مقالات وكتاب
رحل شيخ مشايخ شمر الذيب الحمر
بقلم: أحمد بن برجس*
رحل الشيخ محسن العجيل الياور شيخ مشايخ شمر سليل الشرف والمجد في منفاه الاختياري منذ ان غادر بلاده في تسعينيات القرن الماضي.
رحل الشيخ محسن العجيل الياور ابن الشيخ الكبير عجيل الياور الذي اتعب الحكام والشيوخ بالذكاء والفطنة وبعد النظر، وقد اقتبس منه الشيخ محسن جل صفاته الطيبة والكريمة وعاش عليها حتى توفاه الاجل المحتوم في بريطانيا العظمى التي حفظت لوالده مكانته العالية، وحفظت له مكانته التي لم تتغير عندها طوال حياته، وليس سرا انه اختارها كمكان يعيش به لانه يحترم هذه البلاد التي تحفظ لاهل الفضل فضلهم وتعاملهم بما يستحقون من اجلال وتقدير .
رحل الذيب الحمر الذي اظهر شجاعة فائقه خلال احداث ثورة الشواف على طاغية العراق الاول بمعاونة اخيه المرحوم احمد العجيل الياور الذي آلى على نفسه الابية ان لا تخضع او تجاري طاغية العراق وزمرته الشيوعية الذين ارادوا تحويل العراق الى بلد يستباح به كل شي تحت مسمى الحرية الزائفة، لذلك كان لاحمد العجيل واخيه محسن ومن ورائهم قبيلة شمر مقاتلة زبانية قاسم والمحيطين به من الشيوعيين عندما ارادوا عقد مؤتمرهم الشيوعي في الموصل فاجتمع الشيخ احمد العجيل الياور مع عبدالوهاب الشواف وقرروا رفض عقد المؤتمر في الموصل مهما كانت الاسباب.
كان الشيخ احمد العجيل الياور ومعه الشيخ نوري الفيصل الجربا ويونس اغا من كبار الموصل والشيخ محسن العجيل الياور والشيخ نوري الحروش العبدالعزيز والشيخ على الدويش والشيخ بنيان الشلال الجربا والشيخ طلال الفنر الجربا وعايد السويحل الزوبعي قد ذهبو لبغداد وقابلوا عبدالكريم قاسم واعلنوا رفضهم لعقد المؤتمر الشيوعي في الموصل، فاصر قاسم على عقده فخرجوا فقال لهم الشيخ خميس الضاري بن محمود انصحكم بعدم التوجه الى الموصل ان لم تقتلوا ستعتقلون حتما لكنهم واصلوا السير فاعتقلوا واودعوا سجن الدمرجامة خارج الموصل وبعد يومين افرج عن الشيخ احمد العجيل ومن معه ماعدا الشيخ نوري الفيصل ويونس اغا نقلوا الى سجن تلعفر فاطلق سراح يونس اغا، وقتل الشيوعيون الشيخ نوري الفيصل عليه رحمة الله .
رحل الشيخ محسن الياور الذي خرج من الموصل باتجاه الحدود السورية ومعه الشيخ نوري الحروش العبدالعزيز والشيخ على الدويش والشيخ بنيان الشلال الجربا والشيخ هادي العليان الجارلله وعايد السويحل الزوبعي وعلى مسافة 70 كم تعطلت سيارتهم قرب مفرزة عسكرية فاطلق الشيخ محسن العجيل وعايد السويحل النار على المفرزة واطلقت المفرزة النار عليهم فقتل الشيخ نوري الحروش العبدالعزيز والشيخ بنيان الشلال والشيخ هادي العليان الجارلله وحسن الشطي ونجا الشيخ محسن العجيل الياور وعايد السويحل الذي ابلى بلاء بتلك المواجهة، وفي هذي المواجهه اطلق على الشيخ محسن لقب الذيب الحمر، وكان الشيخ احمد العجيل قد سبقهم الى الاراضي السورية بعد ان قامت احدى طائرات الطاغية عبدالكريم قاسم بمهاجمة سيارة الشيخ احمد العجيل وكانت من نوع رولز رويس فاخترقت الطلقة احد المقاعد الخلفيه للسيارة ونجا احمد العجيل باعجوبة، وقد عزى البعض نجاته لله ولشجاعة السائق وحسن تصرفه، وقد صمد في ديار شمر الشيخ ظاهر المطلق والشيخ نواف الذياب والشيخ احمد الذياب والربرابة من شيوخ القويدان من زوبع ودبوس الربعية من كبار المثلوثة من زوبع ومدلول الشريدة من زوبع وقد استطاع هؤلاء الشجعان حماية ممتلكات الشيخ احمد العجيل الياور من عبث القبائل التي ثارت ضد شمر من الجبور والمعامرة والمشاهده والجحيش والمتيوت والاكراد والاعافرة والايزيدية، فاستطاع هؤلاء الشجعان من وقف زحف القبائل الثائرة ضد شمر وزعمائهم الجربا.
رحل الشيخ محسن العجيل الياور الذي رفض وهو في منفاه الاختياري بلندن الطلب الذي قدم له من المقبور صدام حسين بتأييد الغزو، فرفض رفضا قاطعا فتوجه وزير داخلية المقبور صدام حسين الى الشيخ الحميدي العجيل الياور ونقل له طلب المقبور بتأييد الغزو، فقال الشيخ الحميدي امهلني ثلاثة ايام لاجمع شمر وارى وش رايهم وعقبها نقرر ونشوف ونرد عليك، فجمع الشيخ الحميدي كبار شمر وعرض عليهم الامر وقال: وش رايكم، فقال الشيخ حمود بن بقار انا ارى اننا نرفض تأييد الغزو لان قبيلة شمر منتشرة في الخليج وتأييد الغزو رغم كونه خاطئ وغير مشروع الا انه سيؤثر على قبيلتنا في الخليج عامة والكويت خاصة، فقال الشيخ الحميدي: انا افوضك تتكلم بهذا امام وزير داخلية صدام الذي سياتي غدا، ولما جاء وزير داخلية المقبور قال الشيخ الحميدي: حنا فوضنا الشيخ حمود بن بقار يتكلم بالنيابة عنا، فقال الشيخ حمود بن بقار: حنا صحيح مواطنين عراقيين وعلينا ماعلى العراقيين وحنا مستعدين ندافع عن العراق ضد اي اعتداء لكن بالنسبة لتأييد الغزو اسمحوا لنا حنا نرفض تأييد الغزو لان قبيلتنا منتشرة في الخليج وتأييدنا سيؤثر عليهم وخاصة شمر بالكويت .
رحل الشيخ محسن العجيل الياور بعد حياة قضاها بالشجاعه ومكارم الاخلاق عليه رحمة الله .
رحل الشيخ محسن العجيل الياور بما يحمله من قيم ومباديء اخلاقية نبيلة نتجت عنها كل مواقفه النبيلة من مقاتلة طاغية العراق المقبور عبدالكريم قاسم الى رفض عدوان الطاغية الثاني والمقبور ايضا الذي هدم بفعلته وجريمته النكراء باحتلال الكويت هدم مباديء العرب بحسن الجوار وحماية الجار في كل الظروف والاحوال .
سار ابناء عجيل الياور على نهج والدهم الشيخ عجيل الياور الذي كان له شرف الوقوف بوجه الملك غازي وادعاءته الباطلة ضد الكويت واستطاع افشال مشروعه الذي قدمه للبرلمان العراقي انذاك، حيث كان الشيخ عجيل رئيس كتلة العشائر بالبرلمان فكسب رضا الله غير عابيء بسخط الملك، وسخط رئيس وزرائه ياسين الهاشمي الذي كان يزين للملك ادعاءاته الباطلة ضد الكويت فانتهيا مع الخيبة والخذلان .
رحل الشيخ محسن العجيل الياور ورحلت معه مبادؤه واخلاقه النبيلة عليه رحمة الله .
*عضو معهد المؤرخين البريطاني
باحث في تراث الكويت والجزيرة العربية
خبير في شؤون القبائل والانساب