مقالات وكتاب

فلسفة ربط الاقتصاد بالأمن

بقلم: أ. عبدالله خالد العبدالمنعم

 

في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك الماضي أعلن معالي وزير الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح في لقاء مفتوح مع جمعية الصحفيين الكويتية، نشرته جميع الصحف المحلية على صفحاتها الرئيسية بالبنط العريض، عن ملامح مشروع تطوير الجزر الكويتية ومدينة الحرير، المشروع الأساسي لرؤية الكويت 2035 «كويت جديدة». حيث لا يخفى على القارئ ما ينفذه الديوان الأميري من مشاريع تنموية أبهرت الجميع، منها ما تم افتتاحه ومنها ماهو على الأبواب، حيث أضحى هو المطبخ الذي يحضر السياسية الاقتصادية المستقبلية للدولة ومنها الرؤية الوطنية 2035 «كويت جديدة». وقبل أن أورد تعليقي وتحليلي للفكرة دعوني أضع بين أيديكم أبرز ما ذُكر في هذا اللقاء :

١- فكرة مشروع الجزر الكويتية الشرقية وهي «بوبيان وفيلكا ووربة ومسكان وعوهه» تتمثل في أهمية ربط الاقتصاد بالأمن ضمن رؤية 2035 «كويت جديدة».

٢- يدير مشروع الجزر الكويتية مجلس أمناء 75% من أعضائه من الأجانب من الشخصيات الدولية التي خدمت في مجالات عدة مثل الوكالات التنموية الدولية والأممية والبنوك الرئيسية والشركات أو الدول التي لديها نفس المشاريع ونجحت بها بالإضافة إلى شخصيات معروفة عالميا.

٣- بقية أعضاء مجلس الأمناء فهم 25% من الكويتيين من أصحاب الخبرات وممن أثبتوا قدراتهم المتميزة في مجال الإدارة والمعرفة.

٤- الأجانب سيستثمرون ويسكنون في الجزر وسيعطون بعداً أمنياً كبيراً للكويت توازياً مع البعد الاقتصادي.

٥- مشروع تطوير الجزر الكويتية ستقوم عليه شركات استثمارية محلية ودولية بقوانين وتشريعات استثنائية لتشجيع الاستثمار في هذه المنطقة.

٦- مشروع تطوير الجزر الكويتية يتمثل في كونها منطقة تجارية حرة مستقلة شبيهة بتجربة هونغ كونغ مع الصين.

٧- المنطقة ستكون تحت السيادة الكويتية لكنها مستقلة إداريا وماليا وتشريعيا من خلال إيجاد بيئية استثمارية خصبة جديدة في شمال الخليج.

 

خلاصة هذا المشروع الاستراتيجي السيادي للدولة هو تنويع مصادر الدخل والقفز إلى مرحلة الاقتصاد اللا نفطي، في ظل استمرار العجز في ميزانيات دول الخليج وعدم استطاعة هذه الدول خلال العقود القادمة من تحقيق إيرادات مالية كافية لتغطية الموازنات العامة للدولة، حيث يقدر الناتج المحلي الإجمالي لمشروع الجزر نحو 35 مليار دولار سنويا، كما أن جوهر المشروع يكمن في صياغة فلسفة اقتصادية جديدة في منطقة الخليج وهي «ربط الاقتصاد بالأمن»، إذ أن تعزيز الاستقرار الأمني يشكل أرضا خصبة لجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من آسيا مرورا بمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وانتهاء في أوروبا، مما يعيد رسم طريق الحرير التجاري التاريخي من جديد مرورا بالكويت عبر «ميناء مبارك الكبير» العملاق في شرق جزيرة بوبيان.

إن النمو الاقتصادي والتنمية في الخليج مرهونان بمدى تحقق الأمن والاستقرار السياسي في المنطقة خلال السنوات القادمة، ولاشك أن ما نشهده حاليا من متغيرات سياسية متسارعة واتجاه العالم نحو التخندق والانكفاء الذاتي، وإعادة تشكل تحالفات سياسية واقتصادية جديدة، يؤكد ضرورة تسريع عجلة تنفيذ مشروع تطوير الجزر ومدينة الحرير وفق مبدأ «ربط الاقتصاد بالأمن»، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل السياسية والاجتماعية التي تؤثر بهذا المشروع.

بقي أن نقول .. هناك ثمة عقبات قد تواجه تحقيق المشروع وهي معوقات دستورية وقانونية وبيروقراطية يجب تذليلها، أضف إلى ذلك مقاومة المجتمع لأية فكرة جديدة حتى لو كانت مفيدة، وهذه هي سمات بشرية يمكن تجاوزها بمزيد من الوعي والتسويق الإعلامي، والأهم من هذا كله إدراك حجم المخاطر الاقتصادية التي سنورثها للأجيال القادمة في حال عدم تنفيذ المشروع لاسمح الله. كما أنه يجب الأخذ في الحسبان أن أي قرار استراتيجي مهما كانت إيجابياته فإن له سلبياته، لكن من الإنصاف أن تكون الخطوة التالية – وهي التنفيذ – مرتكزة على فهم حاجة الوطن والمواطن واستقراء علمي سليم للمستقبل.

 

 

الوسوم
إغلاق
إغلاق