مقالات وكتاب

بين البركة و “البركة “

بقلم: أ. خالد السلمي

في ضوء الاتجاه المتصاعد نحو “الكترنة” المعاملات لتحويلها من عمليات ورقية الى الكترونية ، والمتوقع تطورها خلال الخمس سنوات القادمة بمعدل يفوق ما تم خلال العشرين سنة الماضية ، وفي ضوء التحديات الكبيرة والحقيقية التي تواجه هذه الفلسفة ، نجد اننا في الكويت متأخرين جداً في هذا السياق نتيجة لمشكلة اصلية تكمن في عدم استيعاب الهدف الأسمى من تحويل المعاملات من ورقية الى الكترونية.

ان تحويل كافة العمليات الى عمليات الكترونية ، تشكل عاملاً مهما في تسريع كافة المعاملات وانجازها بشكل صحيح ودقيق ، الا ان الهدف الأسمى من هذه الفلسفة هي القدرة على صنع القرار الصحيح بناء على معطيات واضحة بعيدة عن الاستقراء الشخصي للمشكلات او ربما عبر التجربة والخطأ او حتى عن طريق الفلسفة الاستراتيجية التي تقوم عليها معظم مؤسسات البلد : ” على البركة ” .فالسرعة التي يتم بها اتخاذ القرارات ، التي يعقبها قرارات اخرى تلغيها او تؤجلها لمزيد من “الدراسة” لهي مؤشر واضح الدلالة على اشكالية انعدام وجود قدرة تحليلية تبين تبعات القرار المتخذ وابعاده ، ومدى نجاعته في تحقيق الهدف المنشود من ورائه ، كما يتضح من جانب اخر ان القرارات المتخذة قصيرة النظر تهدف الى حل مشكلة عبر خلق مشكلة اكبر. اذ لا يتصور في هذا الزمن المعقد ان يمتلك اي صانع قرار –مهما بلغ من الخبرة والعلم – القدرة على اتخاذ القرار بشكل منفرد بعيدا عن الادوات التي تتيح له الوصول الى القرار المناسب . لذا يجب على صانع القرار في كافة المؤسسات الحكومية ان يضع نصب عينيه حتمية الاخذ “بالالكترنة” ، فلم يعد القرار الصحيح وحده يكفي لتحقيق الانجاز ، بل القرار الكفؤ الذي يحل المشكلة في التوقيت الصحيح والذي يخدم اكبر شريحة باقل التكاليف.ولا ريب ان تطبيق اي قرار كفؤ في ظل المنظومة الحالية يعد تحدياً حقيقيا مشبعاً بالمعوقات التي يأتي في مقدمتها قدرة صاحب القرار “الحالي” على استيعاب التغيير والتأقلم معه ، وهو مايمكنك فهمه اذا تصورت تعامل جيل الاجداد مع التقنيات الحديثة كالاجهزة الذكية وما يصاحبها من ثقافة عملية ، وقد قيل ان الحكم على الشئ فرع عن تصوره ، فلايمكن توقع التغيير نحو “الالكترنة” عبر خبرات مبنية “على البركة ” ، وتصورات لاتواكب العصر ولا تتطلع للمستقبل فالبركة الحقيقية تكمن في الشباب

الوسوم
إغلاق
إغلاق