مقالات وكتاب

الفساد مسؤوليتنا جميعا

بقلم: عمار العجمي

تراجعت الكويت في السنوات الماضية ، وانحدر مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والتنموية ، وهو أمر مرده الإضطراب الذي أصاب الحياة السياسية والإجتماعية فانعكس بصورة مباشرة على حال الوطن وأركان الدولة .

ولا شك أن النظام السياسي الممثل بالحكومة هو السبب الظاهر لهذا الإنحدار ، إلا أن الخطر ، أشد خطر ينخر أعمدة الدولة ، ويضرب أركانها هو الفساد المتمكن من أجهزتها والحاكم لمؤسساتها ، ولا نحتاج في هذا المقام للإطلاع على إحصائيات رسمية لتترسخ قناعة ، بأن الفساد والفاسدين هم المتنفذين الذين يقودون الدولة العميقة بالخفاء ، وهم من يستخدم الوطن وسيلة لتنمية نفوذهم وتضخيم أموالهم .

والملاحظ موخراً تسريع وتيرة إستنزاف الدولة ونهب ثرواتها والسيطرة على مكامن القرار فيها حتى تراجعت الكويت وخلال عشر سنوات فقط من المرتبة ال٤٥ الى المرتبة ال٧٥ في مؤشر الفساد وهو إنحدار رهيب يبين منه مدى عمق الأزمة التي يعاني منها الوطن .

إننا مطالبون كأبناء لهذا الوطن أن نتقي الله في ما حبانا به من خير ونعمة ، فما نعيشه اليوم من تردي أوضاع الوطن وسوء الخدمات وضعف الحكومة والمجلس لن ينصلح إلا إذا تضافرت الجهود لإعلاء المشروعية وسيادة القانون ، وتطبيق القانون بلا محاباة أو تمييز ، فالفساد إن ضرب الدولة وتمكن منها تحول من ظاهرة إلى بلاء مستحكم ينخر الدولة حتى يهدمها ويستنزف ثرواتها .

إننا بحاجة لإحساس وطني بالمسؤولية ، يدفع كل مواطن لرفض المحاباة والتمييز ، وتنقية سلطات الحكم من العابثين بالمصلحة العامة والمتمصلحين على حساب الوطن ، والخاضعين للمتنفذين ، إننا بحاجة لرقابة حقيقية على تطبيق القانون ورفض التمييز والإنتقائية .

كما أن على مجلس الامة مسئولية كبيرة تجاه قوانين مكافحة الفساد ، بإقرار الناقص منها وتعديل الاعوجاج في القائم منها ، ومنحها هيئاتها استقلالية حقيقية لا صورية ، وضمان تولي الكفاءات الأمينة المنزهة عن الفساد .

إن أخشى ما اخشاه أن نصل لمرحلة الكفر بالدولة والإيمان بالدائرة المحيطة من عائلة أو قبيلة أو طائفة فتتفتت اللحمة وينفرط عقد الدولة ، وتحل العصبيات المختلفة محل الوطنية ، فتُفْقَد الآمال ، ويهتز الولاء .

إن الكويت لا تستحق أن نمكن الفساد منها ، فالسلبية والتجاهل واللآمبالاة مردها أن يحكم الفساد مستقبلنا ويتحكم بمصير أبنائنا ، وهو ما لم يرضاه الآباء فكيف يرتضيه الأبناء ، إننا أمام مسئولية شخصية بالعمل بوطنية بالقصد والاتجاه ، فكلنا مسئول وكلنا سيدفع الثمن إن قصر تجاه وطنه أو مستقبل أبناءه .

يقول المولى عز وجل {{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا }} .

الوسوم
إغلاق
إغلاق