مجلس الأمة

الغانم: رؤية الإصلاح الاقتصادي تستلهم فكر سمو الأمير

قال رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم إن رؤية الإصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت تستلهم فكر صاحب السمو الأمير الذي يطمح لجعل الكويت مركزا ماليا واقتصاديا إقليميا ودوليا.

وأكد أن خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت تهدف إلى تحولات رئيسية ثلاثة تتعلق بطبيعة الاقتصاد وقاعدته الإنتاجية وطبيعة القوة البشرية المحركة له.

جاء ذلك في كلمة للغانم أمام منتدى الاقتصاد العربي الذي افتتح أعماله في بيروت امس بحضور راعي الحفل رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري.

وقال الغانم في كلمته «إن التحولات الثلاثة التي تستهدفها رؤية الإصلاح الاقتصادي في الكويت تتعلق بالانتقال من اقتصاد ريعي يحكمه القطاع العام إلى اقتصاد تنافسي يحركه القطاع الخاص. ومن قاعدة إنتاجية ضيقة تعتمد على ثروة ناضبة إلى التوسع في قاعدة إنتاجية عريضة تساهم فيها الأنشطة المالية والتجارية واللوجستية بنسبة عالية من الناتج المحلي الإجمالي. والتحول الثالث من قوة عاملة تشكل العمالة الوافدة النسبة الكبرى من هيكلها إلى عمالة وطنية تشكل العمود الفقري لهذا الهيكل».

وأضاف الغانم، الذي يعد أول رئيس برلمان عربي يحل ضيف شرف على المنتدى، «ان الإصلاح الاقتصادي والمالي ثلاثي الأبعاد هذا، يستلهم فكر حضرة صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – حفظه الله ورعاه – الذي هو والدنا قبل أن يكون قائدنا، وكبيرنا قبل أن يكون أميرنا، والذي يطمح إلى أن يجعل الكويت مركزا تجاريا وماليا إقليميا ودوليا».

وقال «إن هذا الفكر تمت بلورته إلى رؤية تنموية كاملة واضحة للكويت 2035، يجري العمل على تنفيذها في إطار خطط خمسية متتابعة، تبلغ تكاليف تنفيذ هذه المشاريع المدرجة في أولاها فقط قرابة 116 مليار دولار، تتوزع على كافة القطاعات الاقتصادية عموما، وعلى مشاريع الكهرباء والماء وقضايا الصحة والتعليم على وجه الخصوص. كما تشكل برامج الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة آليات رئيسية لتحقيقها».

وأضاف بهذا الصدد «وإذا كان الوقت لا يتسع للحديث عن السياسات الرئيسية، وعن منظومة التشريعات الحديثة التي تواكب عملية الإصلاح الاقتصادي والمالي هذه، فإن من الضروري أن أذكر أن هذه السياسات والتشريعات تتوجه نحو الانفتاح الكامل والفاعل، ونحو تسهيل التدابير والإجراءات، ونحو إيجاد مناخ استثماري جاذب للاستثمارات العربية والأجنبية».

وتطرق الغانم في كلمته إلى آفاق الإصلاح الاقتصادي والمالي في لبنان قائلا «أرجو ألا أرتكب خطأ كبيرا عندما أزعم أن برنامج الإنفاق الاستثماري على البنية الأساسية في كل مرافقها ومناطقها، والذي يتضمن أكثر من 280 مشروعا، يمثل إلى حد بعيد تطلعات لبنان الاقتصادية وطموحه التنموي للمرحلة القادمة».

وأشار إلى النجاح الكبير الذي حققه (مؤتمر سيدر) – المنعقد في أبريل الماضي بباريس – لدعم لبنان اقتصاديا والذي أسفر عن وعود وتعهدات مالية يتجاوز مجموعها 11 مليار دولار لإعادة تأهيل البنية الأساسية، وتحديث الاقتصاد والإدارة العامة، وإعطاء القطاع الخاص في لبنان دفعة قوية جديدة.

وقال «لقد استجاب المجتمع الدولي في (سيدر) لاحتياجات التنمية والسلام في لبنان استجابة غير مسبوقة، وفي ظل ظروف اقتصادية ومالية صعبة تسود العالم بأسره».

وأكد بهذا الصدد «أن هذا يؤكد ما نقوله دائما أن لبنان ضرورة عربية ودولية، وأن استقراره وأمنه ونموه مسؤولية عربية ودولية أيضا».

وقال «إذا كان نجاح الإصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت مرهونا بالتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بصدق وعمق، وبتحمل القطاع الخاص لمسؤوليته التنموية والمجتمعية بكفاءة وشجاعة، فإن نجاح لبنان في الحصول على التزامات الدول والمؤسسات الدولية المشاركة في (سيدر) مشروط بتنفيذ الالتزام اللبناني المقابل، ليس بالإصلاح الاقتصادي والمالي فحسب، بل بالإصلاح السياسي المعزز للتعايش والعدل والمرجعية الوطنية».

وتطرق الغانم في كلمته إلى آفاق الإصلاح المالي والاقتصادي في العالم العربي قائلا «إن الإصلاح أشبه بالعمل الجراحي، مؤلم موجع ولكن لا غنى عنه. فالتغيير أول شروط الاستمرار، والتغيير مستحيل مع تمسك كل فريق بخندقه ومكاسبه، والتغيير مستحيل مع بقاء كل مسؤول في منصبه».

وساق الغانم في هذا الإطار مثالا على أحدث تجارب الإصلاح وإعادة الهيكلة من خلال ما يحدث في المملكة العربية السعودية قائلا «لعل أقرب مثال عملي حديث على هذا النهج هو عملية إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي الذي تتم برعاية مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وبمتابعة حثيثة من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان».

وأكد الغانم «أن الإصلاح بحاجة إلى نفس طويل من الحكومات ومن الشعوب على حد سواء. وهذا النفس لن يكون مجديا إذا كان قصيرا أو قاصرا أو متقطعا، بل يجب أن يظل موصولا ومنتظما ومتدفقا طوال فترة العبور والتحول».

وأضاف «من المؤسف أن بعض حكوماتنا لا تصارح شعوبها بالحقائق عن أوجاع الإصلاح وآلامه، وعن فترة التحول وتداعياتها. كما أن هذه الحكومات لا تبين لشعوبها التكلفة المالية والاقتصادية والاجتماعية لتأجيل الإصلاح أو التردد بشأنه. وهذا ما يفسر، دون أن يبرر، سبب النفس الشعبي القصير في الصبر على مقتضيات الإصلاح وآلامه».

واستدرك الغانم قائلا «من جهة أخرى، لا بد من الإقرار أنه من الصعب على بعض الحكومات العربية أن تطالب شعوبها بتحمل تكاليف الإصلاح طوال سنوات التحول الجذري، وهي ترى كيف ينتشر الفساد المالي والإداري الذي يستبيح المال العام، ويعيق التغيير، ويشيع أجواء القلق والإحباط واليأس». واختتم الغانم كلمته بالتشديد على أهمية تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والمجتمعي كبوابة لأية عملية تنموية.

وقال «نعلم جميعا أن الحديث عن التحول الاقتصادي والإصلاح، وعن التنمية المستدامة والاستثمار، وعن المعاصرة والحداثة في التقدم التقني والاقتصاد المعرفي، يصبح أقرب إلى الخيال العلمي في غياب البيئة المستقرة سياسيا ومجتمعيا، الآمنة داخليا وخارجيا».

وأضاف «هذه الحقيقة بالذات تثير تساؤلات ملحة ومستفزة عن معنى التنمية والاستثمار في وطن ممزق الأوصال محكم الأغلال، وعن جدوى الإصلاح والانفتاح لدول لا منعة لحدودها وأرضها، ولا حرمة لدم أبنائها ودمع أطفالها».

إغلاق
إغلاق