مقالات وكتاب
تصيد الأخطاء يفقدك المتعة
بقلم : د. عصام عبداللطيف الفليج
عندما تجلس أمام التلفزيون تشاهد فيلما أو تمثيلية، وتبدأ تتصيد الأخطاء الطبيعية والمفبركة (لزوم التمثيل)، ستفتقد متعة المشاهدة، وتنشغل عن القصة والرسالة، وحتى البسمة والضحكة تفتقدها.
وعندما تصلي خلف إمام، وتبدأ تتصيد أحكام التجويد، وجمال الصوت، وتطبيق المقامات، ستنشغل عن الصلاة، وستفتقد متعة الخشوع وسماع الآيات.
وعندما تجلس مع أبنائك في البيت، وتبدأ تتصيد أخطاءهم، وتقف عند زلاتهم، ستفتقد متعة الأبوة والجلسة الأسرية، وتفقد التوجيهات التربوية أثرها.
وعندما تلعب مع أصدقائك أي لعبة، ثابتة أو حركية، ثقافية أو رياضية، وتبدأ تتصيد حركاتهم أو حيلهم (المكشوفة أصلا)، ستفتقد متعة اللعب.
وعندما تكلف زملاءك في العمل بأمر ما، وتبدأ تتصيد نواقصهم، وتعترض على تعليقاتهم وضحكاتهم، ستفتقد متعة الزمالة، وتنسى روح الصداقة.
وعندما تحاور أصدقاءك في الديوانية أو أي مكان، وتبدأ تتصيد هفواتهم، وتتصلب في مواقفك بلا مرونة وكأنك في معركة، ستفتقد متعة الحوار، وحسن الجوار.
وهكذا في كل شؤون حياتنا، إذا وقفنا أمام كل زلة أو هفوة، فلن نستمتع أبدا، سنكون مثل الطفل الذي بيده لعبة، وعينه على لعبة أخرى، فلا هو استمتع بلعبته، ولا حصل على لعبة أخرى، أو كالذي بيده طعام، وعينه على طعام صديقه أو من بجانبه، فلا هو استمتع بوجبته، ولا حصل على وجبة أخرى، فغض الطرف من الأخلاق الحسنة، خصوصا أن الأخطاء المعنية هنا غير مقصودة، وليست ذات ضرر أو مخالفة شرعية أو قانونية، ولا ينبني عليها عمل.
استمتع بالمشاهدة واللعب والحوار وشقاوة الأولاد وحركات الموظفين وتعليقات الأصدقاء، ولا تحمل الدنيا كلها على منكبيك، فما استحملها من هو قبلك، ولن يحتملها من هو بعدك، فلا تكن الأشقى، واتبع سياسة (ط.ت.ت) تنام بارتياح.
قيل ان «تسعة أعشار الخلق في التغافل»، فالتغافل أحيانا يريحك ويريح من معك، ويزيل التوتر والانفعال، وانتظار لحظة الانقضاض على الخطأ، ويعيدك إلى ساحة الاستمتاع والمرح والسعادة والابتسامة، فهل نبيع الراحة بالهم، والسعادة بالغم، والابتسامة بالعبوس؟!.
تذكر.. «تصيد الأخطاء يفقدك المتعة»، فاستمتع بوقتك وأهلك وعيالك وأصدقائك وهواياتك، فالدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
وأخيرا.. (ط. ت. ت) = طنش تعش تنتعش.. ودمتم سالمين ضاحكين فرحين.