سياسة دولية
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يبدأ زيارة رسمية الى دولة الكويت
(كونا) — يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم غد الثلاثاء زيارة رسمية الى دولة الكويت يجري خلالها مباحثات مع حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها على مختلف الصعد بالاضافة الى التباحث في آخر مستجدات المنطقة. وتأتي زيارة أردوغان الى الكويت بعد أقل من شهرين على زيارة سمو امير البلاد الى الجمهورية التركية ما يعطي مؤشرا واضحا على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ومدى تطورها في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات وقد انعكس ذلك ايجابيا على العديد من المواقف والظروف التي تعرض لها البلدان.
وتندرج القمة الكويتية -التركية المرتقبة ضمن سلسلة حافلة من اللقاءات بين قيادتي البلدين الصديقين في السنوات القليلة الماضية فقد شهد العام الماضي زيارة سمو امير البلاد الى تركيا حين ترأس وفد دولة الكويت في القمة العالمية للعمل الإنساني التي عقدت بمدينة إسطنبول في شهر مايو الماضي فيما سبق أن قام الرئيس أردوغان بزيارة رسمية إلى دولة الكويت في أبريل 2015 بعد أشهر على توليه منصب رئاسة الجمهورية التركية.
ومع أن العلاقات بين الكويت وتركيا راسخة منذ أمد بعيد فانها لم تتبلور بصورتها الرسمية الا عام 1969 عندما وقع البلدان اتفاقية اقامة العلاقات الدبلوماسية أعقبها تبادل افتتاح السفارات في الدولتين عام 1970. ومنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية رسميا بدأت العلاقات الكويتية التركية تأخذ منحى متصاعدا من التعاون والتنسيق على أعلى المستويات وقد تبلور ذلك لدى تعرض دولة الكويت لمحنة الغزو عام 1990 إذ أعلنت تركيا موقفها الحازم المعارض لقوات الاحتلال العراقي مؤكدة وقوفها إلى جانب الحق الكويتي وعودة الشرعية. ولم يقتصر الموقف التركي آنذاك والذي شكل لاحقا نقطة مفصلية في العلاقات بين الدولتين على رفض الاحتلال وتوابعه والوقوف الى جانب الكويت في المنابر الدولية بل تعداه الى اتخاذ اجراءات فعلية من خلال فتح القواعد العسكرية التركية أمام قوات التحالف الدولي للاشراف على مراقبة منطقة حظر الطيران شمال العراق اضافة إلى مشاركة اثنين من أبرز القادة العسكريين الأتراك في قيادة قوات التحالف الدولية لتحرير الكويت. في المقابل لم تنس دولة الكويت قيادة وشعبا ذلك الموقف المبدئي المشرف لتركيا فبعد تحرير البلاد قام أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بزيارة رسمية إلى أنقرة في نوفمبر 1991 أعرب خلالها عن تقدير الكويت وشكرها لهذا الموقف المشرف لتركيا في دعم الحق الكويتي. وحملت مرحلة ما بعد التحرير انطلاقة جديدة في العلاقات الكويتية التركية اتسمت بالنمو والتقدم المطرد على جميع المستويات فقد استقبلت دولة الكويت في عام 1997 الرئيس التركي الراحل سليمان ديميريل الذي أجرى محادثات مع الشيخ جابر تناولت العلاقات الثنائية وعددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك. واستنادا إلى تلك العلاقات الراسخة بين البلدين لم يكن غريبا وقوف دولة الكويت إلى جانب الشرعية في تركيا حين تعرضت لمحاولة انقلاب فاشلة في يوليو 2016 فقد بعث سمو امير البلاد ببرقية إلى الرئيس أردوغان هنأه فيها “بنجاح الشرعية والانتصار للديمقراطية وارادة الشعب التركي الصديق بالمحافظة على مكتسباته الدستورية والتي مكنت الشعب التركي من تجنب معاناة ومآس كثيرة وحقن دماء الأبرياء”.
وبالاضافة إلى الجانب السياسي فقد نمت العلاقات الاقتصادية بين البلدين سريعا على المستويين الرسمي والأهلي وأثمرت العديد من الاتفاقيات التي وقعت بين الجانبين وشملت مختلف مجالات التعاون الثنائي. وفي هذا السياق توجت الزيارة الرسمية الأخيرة لسمو امير البلاد الى تركيا في مارس 2017 بتوقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في المجالات العسكرية والسياحية والشؤون الإسلامية وتقديم منح للاجئين بالاضافة إلى التباحث في انشاء منطقة صناعية تجارية. وحظيت الزيارة الرسمية الأولى التي قام بها سموه إلى تركيا عام 2008 بتوقيع سبع اتفاقيات شملت مجالات عدة منها اتفاقية التعاون الاقتصادي واتفاقية التعاون العلمي والفني واتفاقية تشكيل لجنة عليا مشتركة للتعاون بين الكويت وتركيا على مستوى وزراء الخارجية إضافة إلى اتفاقية التعاون في المجال الصحي واخرى في مجال تبادل الأيدي العاملة.
وشهدت الزيارة الرسمية الثانية لسموه إلى أنقرة في أبريل 2013 توقيع ثماني اتفاقيات ثنائية في مجالات الطيران والنقل الجوي والتعليم العالي والبحث العلمي والصحة والثروة الحيوانية والتعاون في مجالات الصناعات الدفاعية والتعاون الثقافي والفني الى جانب التعاون بين معهد سعود الناصر الدبلوماسي والأكاديمية الدبلوماسية التركية واتفاق الجانبين على اعفاء حملة جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة من تأشيرة الدخول.
وتكللت زيارة الرئيس التركي السابق عبدالله غول إلى الكويت عام 2014 بتوقيع اتفاقيات في مجال التدريب العسكري وفي مجال النقل التجاري البحري وبروتوكول بشأن التعاون في مجالات الصحافة والإعلام وبروتوكول بشأن التعاون في مجال المحفوظات.
كما وقع مسؤولو البلدين في السنوات الماضية العديد من الاتفاقيات من أبرزها مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تبادل الخبرات والتدريب والتعليم العسكري وإجراء المناورات المشتركة بين القوات العسكرية لكلا البلدين وتوقيع مؤسسة البترول الكويتية عقدا لتزويد مصافي (تبراس) التركية بالنفط الخام الكويتي.
وعقدت اللجنة العليا الكويتية – التركية المشتركة اجتماعات دورتها الأولى في عام 2013 لبحث سبل التعاون في جميع القطاعات الحكومية والخاصة والقضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية وغيرها. ولايمكن اغفال قطاع الاستثمارات الذي استحوذ على النصيب الأكبر من التعاون الاقتصادي الكويتي التركي لاسيما على المستوى الرسمي من خلال الهيئة العامة للاستثمار الكويتية التي تنشط بقوة في مجال العقارات ومراكز التسوق والقطاع المصرفي والاستثمار في البورصة التركية ومجالات النقل الجوي. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن قيمة الاستثمارات الكويتية في تركيا خلال عام 2015 بلغت خمسة مليارات دولار.
ويأتي القطاع العقاري في مقدمة قطاعات الاستثمار الكويتية في تركيا لاسيما بعد اقرار قانون التملك الحر المباشر لمواطني دول الخليج هناك ما أدى إلى إقبال كثيف من المستثمرين الكويتيين على شراء العقار التركي.
وأظهرت بيانات إحصائية أن الكويتيين جاؤوا في المرتبة الثالثة من حيث شراء الأجانب للعقارات في تركيا في يناير 2017. ويضطلع القطاع الخاص الكويتي بمساهمات فعالة ومباشرة في السوق التركي حيث تنشط عشرات الشركات الكويتية في مختلف القطاعات لاسيما القطاع المصرفي وقطاع مبيعات التجزئة. وينظر إلى البنك الكويتي – التركي الذي أسس عام 1989 كمثال بارز على نجاح التعاون الاقتصادي المصرفي بين البلدين والمساهمة في دعم الاقتصاد التركي فقد استطاع البنك الذي يمتلك بيت التمويل الكويتي نصيب الأسد فيه احتلال المركز الأول على مستوى البنوك الاسلامية في تركيا من حيث حجم الأصول. وتستورد تركيا من الكويت المواد البلاستيكية والكيماوية في حين تعد المفروشات والمواد الغذائية والسجاد والمجوهرات والشاحنات والحديد الصلب اضافة الى المواد الانشائية والطبية من أهم الصادرات التركية الى البلاد. وشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين قفزة نوعية فبعد أن كان يتراوح بين 600 و700 مليون دولار ارتفع في السنوات القليلة الماضية إلى ملياري دولار بحسب ما أعلنه اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الصعيد السياحي تعد تركيا إحدى أبرز الوجهات السياحية للمواطنين الكويتيين إذ ارتفعت أعدادهم لتتجاوز 70 ألفا في العام 2014 مقارنة ب20 ألف سائح عام 2010.