مقالات وكتاب
حب الخير للغير.. ميزة كويتية قديمة
بقلم : د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
على خطى والده المتميزة، سار النوخذة عبدالوهاب عيسى القطامي رحمه الله تعالى، فأظهر تميزاً وتفوقاً واضحين منذ صغره، ومن أهم أسباب هذا التميز والتفوق الذي حباه الله به هو اهتمام والده به وحرصه على تعليمه واتقانه منذ صغره، حيث أخذه والده عيسى القطامي رحمه الله تعالى معه للسفر وعمره 10 أعوام، وكان يقود سفينته من نوع البغلة لعائلة العبدالجليل، وبعد سنتين من التدريب مع والده، ركب مع عمه النوخذة عبدالعزيز القطامي، وتعلم منه المزيد من أساليب الملاحة والتنوخذ، وبالفعل أصبح نوخذة يعتمد عليه فيما بعد وقائداً لسفن والده وهو في السابعة عشر من عمره، ومن هنا بدأت حياته مع قيادة السفن التي جمعت الحكمة والتميز والمهارة، وفي هذه السن المبكرة استطاع النوخذة عبدالوهاب أن يقود سفينة والده «الكوتية»، فقام بقيادتها من الهند إلى الكويت، بعد أن أجرت له مجموعة من نواخذة الكويت (في الهند) امتحاناً لتقييم مقدرته على قيادة السفن، ومدى إلمامه بطرق الملاحة والقياس؛ فنجح في الاختبار وتحققت بذلك أعظم أمنية له في حياته، وهي أن يصبح نوخذة وقائد سفينة.
وجاء تميز النوخذة عبدالوهاب عيسى القطامي رحمه الله تعالى ببعض المآثر التي توضح تميزه ومهارته وتفوقه البارز بين أقرانه وأبناء جيله، ومن أبرز ما رواه عنه د. يعقوب يوسف الحجي في كتابه «نواخذة السفر الشراعي في الكويت، ص 46 – 48)» ما يلي: «عندما طلب المقيم السياسي البريطاني في الخليج في عام 1938م من الشيخ أحمد الجابر الصباح رحمه الله تعالى أن يبعث له بأربعة نواخذة (قباطنة) لاختبارهم من قبل القبطان البريطاني «شورهام» الذي كان في زيارة لبندر الكويت في صيف ذلك العام (1938م). فكان النوخذة عبدالوهاب عيسى القطامي واحدًا من الأربعة نواخذة الذين وقع الاختيار عليهم، ولمّا تم اختياره وأثبت مهارة وتفوقاً في الاختبار أُعطي شهادة تفوق في الملاحة وقيادة السفن، هو وزملاؤه الثلاثة الآخرون».
ومما يعكس حبه الخير للغير ما يرويه د. يعقوب الحجي عن النوخذة عبدالوهاب القطامي بقوله: «وفي عام 1936م أصيبت إحدى السفن الكويتية (بوم ولد مبارك) بأضرار قرب أحد موانئ الخليج، فجمع التاجر محمد ثنيان الغانم عدداً من نواخذة الكويت المتميزين وبحارتها المهرة وطلب منهم التوجه لإنقاذها والعودة بها إلى الكويت، ووضع النوخذة عبدالوهاب عيسى القطامي رئيساً عليهم حتى عادوا بها وتم إصلاحها».
وكذلك سيره على خطى والده عيسى عبدالوهاب القطامي رحمه الله تعالى وتميزه في مجال التأليف والكتابة من أجل نقل خبراتهم للآخرين وتأكيد حب الخير للغير، فيقول د.يعقوب الحجي: «سكن النوخذة عبدالوهاب عيسى القطامي البصرة لعدة سنوات، ثم عاد إلى الكويت عام 1943م، وعمل في التجارة ما بين الكويت والهند حتى عام 1948م حيث أضاف ملحقاً لكتاب والده «دليل المحتار في علم البحار» وهو من أهم الكتب التي تتعلق بالغوص والسفر الشراعي الكويتي».
وهكذا جمع النوخذة عبدالوهاب عيسى القطامي رحمه الله تعالى بين التفوق والتميز والمهارة والحكمة، فكان رحمه الله تعالى نموذجاً مشرفاً بين أبناء ذلك الجيل الفريد، حيث اتضحت تلك المآثر الطيبة من بين ثنايا تلك المواقف التي أوردناها، لنستقي من بين ثناياها العبرة والعظة والأسوة الحسنة.
رحم الله تعالى آباءنا من أهل الكويت الكرام الذين جمعوا بين التميز والمهارة والتفوق وأسكنهم فسيح جناته.