مقالات وكتاب

لقد خرجنا من الحسبة؟!

بقلم المفكر محمد عبدالله الغانم

من وجهة نظري المتواضعة فان قوة الدول تقاس بمقياسين؛ الأول هو المجتمع، والثاني هو الاقتصاد.

ولو ضربنا أمثلة على ذلك، فإن الولايات المتحدة الامريكية قوية بالقياس الاقتصادي، وهذه القوة الاقتصادية قد مكنتها من الاستحواذ على العديد من الاسواق التجارية المهمة، كسوق السلاح والسيارات وغيرها الكثير.

أما مقياس المجتمع، فان المجتمع الامريكي و إن بدا للوهلة الاولى وكأنه المجتمع المثالي والقدوة، إلا انه وفي حقيقة الأمر مجتمع هش يفتقد للقيم المجتمعية الحقيقية، ولهذا السبب فكثيرا ما يحاول صناع الافلام في هوليوود زرع الولاء والحب للوطن (امريكا)، والتضحية بالذات من خلال قصص الابطال الخيالية.

بالمقياس المجتمعي نرى بالمقابل مثالا أكثر من رائع لقياس قوة المجتمع، فالمثال الأروع والأمثل هو المجتمع السنغافوري، ولا يخفى على اي مطلع كيف نهضت سنغافورة من بعد ان تخلت عنها ماليزيا عام 1965 وتركتها لتغوص أكثر بالمستنقعات والوحل المنتشر بها، وكيف هي اليوم ومن خلال الاستثمار المباشر في الإنسان السنغافوري أولا، ثم جذب الاستثمارات الأجنبية لتصبح قوة اقتصادية عملاقة، فهي الأولى آسيويا والحادية عشر عالميا، ولابد ان نرى كيف انها تستمر في صنع مستقبلها من خلال الاهتمام بأطفالها ومدارسها ونظامها التعليمي والاجتماعي، وكيف غرست قيم واخلاقيات محددة في نشئها، وهنا تكمن القوة الحقيقة للدول، وهي قوة المجتمع، وهذه القوة تستمد طاقتها واستمرارها بالنمو من خلال زراعة القيم والمثل في المواطن من جهة، والبناء والاستثمار في النشء وتعليمه وتوفير كل سبل الرعاية لأي مبدع من جهة اخرى.

والآن، لو نظرنا إلى حالنا اليوم ومع شديد الأسف فنحن في أسفل القائمة إن لم نكن خارجها أصلا، فلا قوة في الاقتصاد تمكننا المنافسة على الاسواق، ولا مجتمع قوي متماسك، ولا نشء متطلع يبشر بمستقبل باهر!!

نحن من بعنا لباسنا بلباس الغرب فأضعنا ماضينا، وتركنا النشء لوسائل الاعلام تربيه وترعاه فأضعنا مستقبلنا من خلاله..

فهل جرفنا التيار الى القاع.. وخرجنا من المعادلة والحسبة..

واخيرا اقول كما قال أبو العتاهية:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس.

الوسوم
إغلاق
إغلاق