مقالات وكتاب
تفاءلوا مع بوناصر قبل الشرق الاوسط الجديد
بقلم: د. عصام عبداللطيف الفليج
أستطيع أن أضيف لقب جديد لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح “قائد إصلاحي عالمي”، فمذ كان وزيرا للخارجية وهو يسعى بين الدول للإصلاح بين المتخاصمين والتوفيق بينهم، وكل ذلك دون إعلام صاخب ولا منة، بل كان يدفع الأموال التعويضية لتحقيق العديد من تلك المصالحات والإصلاحات.
ولعلي أستذكر هنا أبرز هذه الإصلاحات عبر تاريخ الجامعة العربية الحديث، بتوحيد اليمنين، بعد أن مزقهما الاستعمار، وقمة الطائف لإصلاح وضع لبنان مع سورية، والإصلاح بين عمان والإمارات فترة الاختلاف، والتوفيق بين دول مجلس التعاون التي سحبت سفراءها من قطر قبل 3 أعوام، والمساعي جارية للإصلاح بين قطر والدول المحاصرة لها. وأسأل الله له التوفيق.
ولا يختلف أحد على أن المنطقة تمر بمنعطف تاريخي عصيب، بالاتجاه نحو “الشرق الأوسط الجديد” الذي أعلنته كوندي قبل أكثر من 10 سنوات، والذي قد يكون خطوطا على الخريطة، أو تغييرا في الفكر السياسي بشكل عام، وتمزيق المنطقة ثقافيا وقيميا، والهرولة نحو الكيان الصهيوني.
ولم يكن التخطيط لهذه الخارطة جديدا، فأنا أعتقد أن فكرتها بدأت منذ قرار الملك فيصل بن عبدالعزيز بقطع البترول عمن دعم الكيان الصهيوني في احتلال فلسطين، فكان اغتياله الشرارة الأولى عام 1975م، وهو التهديد الأكبر للجميع.
وجاءت بعدها الخطوة الأكبر التي بدأت مع سقوط شاه إيران عام 1979م، وإشغال الناس بحادثة جهيمان، ثم حرب أفغانستان الأولى!!
ومباشرة كانت الخطوة الأسرع.. الحرب العراقية الإيرانية، التي استنزفت البلدين المسلمين ماديا وبشريا، ثم احتلال العراق للكويت، وحرب أفغانستان الثانية، وظهور طالبان والقاعدة!!
وبدأت مظاهر هذه الخارطة تتجلى بعد سقوط النظام العراقي البائد في 2003م، وقصف غزة الإجرامي، وبانت بوادرها مع انطلاقة الربيع العربي في 2011م، وتفكيك السودان، وتفتيت الصومال، وتشتيت العراق، وتدمير الشام، وحفترة ليبيا، وتحويث اليمن، وتشريد المسلمين في أقصاع الأرض، وحصار غزة، وظهور داعش، والمناداة بدولة كردية، وإقليم أمازيغي، وفصل سيناء، والصحراء الغربية، والطوارق، حتى وصلنا إلى الخلافات الخليجية الغريبة على قيمنا التاريخية.
إذا.. هو مسلسل خطير على الأمة الإسلامية قاطبة، وهذا ما أشار إليه سمو الأمير في كلمته في المؤتمر الصحفي مع الرئيس الأمريكي ترمب، بما تمر به المنطقة من مخاطر، ليست بعيدة عنا، فكانت دعوته مع الرئيس الأمريكي الدول الخليجية المتخالفة للجلوس على طاولة الحوار وحل المشكلة بأسرع وقت، فالوضع لا يحتمل المزيد من التمزق والتشرذم.
ورغم تأزم الخلافات بين الأشقاء، إلا أن سمو الأمير دعا إلى التفاؤل وعدم فقدان الأمل، وأن الجهود مستمرة لتطويق الخلاف بين الأشقاء، ورغم تعقد الأمور، فليس هناك عقدة ليس لها حل.
وأوجز أبرز نقاط المؤتمر الصحفي:
• قطر مستعدة للجلوس على طاولة الحوار مع الأشقاء.
• بعض المطالب ال13 قابل للتطبيق، ما عدا الأمور التي تتعلق بالسيادة.
• اجتمعنا في الرياض ولم يقل أحد أن هناك مشكلة، وفجأة ظهر هذا الخلاف.
• التدخل والوساطة الكويتية منعت تدخلا عسكريا على قطر.
• وصل الأمر لوضع غير صحي، وانحدار في الإعلام بشكل واطي.
• وصلنا لمستوى لا تتقبله الشعوب.
• ما يخرج من الإعلام ضد الشعوب، وليس ضد الحكام.
• لا بد أن تعود قطر للسرب الخليجي والعربي من جديد.
• الكويت تضمن قطر.
• الكويت هي الأكثر تعرضا وتضررا من الاعلام القطري، وتم حل الأمور بالحوار والتفاهم.
والآن أمام هذه المخاطر التي تجوب المنطقة، أما آن الأوان لعودة العلاقات الأخوية الخليجية، ورفع الحصار عن قطر، والعودة إلى طاولة الحوار، وقبول وساطة سمو الأمير؟
رجاء.. دعونا نتفاءل مع بوناصر، قبل أن يقع الفأس بالرأس؟