مقالات وكتاب
القنابل المَنسية

بقلم: محمد عبدالمحسن البرجس
يبدو أن الأحداث السياسية والخارجية فرضت علينا لغة القنابل والبارود حتى أصبحنا نستخدمها في أبسط القضايا الاجتماعية الغائبة عن الأسرة والمجتمع، فنركز جُل اهتمامنا على قضايا سياسية واقتصادية وأهملنا المجتمع، وكذلك الأُسرة الصغيرة التي تواجه العديد من المشاكل، التي أوهمنا أنفسنا بأنها بعيدة عنا، ولكن في الواقع نحن نتحمل المسؤولية كاملة تجاه ما يحدث للمجتمع من هزات أو للأسر من كوارث وتفكّك سوف نكتوي نحن بنيرانها، ولا يظن أحد أنه بعيد عما يدور من حولنا بداية من الأب والأم وانتهاء بالمجتمع، فأصبحنا جميعاً في قفص الاتهام فتركنا المسؤوليات الجِسام التي نحاول التغاضي عنها من سلوكيات جائرة ومظاهر مستوردة باتت تُقلق الجميع من دون النظر في ايجاد حل لها تماماً، فنحن وضعنا في جُل اهتمامنا كيف نُحسّن أحوالنا الاقتصادية والمظهرية وأغفلنا الجانب الأخلاقي تحت حجج وذرائع لا تفيد في المستقبل القادم، حيث قنابل الانفلات الأخلاقي التي باتت تُهدد سلامة المجتمع، فقد لا نلقي بالاً لحادثة هنا أو هناك، ولكن الأمر ينذر بحدوث تطورات وتغيّرات جذرية تهدد سلامة المجتمع، ونحن حصرنا وحكرنا أنفسنا في قفص «الانا»، وتناسينا أننا جميعاً في مركب واحد، وان قنابل الانفلات الأخلاقي قابلة للانفجار في السنوات القريبة إذا لم يكن هناك حل جذري يبدأ من البيت والمدرسة والمجتمع، فالأحداث الأخيرة التي اجتاحت بعض المدارس من اعتداءات وتحرشات للبعض وأيضاً تعاطي المخدرات يُعطي إنذارا شديد اللهجة إلى التحولات الأخلاقية التي يمر بها المجتمع، حيث أصبحنا جميعاً اتكاليين؛ فالمدرسة تعتمد على تربية البيت، والأسرة تعتمد على تربية المدرسة، وأصبحنا نلقي باللائمة فقط على المتسبّب، ولم يعد لدينا القدرة على تفسير هذه الظواهر التي تنخر في المجتمع، ولذلك يجب ان تكون هناك وقفة صادقة مع النفس أولاً حتى لا تنفجر قنابل الانفلات الأخلاقي ونكون نحن أولى ضحاياها.
وكما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إنما بُعثتُ لأُتمم مكارم الأخلاق».
«والله المُوفَق والمُستعان»