مال وأعمال

بدر الحميضي يتفق مع جاسم السعدون: الاستدانة لتمويل العجز حلّ قصير الأجل

18

عرضت «الأنباء» معلومات من وزارة المالية تفيد بأن الكويت ستتجه للاستدانة لتمويل العجز في الميزانية باعتباره الحل الأوفر أمامها الآن، وفي الواقع أزمة العجز في الميزانيات الخليجية تؤرق صناع القرار في دول الخليج، والكويت ليست استثناء بعد أن اعلن وزير المالية ان ميزانية الكويت دخلت في مرحلة جديدة مسجلة عجزا بنحو 2.3 مليار دينار لأول مرة منذ 15 عاما. ومنذ هذا الاعلان في يوليو الماضي، لم يتوقف سيل التقارير المحلية والعالمية للبحث في كيفية وصول الكويت الى هذه المرحلة من العجز وما هو العمل الآن لتخطي العجز.

ويكـــرر وزير المالية أنس الصالح أن الكويت لن تلجأ الى الاحتياطيات لسد العجز، بل سيكون ذلك عبر اصدار سندات وصكوك باعتبارهما الأوفر على خزينة الدولة.

ويقول اقتصاديون انه من الأفضل لوزير المالية البحث عن حلول ومخارج طويلة الأمد للاقتصاد الكويتي وانه امام تحد تاريخي لعبور بالكويت الى بر الأمان او استمرارها في دوامة الاقتراض والعجز لفترات طويلة، كما انه يجب أن تكون هناك خطوات عملية.

تسييل الاستثمارات أفضل

ويقول رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون لـ «الأنباء» إنه اذا كانت الدولة تنظر الى علاج طويل الأمد لردم فجوة العجز المالي فإنه يفترض النظر الى أمرين، الأول: خفض النفقات العامة، والثاني زيادة الايرادات الضريبية (فرض سياسة ضريبية عادلة) وهما الحل الأمثل لسد العجز طويل الأمد. ويضيف أنه لو كان العجز لسنة أو سنتين، فالقرار حول تمويله عن طريق السندات أمر محسوم سلفا، لكن المشكلة ابعد من ذلك وقد تطول لسنوات اذا ظلت اسعار النفط عند مستوياتها الحالية.

ويقول السعدون: اما اذا كانت وزارة المالية تنظر للأمر على انه مفاضلة مالية، فإنه من الأفضل النظر في تكلفة الاقتراض ومقارنتها مع العائد من استثمارات الكويت الخارجية.

ويشرح: في الفترة الأخيرة ذكر وزير المالية ان معدل العائد على استثمارات الكويت الخارجية للسنوات العشر الفائتة نحو 9%، لكن في الواقع هذا المعدل محسوب على اساس الأعوام الفائتة وليس مستقبلا، لذلك يفترض البحث في خيار الاقتراض إذا كانت تكلفة الاقتراض أدنى من العائد المحتمل من الاستثمارات مستقبلا. ويشير السعدون إلى أنه من الأفضل تصنيف الاستثمارات الكويتية الخارجية وفق معدل عائدها المحتمل وتسييل تلك التي تحقق عائدا أدنى من كلفة التمويل، وهو الأمر الكفيل بتمويل العجز لعام أو عامين مقبلين.

الاستدانة مسكّن قصير الأمد

ويتفق وزير المالية الأسبق بدر الحميضي مع رأي السعدون في أن الاستدانة لتغطية العجز المالي ما هي إلا مسكن قصير الأمد. لكنه يرى ان الحل الأمثل لسد العجز يتمثل في خفض الدعم خاصة غير المبرر (دعم الطلبة والعمالة الوطنية والعلاج بالخارج)، ومراجعة رسوم خدمات الكهرباء والماء والاتصالات وفرض رسوم وضرائب على الشركات الكبرى مقابل رفع جودة الخدمات التي تحصل عليها تلك الشركات من الدولة.

ويرى ان الدولة الآن امام خيارين لسد العجز اما التمويل من الاحتياطي العام أو اللجوء للسوق التجاري، وفي كلتا الحالتين هو عجز ستتحمله الدولة أيا كانت طريقة الاستدانة، فالميزانية الحالية متوقع ان يصل العجز بها نحو 8.2 مليارات دينار، وغالبية هذا العجز ناتج عن استنزاف المدعومات للميزانية دون إيصاله لمستحقيه.

وسرد بعض المدعومات التي تقدمها الدولة للمواطنين التي منها العلاج بالخارج الذي يكلف في الوقت الحالي 200 مليون دينار سنويا، وهي في الحقيقة سياحة بالخارج، فقبل 10 سنوات كان يكلف العلاج بالخارج من 10 إلى 15 مليون دينار، والآن 200 مليون، ودعم الأعلاف ودعم السيدات اللواتي تتسلم كل منهن 600 دينار شهريا وهي في بيتها، فجميعها دعومات يجب مراجعتها. ويضيف انه على الحكومة أن يكون لها موقف شديد تجاه الهدر في النفقات حتى وإن لاقت معارضة من بعض أعضاء مجلس الأمة، وعليها ان تضعهم أمام مسؤولياتهم التاريخية مهما كانت العواقب.

الاقتراض يفرض رقابة على الحكومة

وعلى العكس من الآراء الاقتصادية، ينظر الباحث الاقتصادي محمد رمضان الى الاستدانة لتغطية العجز كاتجاه افضل بسبب انخفاض الفوائد المدفوعة للقروض عن أرباح الاحتياطي العام وأرباح في الاقتصاد الكلى نظرا لزيادة ارباح البنوك المضمونة من الأصول العالية الجودة وهي السندات الحكومية، وفائدة ادارية وبخاصة عند زيادة الاستدانة، وتتمثل في وجود جهة رقابية متخصصة على أداء الحكومة المالي وهو من المقرضين او البنوك الدائنة وبالتالي تقلل الهدر المستقبلي وتساعد الحكومة على ترشيد الانفاق.

ويضيف الباحث انه حتى لو كانت عوائد الاحتياطيات العامة قليلة جدا يمكن حينها تغيير طريقة استثماراتها لتحصيل عوائد أعلى ثم الاعتماد على الاقتراض للتمويل والاستفادة على أكثر من مستوى.

إغلاق
إغلاق