مقالات وكتاب
التوتر الأوربي التركي.. لماذا الآن؟
بقلم: د. عصام الفليج
برز على السطح مؤخرًا ملامح التوتر بين بعض دول أوربا الغربية وتركيا أردوغان، وهذا ليس بمستغرب لسياسيين سبق أن صرحوا بحنقهم على المسلمين بشكل عام، وعلى تركيا الحالية بشكل خاص، رابطين ذلك بالإرهاب تارة، وعدم تطبيق المسلمين للديمقراطية تارة، وعدم ديمقراطية الأتراك تارة أخرى.
ومما يؤسف له أن دعاة الديمقراطية الغربية يتناسون ديمقراطيتهم مع الآخرين، وحتى مع مخالفيهم من المواطنين، ويستغلون خلافاتهم لأغراض انتخابية، وهذا ما حصل مؤخرًا في هولندا، وغيرها من الدول.
وقد تساءل البعض؛ هل يصح ما قامت به تركيا من مشاركة أتراك مهاجرين في استفتاءات برلمانية، كما حصل مؤخرا في هولندا؟ أليس هؤلاء الأتراك الآن مواطنون هولنديون؟
وتناقشت مع د.عبدالله الشايجي أستاذ العلوم السياسية حول هذا الموضوع، وتلك المشكلة، فأفاد بالآتي:
• معظم الدول الأوروبية تسمح لمواطنيها بتعدد الجنسيات، وبالتالي يحق لهم المشاركة بالتصويت في الاستفتاءات والانتخابات، ويوجد في هولندا أكثر من 400 ألف تركي اكتسبوا الجنسية، وفِي ألمانيا أكثر من 3 ملايين تركي، يعني كلهم “مزدوجين”.
• هذه ليست المرة الأولى التي تقام فيها التجمعات التركية لذات الهدف، ويحضر لها مسؤولون من تركيا، سواء في هولندا أو ألمانيا او غيرها، ولم يتم معارضتها بهذه الطريقة الفجة.
• الأمر كان فيه مبالغة سياسية غير مسبوقة، بمنع دخول الوزيرة التركية الى القنصلية في روتردام؛ رغم انها تبعد عنها عدة أمتار، وتعتبر القنصلية أرض تركية، وتم إعادتها الى الحدود الألمانية براً من حيث أتت. ثم تم منع نزول طائرة وزير الخارجية لذات الهدف.
• الأمر الآخر، وهو قد يفسر جزء مما سبق؛ انه في تلك الأيام كانت حملات الانتخابات الرئاسية في هولندا على أشدها، وينافس الرئيس السابق شخص شرس من اليمين المتطرف، يعادي المسلمين بشكل خاص، والوافدين بشكل عام، وأراد الرئيس القائم أن يثبت أنه ليس أقل عدوانيةً منه للمسلمين لأجل الأصوات، ففعل ما فعل، ونجح بالانتخابات.
وهناك تحليلين للفترة المقبلة؛ فإما أن تعود الأمور إلى وضعها السابق، كأن لم يكن، وإما أن يستغل المتطرفون هذه الفرصة للضغط على الحكومة للاستمرار بهذا التضييق، توافقا مع رياح ترمب التي تجوب بعض دول أوربا، بانتهازية بشعة من اليمين المتطرف. والله أعلم.
عموما.. تبقى تركيا أردوغان مصدر قلق للغرب لأنه تفوق بشعبه، وقدرات وطنه، بعيدا عن الفساد الإداري والمالي، فكان الالتفاف الشعبي العارم من جميع الأطياف السياسية، سوى بعض الفئات المتطرفة، كما حصل في الانقلاب التاريخي الفاشل، وهذا ما أثارهم، وأسأل الله أن يحفظهم من كل سوء.