مقالات وكتاب
تدليس موشيه شارون للتاريخ الإسلامي (2)
بقلم: د.عصام عبداللطيف الفليج
نستكمل اليوم رد أ.فيصل الزامل على تدليس الباحث الإسرائيلي د.موشيه شارون للتاريخ الإسلامي..
3) اعتبر د.شارون ان “الاسلام يسعى لإقامة امبراطورية”، وذلك لتخويف الغرب من الإسلام. في حين كتبت إسرائيل على مدخل البرلمان “حدودك يا إسرائيل، من الفرات الى النيل”، فمن يا ترى يسعى للإمبراطورية؟!
وعلميا ينطبق مصطلح امبراطورية على أعراق متجانسة؛ كالفرس والرومان والاغريق والمغول، وجاء من بعدهم هتلر، والآن اليهود، أما المسلمون فهم ليسوا منحدرون من عرق واحد يتوق الى بناء امبراطورية، فالدين لا يحتاج لحدود جغرافية لإيصال رسالته، مثل الامبراطوريات الجغرافية، كونه يمثل قناعة تتقبلها الشعوب، وتبقى مستقلة، كمجتمعات ودول، ولم تجمعهم امبراطورية واحد.
4) د. شارون: “الاسلام يعتبر نفسه فوق الأديان”.
– التعليق: المكانة المميزة للإسلام هي في كونه خاتم الرسالات السماوية في الترتيب الزمني، ولكنه لا يلغي ما سبقه من الرسالات ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ﴾، وتسمية “الإسلام” عائدة الى التسليم لله عز وجل، وهو شأن جميع الأنبياء (ع)، وكلهم قال بهذه الصفة من إبراهيم الى موسى وعيسى ويوسف (ع)، ولهذا قال تعالى ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
ودعا القرآن الكريم أهل الكتب السابقة للعمل بما أرسل اليهم من رسالات حملتها اليهم رسلهم، ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فأولئك هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
وعندما خاضت اليهود في “من هو الأفضل”، أثبت القرآن الكريم أن المكانة السامية مرتبطة بالعمل وليس بالأماني ولا بالانتقاء العرقي، بشرط الايمان بالله عز وجل، قال تعالى ﴿لّيْسَ بِأَمَانِيّكُمْ وَلآ أَمَانِيّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوَءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً * وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتّبَعَ مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾.
أما فوقية التشريع الاسلامي على ما سواه، فهي عائدة الى الحجة العلمية والبيان المنطقي، ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ، هَا أَنتُمْ هؤلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، ما كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا ولكن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
ثم يضع القاعدة المنطقية في سبب الأهلية والافضلية للانتساب لهذا النبي او ذاك، وهي اتباعه والتزام العقيدة التي جاء بها النبي، إلا ان اهل الكتاب خالفوا ما جاء به أنبيائهم، ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وعاب القرآن الكريم على اهل الكتاب مفارقتهم لدينهم ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ وفرقوا أي فارقوا دينهم.
لقد أعلنت إسرائيل أنها دولة يهودية، وكم استفادت اليهودية من الإسلام لـ 14 قرن مضت في بحرية الاعتقاد وسائر الحقوق، وبالمقابل وجدنا دولتهم (إسرائيل) تقتحم المسجد الأقصى بفضاضة، وتحفر تحت أساساته منذ 50 سنة بحثا عن هيكل مزعوم بغير نتيجة، وما زال البحث الوهمي جار وراء وهم لم تثبته جميع تلك الحفريات التي لم تحقق سوى الإيذاء للمسلمين واذلالهم في الوصول الى المسجد لأداء الصلوات فيه، والسماح للمتطرفين بالدخول اليه، والقاء القاذورات في جنباته، فضلا عن الحريق الذي أشعلوه داخل المسجد أكثر من مرة، وهذه الممارسات نالت كنيسة القيامة بنفس القدر الذي ناله المسجد الأقصى، فمن الذي يشعر بالفوقية ويمارسها على الآخر عمليا؟
وللحديث بقية…