادوا مرة اخرى لبهو المركز، وتناولوا غداء خفيفا معهم.
وصادف حضور الاحتفالية أحد الأحياء الباقين من هذه المجزرة، قادما من استراليا التي استقر بها، وهذا يؤكد اهتمامهم بها.
وهذا احد الأدوار الإيجابية المطلوبة من المراكز الإسلامية بشكل عام.
ثم ذهبنا إلى دانهاج (لاهاي) لزيارة المركز الثقافي الاجتماعي الذي شارك في شرائه العم جاسم الخرافي رحمه الله، والسيدة الفاضلة فاطمة بوقمبر حفظها الله. وهو مركز حيوي، في شارع مزدحم، يحوي مسجدا وفصولا دراسية وقاعات متعددة الأغراض ومكتبة عامة.
هذه المراكز الإسلامية الثلاثة، تعد من المراكز ذات الثقة لدى السلطات الهولندية لدورها في احتواء الشباب من التطرف وتوعيتهم وتثقيفهم، وكلها بدعم أهل الخير من الكويت، ونسأل الله القبول، كما ندعو المتبرعين لزيارتها والتواصل مع إدارتها، ودعم صيانتها، فهي بالنهاية بيوت الله.
وبارك الله فيكم يا أهل الخير.