مقالات وكتاب
ضربة معلم .. !!
بقلم: أ. عبدالله خالد العبدالمنعم
يستعد «مركز الكويت للأعمال» في الأيام القادمة لاستقبال أول رخصة لنشاط تجاري للمشاريع متناهية الصغر، حيث أعلن وزير التجارة والصناعة الشاب خالد الروضان أن شهر أغسطس الحالي سيكون انطلاقة المشاريع الحرة لهذا النوع من الرخص التجارية. والمشاريع التجارية متناهية الصغر «Microenterprise» هي أنشطة تجارية عائلية أو منزلية، تتصف بأن العاملين في النشاط الواحد لا يتجاوز 5 موظفين وممكن أن يصل إلى 10 موظفين في أقصى حال، بالإضافة إلى أن المنزل هو مقر النشاط التجاري بدلا من المكاتب التجارية، كما أن رأسمال المشاريع التجارية متناهية الصغر لايزيد عن 35000 دولار، أما عن أكثر من هذه الأرقام فيكون حينها لمشاريع تجارية صغيرة أو متوسطة أو حتى كبيرة. وتستخدم المشاريع متناهية الصغر في الدول المتقدمة في تحقيق الغايات الاقتصادية التالية :
1- خفض مستويات البطالة لاسيما للفئة التي تمتلك مهارات حرفية وليس لديها رأسمال كافي.
2- رفع وتعزيز قوة الناتج المحلي «GDP» من خلال القيم السوقية للسلع والخدمات المنتجة.
3- خلق بيئة المنافسة التامة «Perfect Competition» في السوق في ظل وجود عدد كبير من المنتجين والمستهلكين.
4- حرية دخول السلع والخدمات للسوق بسبب قلة العوائق الإدارية والإجرائية التي تحول دون دخول منتجين جدد كما تيسر إنشاء مزيد من التراخيص التجارية الجديدة المنافسة للنشاط الواحد.
لكن تجدر الإشارة إلى أن أهم سلبيات المشاريع التجارية متناهية الصغر هي ضعف مستوى جودة المنتج مقارنة بالمشاريع المتوسطة أو حتى الصغيرة، كما أن صعوبة الحصول على التمويل المالي – إن لزم الأمر – يعد هو الآخر أكبر العقبات والتحديات المنوطة بأصحاب المشاريع، بيد أن الشاب الكويتي المبادر لا يعاني بشكل حقيقي من هاجس الحصول على رأس المال الكافي لتمويل المشاريع الحرة، بقدر ما يعاني من خلل في منظمومة إجراءات الكيان المؤسسي والقانوني للنشاط التجاري، كسهولة التراخيص التجارية واستقدام العمالة ونحو ذلك.
ولعل ما يجب أن نسلط الضوء عليه هو طبيعة مقر النشاط التجاري، ففي المشاريع الصغيرة والمتوسطة تكون المكاتب والعقارات التجارية هي مقر للنشاط، حينها يجدر على المبادر الاجتهاد لإيجاد المقر المناسب حسب طبيعة النشاط ناهيك عن إجراءات طويلة يجب أن يسعى فيها بين أروقة الوزارات والجهات الحكومية للتخليص.
أما بعد دخول الترخيص التجاري للمشاريع متناهية الصغر حيّز التنفيذ، سيكون «البريد المنزلي هو المقر» بدلا عن المكاتب، وهذا مما يغني عن عملية البحث لمكتب في مبنى تجاري، لكن السؤال الأهم في موضوع البريد: هل أنظمة وإدارة البريد في الكويت لديها القدرة الاحترافية العالية لذلك ؟!!
إن قرار وزارة التجارة في دخول دولة الكويت عصر المشاريع التجارية متناهية الصغر هو «ضربة معلم»، وفي الاتجاه الصحيح نحو تحسين بيئة الأعمال والتحول نحو مركز مالي وتجاري عالمي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفكرة تحتاج إلى جلسات تقييم وتقويم مستمرة وجادة لمعالجة الخلل والآثار الاقتصادية والاجتماعية الجانبية لها، فكل الشكر للقائمين على فكرة بلورة المشاريع متناهية الصغر، وإلى مزيد من التحسين الدائم للإطار الاقتصادي والمالي للدولة.