مال وأعمال
كيف يمكن لدول الخليج إصلاح نظم دعم الوقود؟
قالت صحيفة غلف بيزنس انه يتعين على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي أن تحدد أهدافها بوضوح وتتواصل فيما بينها للاتفاق على إصلاحات يمكن تطبيقها بنجاح في مضمار دعم الوقود، وفقا لما يقوله شيهادي الشريك في شركة ستراتيجي المتخصصة بالأبحاث المالية الحكومية.
وأضافت المجلة أن رفع الدعم عن أسعار الوقود في الإمارات في الاول من اغسطس الماضي كان إجراء مهما وجاء في الوقت المناسب.
ومن شأن هذه الخطوة أن تضع الدولة على مسار تنموي أكثر استدامة، وهو الهدف الذي تشاركها فيه دول مجلس التعاون الأخرى.
عبء ثقيل
ومع أن سياسات دعم الوقود لقطاع النقل قد وضعت في الأساس بنوايا حسنة، إلا أنها تمثل عبئا ثقيلا على الحكومات ففي عام 2013 أنفقت الحكومات الخليجية أكثر من 30 مليار دولار لدعم وقود قبل الضرائب، وهو ما يوازي 2% من إجمالي الناتج المحلي المجمع لدول الخليج وفقا لمصادر صندوق النقد الدولي.
ويعزز هذا الدعم بدون قصد متوسط نصيب الفرد الواحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون فضلا عن تلويث الأجواء المحلية، بالإضافة إلى الازدحام في المدن والضواحي السكنية ومعدلات الحوادث المرورية المميتة التي تزداد يوما بعد يوم.
توزيع الثروات
وعلى صعيد توزيع الثروات فلم يرق الدعم إلى مستوى الأداة الفعالة لتقاسم الثروة الناجمة عن تدفق «البترودولارات» على دول مجلس التعاون مع الأفراد الذين يعتبرون اقل حظا من ذوي الدخل المحدود.
وأشارت الصحيفة إلى أن إصلاح نظام دعم الوقود قد يساعد دول التعاون على تخفيف الضغوط على ميزانياتها العامة وتقليص أوجه الاستهلاك التي تتضخم بصورة مصطنعة.
وأيضا الحد من عمليات تهريب الوقود، بالإضافة إلى أن هذا الوقت يمثل فرصة جيدة لدول الخليج لإجراء الإصلاحات، حيث إنها ما زالت تتمتع بنمو اقتصادي قوي مع أسعار نفط متدنية وهو ما يعني أن تأثير إصلاحات الدعم على المستهلكين سيكون في أدنى مستوياته.
فرص ومحاذير
على الرغم من أن هذه الفرصة المتاحة أمام الدول الخليجية لإصلاح نظام دعم الوقود لديها إلا أنها تحمل في طياتها بعض المحاذير، حيث إن مسألة رفع الدعم تمثل موضوعا حساسا ويمكن استيعاب الدرس مما شهدته الكويت من اعتراضات على هذه المسألة مؤخرا، وبالتالي فإن التجارب السابقة في الدول النفطية الغنية توحي بأن نجاح الإصلاحات يتطلب جهودا متضافرة تتضمن 3 عناصر هي:
1 ـ تحديد الأهداف الإصلاحية ووضع خطة على مراحل لإلغاء الدعم القائم، ومن بين تلك الأهداف التي يمكن للحكومات أن تضعها نصب أعينها هي إعادة توزيع الثروة وتحسين مستوى المعيشة بالنسبة للطبقات الفقيرة، بالإضافة إلى تخفيف الضغوط عن الميزانية وكذلك القضاء على منافذ التسرب الاقتصادي كالتهريب، وأيضا التنمية الاقتصادية لصناعات مستهدفة وحماية البيئة.
وفي هذا النطاق ينبغي على صناع السياسة في دول التعاون اختيار برنامج تسعير يمثل افضل السبل لتحقيق هذه الأهداف.
وعندئذ سيكونون قادرين على وضع خارطة طريق على مراحل لجعل الاعتراضات السياسية والأعباء الاقتصادية في حدودها الدنيا.
2 ـ يمكن أن يشكل رفع الدعم فرصة لاستغلال واستثمار الأموال التي كانت تهدر على الدعم وإعادة ضخها في قنوات الاقتصاد المختلفة، وهذا قد يعني مزيدا من الإنفاق على وسائل النقل العام لتخفيف آثار أي زيادات في أسعار الوقود على المستهلكين.
ومن الأمثلة على ذلك أن دبي ستكون قادرة على تسديد تكاليف مشروعات البنية التحتية للنقل العام في أقل من 3 سنوات من خلال استخدام هذا الأسلوب، وستحتاج الدول التي لديها عدد كبير من المواطنين من ذوي الدخل المتدني إلى وضع آلية تعويض لحماية هذه الفئة، لاسيما في ظل مناخات ترتفع فيها أسعار السلع والخدمات بشكل متزايد.
وربما توفر هذه الآلية الدعم المالي أو المخصصات المالية للسلع والاستعانة بتشريعات وقوانين جديدة تصب في هذا الاتجاه، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار كذلك التكاليف والمزايا التي يمثلها تطبيق الآليات الجديدة ومخاطبة احتياجات الفئات المستهدفة كمستفيدين، وفي هذا الإطار تعتبر الشفافية من الضروريات المهمة لمتابعة التكاليف وحصر النتائج غير المقصودة التي قد تصاحب مسألة رفع الدعم.
3 ـ تعتبر الحاجة ماسة إلى إستراتيجية تواصل بين الدول الخليجية من الأمور الأساسية لرسم سياسة الإصلاحات ومزاياها، ومن الضروري التركيز على ضمان الدعم الداخلي والخارجي.
وانتهت الصحيفة إلى القول إن التأكيد على تضمين هذه العناصر الـ 3 في برنامج الإصلاح يمكن الحكومات من تبني خيارات أكثر استدامة والمحافظة على تحقيق الأهداف المرسومة لتقاسم الثروات التي كانت في الأصل هي الحافز لزيادة دعم الوقود.