دراسات وبحوث
ما الحجم الفعلي لأزمة الهجرة في أوروبا؟

وتبين ان تحديد ارقام دقيقة لازمة الهجرة الحالية عملية معقدة لانها مستمرة.
وقالت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة انها لا تتوقع تراجع وتيرة عبور الاعداد الكبيرة من اللاجئين للمتوسط للوصول الى أوروبا هربا من الحرب الاهلية في سورية، مع تلاشي امل ارساء السلام في هذا البلد في المستقبل المنظور، في ما يلي بعض الاسئلة التي ستلقي الضوء على وقائع ازمة الهجرة وابعادها.
هل ازمة الهجرة هذه هي الاسوأ التي يشهدها الاتحاد الأوروبي؟
٭ يعارض المؤرخون تسمية هذه الأزمة بـ«الاسوأ» خصوصا مقارنة مع الحرب العالمية الثانية لانهم يفرقون بين الحرب نفسها وحركة النزوح الضخمة في القارة الأوروبية خلال النصف الثاني من الاربعينات.
والجدل حول الارقام مستمر لكن هناك دراسات تفيد بان اكثر من 11 مليون الماني طردوا من دول أوروبية اخرى بعد الحرب حسبما قالت باميلا بالينغر الخبيرة في شؤون اللاجئين في جامعة ميشيغن.
كما ان مليوني روسي كانوا يعيشون في مكان اخر ارغموا على العودة الى الاتحاد السوفييتي. وارغم مئات الاف اليهود بقي الكثير منهم في الاتحاد السوفييتي خلال سنوات الحرب، على الرحيل.
وهذه الارقام تقلل من شأن الأزمة الحالية لان عدد المهاجرين خصوصا من الشرق الاوسط وافريقيا الذين وصلوا الى سواحل أوروبا خلال السنوات الثلاث الاخيرة لايزال يقل عن مليون.
وعندما ننظر الى تاريخ أوروبا منذ 1991 ـ عند توقيع اتفاق ماستريخت لانشاء الاتحاد الأوروبي ـ يبدو ان عبارة «اسوأ ازمة» تطبق مع استثناء واحد هو الحرب في البوسنة.
كيف تختلف الأزمة الحالية عن تلك التي سببت حرب البوسنة؟
٭ اعلنت المفوضية العليا للاجئين سابقا ان حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995 تسببت ب«اكبر ازمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية».
وارغم ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص على هجرة منازلهم في البوسنة بينهم 1، 3 مليون نازح و500 الف لاجىء الى دول الجوار و700 الف لاجىء انتقلوا الى أوروبا الغربية وفقا للمفوضية.
والمفارقة الاساسية بين ازمة البوسنة والأزمة الحالية هي ان معظم الاشخاص هجروا قرب ديارهم ولم يأتوا من قارات اخرى.
كما ان الامم المتحدة والمنظمات الانسانية الاخرى التي كانت تهتم بالمهجرين من البوسنة كانت تنشط في منطقة النزاع خلافا لما يحصل اليوم بحيث لا يستلزم تقديم مساعدة للمهاجرين الذين يصلون الى اليونان مفاوضات مع مسلحين مثلا.
ورغم حالة الجمود في البداية، نجحت دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة في ايجاد حل سياسي لحرب البوسنة ما ساهم في النهاية في احتواء ازمة اللاجئين.
وفي الملف السوري تبقى آفاق الحل السياسي غير اكيدة.
اليست الأزمة الحالية صغيرة مقارنة مع حركات النزوح الضخمة منذ الحرب العالمية الثانية؟
٭ وانشاء دولة باكستانية مستقلة في 1947 ادى الى نزوح 14 مليون شخص بمن فيهم مسلمون من الهند فروا الى باكستان وهندوس من باكستان فروا الى الهند وفقا لمفوضية اللاجئين.
ولاحقا افضت الحرب الاهلية في باكستان الى تهجير 10 ملايين شخص في 1971 رغم ان معظمهم عادوا الى ما اصبح دولة بنغلادش المستقلة.
والنزاع الفلسطيني الذي استمر بعد قيام دولة اسرائيل في 1948 ادى الى تهجير 720 الف فلسطيني وفقا للامم المتحدة.
وهذا العام احصت وكالة الامم المتحدة المسؤولة عن الاشخاص الذين هجروا من الاراضي الفلسطينية اكثر من خمسة ملايين لاجئ بينهم احفاد الذين عاشوا في فلسطين بين عامي 1946 و1948.
واضافة الى الاشخاص الـ 800 الف الذين قتلوا فان المجازر في رواندا في 1994 ادت الى تهجير نصف عدد سكان البلاد السبعة ملايين.
وهجر 1.5 مليون على الاقل داخل البلاد في حين لجأ مليونان الى دول الجوار مع تقدم قوات التمرد الى العاصمة كيغالي قبل اطاحة الحكومة التي كانت مسؤولة عن المجازر.
ومعظم الاشخاص الذين فروا من الحرب الاهلية في سورية لم يأتوا الى أوروبا ـ لجأ اكثر من اربعة ملايين سوري الى الدول المجاورة في حين ان 7.6 ملايين نزحوا الى مناطق اخرى داخل سورية.