مقالات وكتاب
أحلام مستغانمي.. وكوابيسها
بقلم: داهم القحطاني
السيدة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، وجدتُ في أحد المواقع حديثاً لكِ عن قصة جمعتكِ في بيروت بالمرحوم الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن والسيدة حرمه.
ولفت انتباهي أنكِ قلتِ في الحديث: إن السيدة حرمه طلبت منك أن تقنعيه بأن يعود لكتابة الشعر من جديد.
وذكرتِ بما معناه، كما هو وارد في المقطع، أنكِ طلبتِ منها الابتعاد «ليلة ليلة» ليكمل ما كتبه بعد الليلة ويأتِ ويشتاق، وفي ذلك إشارة منكِ إلى الكوبيله الثاني من أغنية «إبعاد» التي غناها الفنان محمد عبده.
وكنتِ تظنين خطأً بأن بدر بن عبدالمحسن هو كاتب الأغنية، وهكذا فهم الجمهور.
والحقيقة وللتاريخ أن أغنية «إبعاد» لم يكتبها بدر بن عبدالمحسن، بل كان كاتبها الشاعر الكويتي العبقري فايق عبدالجليل، وهو شاعر غنائي فذ لم ينل حقه من الدراسات الأكاديمية.
وبالمناسبة، فايق عبدالجليل كان أحد الذين قاوموا الغزو العراقي لدولة الكويت، عبر قصائد كان يكتبها تحت الاحتلال، ويلحنها الملحن عبدالله الراشد رفضاً لما قام به صدام حسين من محاولة فاجرة لمحو دولة عربية مستقلة، وشعب عربي يوصف بأنه قومي حتى النخاع.
وقد كانت لها وله (الدولة، والشعب) دور تاريخي في دعم الثورة الجزائرية، بالمال والعتاد، وبتخصيص جزء من أسعار تذاكر السينما، وأنشطة أخرى ليكون ريعها للمجاهدين الجزائريين.
وتخيلي أن هذين الكويتيين المخلصين لأرضهما واللذين تحديا الدبابة، والكلاشنيكوف، ودكتاتورية الطاغية صدام حسين بالكلمة والشعر والموسيقى تم أسرهما وسجنهما وتعذيبهما ثم تم لاحقا دفنهما جماعيا حتى الموت مع مئات من الأسرى الكويتيين على يد قوات رئيس عربي دكتاتوري بكيتِ أنتِ لموته، وقلتِ كما نقل عنك: «سأزوره وأعتذر له عن زمن تفشى فيه داء نقصان مناعة الحياء…. حتى غدا مجرد الترحم على رئيس عربي أمراً مخيفاً».
والمخزي أنكِ قلت ذلك – إن صح ذلك – وأنتِ تحضرين فعالية أقيمت في ليبيا لتمجيد طاغية آخر.
نطقتِ بهذه الأحرف الخناجر وكأنما صدام حسين كان داعية لحقوق الإنسان ولم يكن طاغية غادِراً ذبح آلاف الأطفال والنساء في العراق وكردستان والكويت.
الكويت، الدولة والشعب، والتي ترفعت عن أحرفك الموغلة في حب الطغاة، وقبِلَتْ أن تدخلِ لها ومعكِ حقيبة مليئة بالعباءات رغم اعتراض كثيرون في الكويت على إدخال ممجِدة لطاغية. وفي زيارتك وبعد إلغاء ندوة ثقافية كنت ضيفتها الرئيسية، وفي ركن صغير ومعزول، ووسط حضور متواضع بتوقيع روايتك التي كان اسمها «عليك اللعنة» أو «عليك اللهفة» لم أعد أتذكر.
السيدة أحلام مستغانمي.
أيتها الباكية على موت الطغاة. مرفق هناك مقطع فيديو سجل خلال الاحتلال العراقي البشع والغادر لدولة الكويت يظهر فيه فايق عبدالجليل والملحن عبدالله الراشد والمؤدي أحمد عبدالملك وهم يقاومون الرصاص والقذائف بالكلمة والشعر والموسيقى.
وهناك مقطع آخر لقصيدة ألقاها الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن، محور حديثنا، خلال أمسية «حب للكويت» أقيمت بُعيد تحريرها من «داعية حقوق الإنسان صدام حسين» يتحدث فيها بدر بن عبدالمحسن عن الشاعر الأسير فايق عبدالجليل ويقول عنه كأسير «غاب في برد الشمال».
وهو الشمال الذي قمت للأسف بتمجيد طاغيته.
نعود للشعر والموسيقى.. الأغنية لفايق عبدالجليل، وليست لبدر بن عبدالمحسن.