مقالات وكتاب

عام على الغرق.. والأضرار قد تتكرر

ذكرى الغرق اليوم، ففي 6 نوفمبر من العام الماضي، كانت البلاد على موعد مع سيول لم تشهد لها مثيلا، وكان من آثارها منازل غرقت وسيارات تعطلت وضحية فارق الحياة، ومصالح تأثرت، وحياة شُلت.. فماذا تحقق على مدار عام كامل للحيلولة دون تكرار الفاجعة؟! سؤال يكرر من خلفه عشرات الأسئلة الأخرى، أبرزها هل جرى تنفيذ حلول فعلية تحمي الأرواح والممتلكات؟ وماذا عن محاسبة المسؤولين عن تلك المأساة؟ وهل جرى الاكتفاء بحالتي الإحالة للتقاعد التي اتخذ قرارهما فور وقوع الحدث؟ وما مصير وقائع الفساد التي دونت في 250 صفحة بتقرير لجنة تقصي الحقائق؟

ميدانيا، وفي الذكرى السنوية لحادث الغرق والدمار الذي خلفته الأمطار الغزيرة، رصدت القبس الوضع في المناطق، وتبين أن العمل لم يكتمل لإقامة البحيرات والسدود في النقاط الحرجة التي سبق ان حددتها وزارة الأشغال، ولم يكن وضع الشوراع والطرقات بأحسن حالاً مما كان عليه في العام الماضي باستثناء بعض الأجزاء التي أُعيد فرشها.

وعبر عدد من المواطنين لـ القبس عن مخاوفهم من تكرار الغرق الذي تعرضت له منازلهم، مشيرين إلى أن بعض قاطني منطقة فهد الأحمد عرضوا بيوتهم للبيع إثر ما حدث من سيول.

وطالب المواطنون الجهات المعنية بتحرك عاجل لتلافي الخسائر، حيث تشير توقعات الأرصاد إلى «أن البلاد ستشهد أمطاراً غزيرة على غرار ما حدث الشتاء الماضي».

قال عبدالله الهاجري: لا يزال المواطن يشعر بالقلق من تكرار المأساة فلا إجراءات على أرض الواقع تبدد مخاوفه، مبيناً أن الاستعدادات ضعيفة جدا، مما يزيد المخاوف.

من جانبها، قالت جميلة الطشة وهي من سكان منطقة فهد الأحمد، إن منزلها ومنازل جيرانها سبق ان تعرضت للغرق، وهو أمر لا تستبعد حدوثه مرة أخرى.

وتضيف لـ القبس أن الوزارة لم تكمل استعداداتها حتى الآن، كما أنها تركت الأمر لمقاولي الباطن ليفعلوا ما يحلو لهم ويستخدموا مخلفات البناء في إقامة حواجز رملية بالقرب من الشارع الذي سبق ان تعرض للغرق.

أما أبو عبدالله، وهو أحد سكان المنطقة نفسها، والذين غرقت منازلهم فاكتفى بالقول «ما شفنا شيء»، مضيفا «منذ عدة أيام أحاول التواصل مع الوزارة لتنظيف المناهيل دون فائدة؟».

أما محمد ثامر، فأكد أنه وعدد من السكان عرضوا بيوتهم للبيع خشية السيول المحتملة، مبينا ان هذا العرض ينقص كثيرا من سعر البيع.

فرق فنية

إلى ذلك ومنذ وقوع الأحداث، أعلنت وزارة الأشغال وهيئة الطرق عن تشكيل العديد من الفرق الفنية لدراسة الوضع وتقييم الأضرار ووضع حلول للمعالجة، وأسفر ذلك عن وضع خطتين، الأولى خاصة بالاستعداد للأمطار القادمة والثانية لاعادة فرش الأماكن المتضررة من الطرق وتحسين حالتها والسيطرة على عمليات تطاير الحصى الذي تضرر منه جموع مستخدمي الطرق بطول البلاد وعرضها.

على صعيد العمل الخاص بالاستعداد للأمطار، فقد وضعت اللجنة الفنية المختصة العديد من الحلول المؤقتة تمثلت في بناء عدد من السدود وإنشاء بحيرات صناعية في المناطق الحرجة وأبرزها جنوب الصباحية والفحيحيل ومقابل صباح الناصر وغيرها من المواقع.

تلك الحلول كشفت مصادر لـ القبس أن بعضها انتهى العمل منه بنسبة %100 والبعض الآخر تتراوح نسب إنجازه بين 20 إلى %80، فضلا عن تقليص الخطة بشكل كبير، وهي حلول تصر وزارة الأشغال على بقاء كل ما يتعلق بها طي الكتمان والسرية، فلا إعلان رسميا عن الخطة ولا معلومات رسمية عن تفاصيلها ونسب الانجاز الخاصة بها باستثناء محضر رسمي حصلت عليه القبس في وقت سابق.

الأنفاق العميقة

أما على صعيد الحلول الدائمة لمواجهة الأمطار، وأبرزها مشروع الأنفاق العميقة، الذي أعلنت الوزارة قبل عامين أنه الحل الوحيد لعلاج مشكلة المد البحري وتأثيره السلبي على جودة الصرف على البحر وقت الأمطار، فقد جرى اهمال المشروع ولم يدرج اتفاقية التصميم الخاصة به ضمن ميزانية العام الحالي، كما لم يجر الحديث عن أي تصورات بشأن حل دائم لأزمة نفق المنقف الذي أصبح غرقه وإغلاقه أمرا مفروغا منه مع كل مطر يهل علينا.

الجزء الآخر من الاستعدادات وهو متعلق بفرش الأسفلت ومعالجة الأجزاء المتضررة من الطرق لا يزال أيضا يجري العمل به خاصة على أمل أن يكتمل العمل بحلول نهاية العام، كما سبق أن تعهدت وزيـــرة الأشــغــال د. جنان بوشهري.

أما عن نسبة الإنجاز فهي غير معروفة في ظل رفض الوزارة الدائم، ولا يتوافر بشأنها سوى ما أعلنه مركز التواصل الحكومي في 14 أكتوبر الماضي بأنها وصلت %61.

مشعل العنزي لـ «القبس»: هجرتُ بيتي بعد دماره.. ولم أعد إليه حتى الآن

المواطن مشعل العنزي «بوعثمان»، كان أحد أشهر من تعرّضت منازلهم للغرق الشتاء الماضي، وتحديداً يوم 6 نوفمبر 2018، بعدما غمرت المياه طابقاً كاملاً من المنزل رقم 206 الكائن في شارع 7 بمنطقة الفحيحيل، فضلاً عن تدمير 11 سيارة له ولأشقائه.

وبعد مررو سنة على الحادثة، تحدث العنزي لـ القبس وكله ألم، مشيرا إلى أنه اضطر إلى ترك منزله منذ ذلك الحين ولم يعد إليه، بعدما قرر إزالته وإعادة بنائه مجددا على أساس متين، وهو أمر جرى الانتهاء منه مع لجنة مشكَّلة من بنك الائتمان ولجنة التعويضات التابعة لوزارة المالية.

أما على صعيد الحلول الخاصة بمنع تكرار الغرق، فذكر أنه التقى قبل عام المسؤولين في وزارة الأشغال، وطالب وجيرانه بضرورة وجود حلول دائمة؛ تتمثل في تغيير الصبات القديمة ذات الارتفاع المنخفض، ووضع صبات جديدة بارتفاع كبير مع أبعادها لتكون بمحاذاة طريق الملك فهد السريع لحماية منازلهم من المطر.

ويضيف إنه بعد مرور عام كامل انتقلت فيه مسؤولية الاستعدادات من فريق وزارة الأشغال إلى الهيئة العامة للطرق، ونتيجة لتأخّر الاجراءات وعدم توافر الميزانيات، على ما يبدو، فوجئ باتخاذ تدابير مؤقتة، عبارة عن إقامة متاريس حولت المنطقة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، على الرغم من أنه سبق أن أبدى استعداده لتنفيذ مخططات الصبات على نفقته الخاصة.

وأوضح العنزي أنه طالب وجيرانه، قبل هطول الأمطار بعامين كاملين، بضرورة وضع بلاط متداخل خلف المنازل وبعد الأمطار ومع توفير عقد لتلك الأعمال من قبل إدارة صيانة الأحمدي توقّفت الأعمال عند شارع 5 ولم تصل حتى يومنا الى هذا لشارع 7، رغم وعود المسؤولين المتكررة، وهو ما يجعل مخاوفه من تكرار الغرق قائمة، معتبراً أن كل الحلول التي تجري حالياً مؤقتة.

شقيق ضحية السيول: كنت أعشق المطر.. والآن أخشاه

«كنت أعشق المطر والآن أصبحت أخشاه».. جملة لخص بها شقيق ضحية أمطار العام الماضى المرحوم أحمد براك الفضلي إجابته في معرض سؤاله حول رأيه في استعدادات الجهات المعنية.

الشقيق سرحان الفضلي قال لـ القبس إن المطر بات سبباً لبعث الحزن في نفسه بعد وفاة شقيقه، لافتاً إلى أن أخاه الراحل كان وقتها يقطن في الفحيحيل وقد اتصلت به زوجته يوم الجمعة 9 نوفمبر بعد هطول الأمطار فتوجه إليها وحين وصل كانت المياه قد غمرت المنطقة فترك سيارته على خط الفحيحيل وحاول الوصول إلى منزله حتى علمنا بخبر وفاته.

وأشار إلى أن جمعية الفحيحيل خصصت له معاشاً بنحو 300 دينار فيما تم دفع دية شرعية قدرها 10 آلاف دينار، لافتاً إلى أن الزوجة تركت المنزل الذي كان مستأجراً وتعيش حالياً رفقة أهلها بمنطقة الجهراء.

وذكر أنه يتمنى ان تكون الجهات المعنية قد اتخذت التدابير الكافية وألا تتكرر المأساة حتى لا يموت آخرون أبرياء لا ذنب لهم جراء هطول الأمطار.

 

(قبس)

إغلاق
إغلاق