مقالات وكتاب
أنا أصرخ إذاً أنا موجود

بقلم: محمد عبدالمحسن البرجس
على غرار «أنا أفكر إذاً أنا موجود» للفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، ونحن فى دولة الكويت على غرار فلسفة حياتنا نقول «أنا أصرخ إذاً أنا موجود».
ونقول ماذا حدث للمجتمع، رجاله قبل نسائه، من وسائل التخاطب بينهم، التي وصلت إلى مراحل تنذر بحدوث أمراض سمعية للأفراد في المجتمع، ويبدو أنه لم يعد يكفينا التلوث التنفسي، وركبنا موجة التلوث السمعي، بعدما تخطينا دولاً عديدة في التلوث البصري (الخز)، فآخر صرعة لنا هي الآن الصراخ والعويل في ما بيننا، ولم تعد لدى أحد منا القدرة على الاستماع أو الإنصات إلى الآخر، فجميعنا نتحدث في وقت واحد وبصوت عال، وربما أعتقد أن عدوى الصراخ جاءت من صرخات بعض نواب مجلس الأمة، التي أصبحت علاجاً فعالاً لكثير من المشكلات في نظرهم، أو لثقافة جديدة اكتسبناها أخيراً بأن من صوته منخفض يضيع حقه تماماً، لذا أصبح كل منا يستخدم سلاح الصوت العالي مع دفاعات سمعية لعدم الإنصات إلى الآخر أو تقبل رأيه.
فنظرة واحدة إلى أغلب الأسر نجدهم يتصارخون بعضهم مع بعض، حتى أصبحنا نعيش زمن الصراخ العالمي، ففى المصالح الحكومية لا تسمع إلا أصواتاً عالية، حتى من الجنس الناعم، والمفترض فيه الحياء والصوت الهادئ لم يعد كذلك، فقد تفوقن على أصوات الرجال بكثير، وحتى في الشارع نجد الجميع يتصارخ ويرفع صوته من دون سبب يذكر (فأنا أصرخ إذاً أنا موجود) ولكن لم يعد أحد يسمع.
بعضنا في حاجة ماسة وحقيقية إلى علماء النفس والاجتماع لكي يجدوا علاجاً لهذه الظاهرة، التي أصبحت أحد أهم ما نتميز به، ولكن لا نستطيع ان نسمعها لأننا لم نعد نسمع سوى صراخنا فقط، ولم ولن نهتم لأحد يتحدث بصوت منخفض أو بصوت هادئ.
«والله المُوفق والمُستعان»