مقالات وكتاب
«البيئة» لا بواكيَ لها
بقلم: أ. د. فيصل الشريفي
رغم توجيه صاحب السمو لمسؤولي الدولة بضرورة اتباع سياسة الباب المفتوح للاستماع إلى شكاوى المواطنين والموظفين، لكن هيئة البيئة، على ما يبدو، لها رأي آخر، فما يحدث في دهاليزها يتطلب انتباه الوزير العتيقي لوقف معاناة الموظفين.
بالرغم من أهمية الدور الذي تقوم به الهيئة العامة للبيئة، فإنها لا تزال تدار بالوكالة لأكثر من عامين من قبل نائبة المدير العام، التي انتهى مرسومها منذ 27 أغسطس 2023، أي أكثر من سنة بالتمام، ومع ذلك لم يعمل الوزراء السابقون على شغل هذا المنصب، حتى جاء الوزير المعني، وزير النفط د. عماد العتيقي، فأعلن بدء الترشيح لوظيفة مدير الهيئة في الفترة من 18 أبريل حتى 2 مايو الماضيين، إلا أن منصب المدير العام ظل شاغرًا، رغم مرور أكثر من 3 أشهر على انتهاء اللجنة المكلفة بذلك من أعمالها.
وبالرغم من حل مجلس الأمة، فإن التقارير التي أنجزتها لجنة شؤون البيئة والأسئلة البرلمانية التي وجّهت للوزراء المعنيين حينذاك لا يمكن وأدها إذا كان الهدف منها الوقوف على حقيقة المخالفات الإدارية والمالية والأسباب وراء تمثيل هيئة البيئة بـ «إكسبو الدوحة للبستنة 2023» رغم أنها جهة رقابة لا تنفيذية، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى التكلفة المالية التي تجاوزت الملايين من خزينة الدولة.
هذه التساؤلات ظلت بلا إجابة حتى هذه اللحظة، ومع ذلك كلنا ثقة بالنهج الذي يتبناه سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، وأن المحاسبة آتية لا مفر منها.
تعليمات سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، واضحة، حيث إنه طالب المسؤولين باتباع سياسة الباب المفتوح للاستماع إلى شكاوى المواطنين والموظفين، لكن على ما يبدو أن هيئة البيئة لها رأي آخر، فما يحدث في دهاليزها يتطلب انتباه الوزير العتيقي لوقف معاناة الموظفين.
ولكوني من المهتمين بالشأن البيئي، بسبب تخصصي الأكاديمي والمهني، ولعلاقتي بمعظم المنتسبين بهيئة البيئة، حيث تشرفت بتدريس الكثير منهم وتعاملت مع العديد من الموظفين باللجان والمؤتمرات العلمية والحلقات النقاشية، كما أني تعاملت مع قيادات ومديري الهيئة السابقين، الذين وإن اختلفت معهم في كثير من القضايا البيئية، إلا أنها ظلت محل تقدير واهتمام من قبلهم، فإنني دائماً ما كنت أذكّر قيادات الهيئة بالأهداف التي أنشئت من أجلها، وأن عليها دوراً رقابياً وآخر إرشادياً نحو توجيه كل الطاقات لتحقيق مفهوم الاستدامة البيئية، وأن بإمكانها أداء دور أكبر نحو تحقيق تلك الأهداف، وللحقيقة، فإن معظم القيادات كانت متعاونة، رغم تحفظنا عن طريقة اختيارهم وتعيينهم.
إن اختيار الشخص المناسب بوضعه في المكان المناسب هو البداية لتقويم دور هيئة البيئة وتوجيهها نحو تحقيق رؤية الكويت 2035 لبلوغ غايات التنمية المستدامة.
الارتقاء بأداء هيئة البيئة له أهمية كبرى، وذلك لارتباطه وتأثيره على جودة الحياة الصحية والاقتصادية والاجتماعية، خاصةً بعد تراجع موقع دولة الكويت على مؤشر الأداء البيئي لعام 2024، في ظل وجود الإدارة الحالية، مما يدعونا إلى التساؤل حول الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع.
في الأخير، أتحفتنا الإدارة الحالية وأبهرتنا بكمّ مشاركات الهيئة على المستوى الخارجي، لكن أين هي من معالجة المشاكل البيئية في الداخل؟ الإجابة نتركها للمديرة الحالية بالوكالة، عسى أن يتسع صدرها لقبول أسئلتنا، باعتباري أحد المختصين والمهتمين بالشأن البيئي.
ودمتم سالمين.