رياضة
أطفال غزة يشقون طريقهم نحو “مونديال الأيتام” لكرة القدم
في كل ليلة تغفو فيها عيون الطفل حسن أبو طيبة، لا يراوده سوى حلم وحيد يتمثل باحتضانه كأس العالم لكرة القدم للأيتام الذي تستضيفه المغرب مطلع يوليو/تموز المقبل.
الطفل اليتيم البالغ من العمر 13 عامًا والذي وقع عليه الاختيار رفقة مئات الأطفال لتشكيل منتخب يمثل فلسطين في البطولة يستيقظ مبكرًا كل صباح لينطلق نحو الخطوات الأولى لتحقيق حلمه المنشود.
البداية كانت في معهد الأمل للأيتام بمدينة غزة إذ تلقى دعوة رسمية من أجل مشاركة فلسطين في النسخة الثانية لبطولة كأس العالم للأيتام التي تنظمها مؤسسة “ساتوك الخيرية” برئاسة الأميرة القطرية شيخة آل ثاني.
وداخل أرضية المعهد يتلقى أبو طيبة تدريبات مكثفة في كيفية ركل الكرة وإسكانها في الشباك من قبل طاقم تدريبي من أكاديمية المحترفين لكرة القدم.
وحين ينجح في تسجيل هدف، يصفق فرحًا، لاقترابه من حلمه كما يقول للأناضول، ويُكمل فيما أصوات أقرانه ترتفع في المكان بصخب شديد: “بدنا (نريد أن) نشارك بالبطولة وإن شاء الله نفوز فيها”.
يقول الصغير الذي فقد والديه في الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة صيف عام 2014، إنه يتدرب بشكل مكثف، ويبذل كل جهده كي يقع عليه الاختيار لتمثيل منتخب فلسطين للأيتام.
ويشعر الصغير بسعادة كبيرة وهو يفكر بالسفر إلى الخارج، واستقطاع أوقات من اللعب والمرح بعيدًا عن الحصار، وأوضاع القطاع المعيشية الصعبة.
ومطلع الأسبوع الجاري بدأ المخيم التدريبي للأطفال الأيتام على مستوى قطاع غزة بمشاركة 3 آلاف طفل يتيم، سيتم اختيار ثمانية لاعبين فقط للمشاركة في البطولة، التي تعد الأولى من نوعها بالنسبة لفلسطين، منذ انطلاقها في مصر عام 2015.
وعلى مقربة من مجموعة أطفال اجتمعت حول المدرب للانصات باهتمام لتعليمات فنية حول كيفية استخلاص الكرة من الخصم، قال الطفل أحمد النجار (14 عامًا) إنه يحلم أن يكون لاعبًا كبيرًا في المستقبل.
ولا يركل الكرة فحسب، كما يقول النجار للأناضول بل يقذف معها أحزان يُتمه، وفقده لوالديه (في الحرب التي شنتها إسرائيل عام 2102).
ويضيف: “أتمنى أن نشارك بقوة، ونمثل فلسطين في الخارج ونفوز”.
ويؤكد الصغير أنه يتدرب بقوة رفقة الأطفال الآخرين كل يوم، معربًا عن أمله أن يفتح مونديال الأيتام لهم المجال للتحليق عاليًا في عالم كرة القدم.
ووفق إحصائية أصدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية، يبلغ عدد الأيتام الإجمالي في قطاع غزة بفعل الحروب الإسرائيلية المتكررة أو الوفاة الطبيعية 20 ألف شخص.
ويقدر عدد الأيتام بفعل الحروب الثلاث نحو 3 آلاف و366 يتيمًا، تقل أعمارهم عن سن الـ18، منهم نحو 2053 قتل آباؤهم في حرب 2014.
وسيشارك في البطولة 25 منتخبًا، وهو ما رآه المدير التنفيذي لمعهد الأمل للأيتام إياد المصري “حدثًا استثنائيًا” تتمكن فلسطين من تسليط الضوء على قضايا أيتامها في المحافل والبطولات الدولية، خاصة قطاع غزة.
ويضيف المصري للأناضول: “أجرينا اختبارات لنحو 3 آلاف طفل، من سن 11 إلى 15 عامًا، وتواصلنا مع مؤسسات رعاية الأيتام على مستوى قطاع غزة، والآن نحن في مرحلة تشكيل المنتخب الذي سيمثل دولة فلسطين في البطولة وسيكون من 8 لاعبين رفقة 3 من الطاقم الفني”.
وقال المصري إنه يأمل بفوز منتخب فلسطين، والحصول على البطولة، وأكد أن ذلك سيكون له دور كبير في إنعاش قلوب أيتام غزة.
وفي تصريحات صحفية لها توقعت شيخة آل ثاني، صاحبة فكرة كأس العالم للأيتام، أن تنال البطولة اعتراف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في النسخة المقبلة 2017 أو التي تليها 2019 على أبعد تقدير.
وقالت آل ثاني في مؤتمر صحافي عقدته في دبي مؤخرًا على هامش فوزها بجائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي عن فئة المؤسسة العربية، إن مؤسستها المسؤولة عن الفكرة وتنظيم كأس العالم للأيتام أرسلت خطابًا رسميًا إلى “فيفا” الذي أبدى على لسان رئيسه جياني انفانتينيو إعجابه بالفكرة وإمكانية دعهما والاعتراف بها مستقبلًا.
وسيتم اختيار المشاركين وفق الكفاءة العالية، كما يقول إياد سيسالم رئيس أكاديمية المحترفين لكرة القدم في قطاع غزة (المسؤولة عن توفير الطواقم التدريبية واختيار الأطفال المقرر انضمامهم لمنتخب فلسطين).
ويضيف سيسالم للأناضول: “هناك منافسة شرسة بين الأطفال، التدريبات مكثفة وسنختار 8 لاعبين يتمتعون بمهارة عالية”.
ووصف المشاركة أنها “وسام فخر” لأطفال فلسطين، معربًا عن أمله أن تشكل هذه البطولة متنفسًا لأيتام غزة، بعيدًا عن واقعهم المرير.
وشهد القطاع خلال السنوات التسع الأخيرة ثلاثة حروب شنتها إسرائيل بين العامين 2008 و2014 كان أعنفها الحرب الأخيرة قبل 3 أعوام والتي أدت إلى مقتل 2323 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلًا، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.