مقالات وكتاب
لص القصور لا تفوته صلاة الفجر
بقلم: د.عصام عبداللطيف الفليج
دخل لصان القصر، فوتجها الى الخزنة التي عرفا مكانها من عامل داخل القصر، وفتحها صاحب الخبرة دون كسر، وأخرج المال، ثم جلس على الكرسي وقال للص الشاب: أحضر لنا ورق اللعب.
قال الشاب: لنهرب الآن سريعاً ونلعب في البيت.
نهره اللص الخبير وقال: أنا القائد، افعل ما أقول لك.
أحضر الشاب الورق وبدأوا يلعبون.
قال الخبير للشاب: افتح المسجل بصوت مرتفع.
امتثل الشاب وصار يرتعد خوفاً، لأنه وقائده سيُقبض عليهما.
حضر صاحب القصر وبيده مسدس وقال: ماذا تفعلون يا لصوص؟
اللص الخبير لم يكترث وقال لصاحبه الشاب: أكمل اللعب ولا تعط صاحب القصر اهتماماً.
استمروا باللعب، فاتصل صاحب القصر بالشرطة، ولما حضرت الشرطة قال لهم صاحب القصر: هؤلاء لصوص سرقوا الخزنة، وهذه الأموال التي سرقوها أمامهم؟
فقال اللص الخبير للشرطة: هذا الرجل كذاب، لقد دعانا هنا لنعلب معه، وقد لعبنا فعلاً وفزنا عليه، ولما خسر أمواله أخرج مسدسه وقال: إما أن ترجعوا أموالي أو أتصل بالشرطة وأقول أنكم لصوص.
نظر الضابط الى الكؤوس الثلاثة والمال على الطاولة، ونظر الى جهاز الموسيقى بصوته المرتفع، وإلى اللصوص يلعبون الورق غير مكترثين، فقال لصاحب القصر: يبدو أنك تلعب في بيتك وعندما تخسر تتصل بنا، إن عدت لذلك مرة أخرى رميتك في السجن.
ثم اتجه الضابط الى الباب ليغادر، فقال له اللص الخبير: سيدي.. إن خرجت وتركتنا فقد يقتلنا.
فخرج اللصان من المنزل بحماية الشرطة.
قصة لطيفة تسرد كيف يسرق الكبار ثروات البلاد، ذكا ودهاء، وشراء ضمائر من بداخل القصر، واحتواء الشرطة بالقانون والمنطق، مقابل صمت او قبول الآخرين، تحت شعار “ما لا يدرك كله، لا يترك جله”.
وكان الله بعون هيئة مكافحة الفساد، فالهم كبير، والمسؤولية أكبر، والشق عود.
وسيستمر هذا الحال في العالم كله، ما لم يكن هناك رادع، لأنه عبر التاريخ الأمم التي تقوم على الفساد؛ مصيرها الانهيار مهما طال لها الزمن.
ذلك المتنفذ لا يستشعر معنى الحلال والحرام، وان كان فيه بضعة دين، فإنه يجد المخارج والتأويلات عندما يسيل لعابه أمام المال.
نعم.. ستجد بعضهم يتصدرون الصفوف الأولى في المسجد، ولا تفوتهم صلاة الفجر، وصيام الاثنين والخميس، والعمرات المتوالية، والصدقات والمشاريع الخيرية، والحج المتكرر الذي يجب ما قبله، ويعود كما ولدته أمه!!
انه المال الذي يتقاتل عليه الإخوة، والأبناء مع الآباء، ونسأل الله ان يسلمنا من الفتنة، ويحفظنا من كل حرام.