مقالات وكتاب
مظاهرات أمريكا.. ونقل السفارة إلى القدس
بقلم: د. عصام الفليج
جابت شوارع ومدن الولايات المتحدة أكبر مظاهرات في تاريخ أمريكا، دفاعاً عن الحريات بشكل عام، وعن المسلمين والأقليات بشكل خاص، فرفعوا صورة المرأة الأمريكية المسلمة وهي تلبس علم بلادها كحجاب، ورفعوا اللافتات التي تندد بتصريحات الرئيس الجديد الفئوية، وأعلن المتظاهرون دفاعهم عن أي اعتداء على المسلمين، وأن بيوتهم تأويهم، ورفعوا قضية أسقطت قرار ترمب ضد استقبال مواطني ٧ دول مسلمة، وملؤوا مطار نيويورك بالمتظاهرين مساء يوم السبت، وهي الليلة التي يسهروا فيها في نهاية الاسبوع، وضحوا بها من أجل وحدة الشعب.
وما زالوا كل يوم يقدمون مبادرة شعبية جديدة، ضد من جاء ليفرقهم كما قالوا. مبادرة فردية، وجماهيرية، وثقافية، وإعلامية، واتصالية، والكترونية. مبادرة من مثقفين، وإعلاميين، ومحامين، ومترجمين، ومؤسسات حقوقية وإنسانية.
هؤلاء غير مسلمين، ورفعوا هذه الصور واللافتات في كل المظاهرات دفاعاً عن المسلمين والأقليات، وليبراليو المسلمين يهاجمون الحجاب، ويستكبرون على الأقليات، ويسخرون من الرموز الدينية!!
انها ديمقراطية الألفية الثالثة!
وفِي اتجاه آخر.. وخلال إشغال الإعلام والعالم بمثل هذه الأمور وغيرها، يسعى الكيان الصهيوني إلى دفع الرئيس ترمب لنقل السفارة الأمريكية إلى العاصمة الدينية المقدسة لجميع الأديان السماوية.. “القدس”، وكأنهم يسابقون الزمن لإنهاء الوجود اليهودي كما جاء في الأديان أيضاً.
وهذه إحدى مخططات تفكيك العالم الاسلامي وإنهائه، فهم يعيشون اليوم في أضعف حالاتهم، بعد نجاح الصهيونية في تقويض الديمقراطية في معظم البلاد الاسلامية، وإضعاف الاقتصاد فيها، وتدمير البنية التحتية
في الشام والعراق ولبنان وليبيا ومصر وتونس والصومال واليمن وافغانستان.. وغيرها، واختراق ما يسمى “الربيع العربي”، ليتحول الى شتاء قارس، أو صيف ملتهب.
انها ديمقراطية الألفية الثالثة!
نعم.. يجب لفت أنظار العالم أجمع إلى ذلك المخطط، فنقل السفارة هو اعتراف ضمني بأحقية الكيان الصهيوني بكل الأراضي الفلسطينية، وبالتالي التوسع نحو الفرات والنيل، تحقيقاً للمقولة التاريخية لديهم “بلادك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل”، ولا تقللوا من خطورة ذلك الأمر، فقد قللناه سابقاً حتى استولوا تدريجياً على كل فلسطين، ثم أمَّنوا الحدود باتفاقيات سلام مع دول الجوار، ثم أشعلوا النيران في تلك البلاد، فدمروها وأنهكوها وأفقروها، حتى أنه لن يطمع بحكمها أحد بعد الآن سوى العسكر!
المخطط الصهيوني العالمي على العالم الاسلامي بالذات كبير جداً جداً، ولسنا سوى مراقبين ننتظر متى يقع السيف على رقابنا، كما في عهد المغول، وما لم نفكر كحكومات وتيارات وأحزاب وقيادات ورموز بشكل جمعي لا فردي، ومصلحة عامة لا خاصة، لن تقوم لنا قائمة، فالمكائد تحاك لنا من كل صوب، والخيانات تطفح على السطح كل يوم، وكل يغني على ليلاه، دون النظر لأدنى حقوق البشر.
لا بد من الرفض الجمعي لكل تلك القرارات الترمبية الفئوية والفوقية واللا إنسانية، التي تخص الأديان والأعراق وحتى المعاقين، ورفض القرارات الداعمة للكيان الصهيوني الآخذ بالزوال قريباً بإذن الله.
***
“الحياة قصيرة، فلا تقصروها بالهم والغم والحزن، فكلنا راحلون”. ابن السعدي.