مقالات وكتاب
محمد عبدالمحسن البرجس: مَواطِن استهلاك المُواطن

بقلم: محمد عبدالمحسن البرجس
«أنا أفكّر، إذاً أنا موجود».. هذا ما قاله كبير الفلاسفة رينيه ديكارت. ونحن في دولة الكويت نقول «أنا مُواطن، إذاً أنا مديون» من كثرة الديون والقروض التي أصبحت طوقاً وقيوداً حديدية صلبة وصعبة تلفّ حول رقاب المُواطنين من كل حدبٍ وصوب، حتى باتت قضية الديون والقروض على الأسر والمواطنين الكويتيين ليست قضية اقتصادية فحسب، بل أصبحت مأزقاً اجتماعياً خطيراً ربما تؤدي نتائجها إلى عواقب وخيمة، يكتوي بنيرانها المجتمع الكويتي.
إن المُتتبع لقضايا رهن المُواطن للقروض والديون يصل إلى نتيجة مفادها أن نسبة كبيرة قد تصل إلى 70 في المئة من أهل دولة الكويت يقعون في حزام الدين والقرض، وبالتالي قد نرى نتائج وخيمة تترتب على هذه الديون والقروض، وربما الجميع بحثوا وناقشوا وحاوروا وكتبوا حول قضية القروض والديون، وان معظم هذه النتائج طبعاً جاءت ضد المواطن المديون، يكيلون إليه التهم بأنه لم يقم أحد بضربه على يديه لكي يقترض ويستدين، وان معظم هذه الديون ترفيهية وكمالية، ومنها أيضاً بغرض السياحة والسفر في الصيف أو لتجديد بيته الجديد أصلاً! أو شراء سيارة موديل السنة، وبعض هذه النتائج، وليس كلها، سليمة تماماً.
ولكن دائما نحن حينما نعالج الخطأ نداوي فقط نتائجه وتداعياته، ولا نبحث في جذور الخطأ ونتائجه وتداعياته الحقيقية، وبالتالي نعالج الخطأ بكارثة أكبر من الخطأ نفسه، وبذلك نحشُر المُواطن في دائرة ضيقة ليس لها من حل على الإطلاق، فلم نكلف أنفسنا ونبحث في أصول المشكلة الحقيقية التي تكمُن في البنوك والشركات الاستثمارية والتي فتحت لها الدولة الباب على مصراعيه لإغراق المُواطن في مستنقعات الدين وبحر القروض، ومن هذا المنطلق يجب وضع قيود مشدّدة على منح القروض بكل أنواعها، بالإضافة أيضاً إلى التركيز على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة على مختلف أنواعها التي خلقت من المظهر كل شيء في الحياة.
«والله المُوفِّق والمُستعان».