مقالات وكتاب
لماذا ٢٥ مليار دينار ؟!!

بقلم: أ. عبدالله خالد العبدالمنعم
عاشت دول الخليج سنوات طويلة في رفاه اقتصادي في ظل ما تتمتع به من ثروات النفط والغاز مع تفاوت بينها في درجة تنويع مصادر الدخل ومستوى رفاه مواطنيها، ولكن وبعد الانخفاض الحاد لأسعار البترول عالميا إلى مادون ٣٠ دولار في فترات سابقة، هرعت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي إلى إجراء إصلاحات مالية عميقة في البنية الاقتصادية لدولها، كانت أهمها: سن ضريبتي القيمة المضافة والسلع الانتقائية، ورفع الدعم عن أسعار الوقود وزيادة فاتورة الكهرباء والماء، وأخيرا وليس آخر .. إصدار أوراق مالية من سندات وصكوك إسلامية كأدوات للدين العام تطرح في الأسواق العالمية والمحلية.
وفيما يتعلق بسد فجوة عجز الموازنة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، سعت الدول إلى السحب من الاحتياطيات العامة وتسييل بعض الأصول السيادية من جهة، والاقتراض الخارجي والداخلي بأدوات مالية كالصكوك والسندات من جهة ثانية. ولا يخفى أن معيار المفاضلة بين السحب النقدي أو الاقتراض يرجع الى مبدأ المفاضلة بين الاحتفاظ بالسيولة أو سعر الفائدة حسب النظرية الاقتصادية الكينزية، أي بصورة أخرى .. بين سعر الفائدة للسندات السيادية المطروحة للسداد في الأجل الطويل وبين قيمة التخلي وتسييل أصول الاحتياطيات العامة.
هذا التحليل الاقتصادي معتبر عند المفاضلة بين الأمرين، بيد أن سعر فائدة السندات السيادية لأي دول يتحدد بحسب درجة تصنيفها الائتماني العالمي، والذي يتحدد هو الآخر بدرجة مخاطر أصولها وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها الائتمانية مستقبلا. وبالعودة إلى ما أُعلن أن الكويت تسعى لإصدار تشريع قانون جديد يسمح للحكومة بالاقتراض بسندات سيادية بسقف يصل إلى ٢٥ مليار دينار يسمح للحكومة بفترة سداد تصل إلى ٣٠ عام ومدة استخدام لمدة ٢٠ عام، هذا الخبر لا يخرج عن السياق النظري الاقتصادي الذي ذكرناه آنفا، كون الكويت تتمتع بملاءة مالية واقتصاد متين مدعم بأصول قوية، وهذا يجعل عملية الاقتراض من الأسواق بفائدة منخفضة أجدر وأولى من تسييل الاحتياطيات النقدية وشبه النقدية لتغطية عجز الموازنة العامة والذي سيكون أكثر كلفة، أما استمرار عملية السحب والتسييل من صندوق الاحتياطيات العامة فهو ضرب من التهور الاقتصادي عند من يدعو ويشجع هذا الأمر.
في هذه القضية .. ليس تحفظي هو اقتصادي بل تحفظي شرعي في استخدام أدوات الدين التقليدية كالسندات والقروض بفائدة في ظل وجود بديل لأدوات مالية إسلامية كالصكوك بأنواعها، فيمكن تصكيك أصول وفق آلية صكوك الإجارة أو صكوك المضاربة – وهما الأكثر شيوعا – أو غيرهما، وإدارة عملية الإصدار والتداول عبر شركة ذات غرض خاص (SPV)، بهدف تمويل مشاريع تنموية للدولة وتحقيق الاستدامة المالية في ظل وجود صندوق سيادي كويتي عملاق.