مقالات وكتاب

قبل أن نندثر

بقلم : غازي أحمد العنزي

لا تقاس الأمم الا في علمها وثقافتها، وما تصل إليه من تكنولوجيا وتطور في شتى مجالات العلوم، ولا يمكن لها أن تواجه المتغيرات والصعوبات، إلا من خلال العلم والتعلم، فالحلول لا تأتي من السماء، إنما يأتي بها البحث والتجربة.

خذ مثلا الولايات المتحدة الأميركية لم تكن لتصل الى ما وصلت إليه، لولا بحوثها العلمية والتجارب التي تجريها، لتساهم بدورها في تطور البشرية، ومن جانب آخر تطوير ذاتها، لتكون أكثر قوة من ذي قبلز

مثلا لولا بحوثها العلمية لما وصلت شركات السيارات لما وصلت إليه من متانة ورفاهية، كذلك الثورة الرقمية التي نعيشها اليوم لما صار بين أيدينا الـ”آيفون” وتطبيقاته المختلفة، والأمثلة تطول.

هل تعلم أن في 2018 قدمت الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 500 ألف بحث علمي في شتى مجالات العلوم، ومنها بحوث مدنية ذات طابع عسكري، أما الصين- هذا العملاق الاسيوي والذي يحاول جاهدا تغيير العالم ويكون له وضعا قياديا في العالم الجديد- فقد قدم نحو 400 ألف بحث، بينما المجتمع الأوروبي يقدم 600 ألف بحث علمي سنويا، أما الهند فهي الأخرى تحقق أرقاما قياسية في البحوث العلمية المحكمة، فهي تنافس علي المركز الرابع عالميا وتقدّم أكثر من 300 ألف بحث علمي سنوي.

كل تلك الأرقام هي لبحوث علمية منشورة أو قابلة للنشر والتداول، أما تلك البحوث- والتي تتسم بالسرية وتعدّ من أسرار الدول- فلا يعلم عددها أو عمق دراستها وما وصلت إليه من نتائج إلا الله، أما على الصعيد العربي، فقطر وتونس والسعودية، هي المتصدّرة مجال البحوث العلمية، لذلك لستُ في غرابة من التطور العلمي والثقافي المذهل، الذي وصلت إليه السعودية في مجالات العلوم والآداب كافة.

يبقى السؤال: أين الكويت من هذه الأرقام والإحصاءات، وأين جامعة الكويت وأساتذتها من البحوث والحركة العلمية، وأين ميزانية الدولة للبحوث العلمية، وكيف لنا أن ننشد التقدم، وليس لنا بحث واحد يساهم في الحركة العلمية في البلاد، وإن كان هناك ثمة بحوث منشورة في مجلات علمية عالمية لمواطنين، أين هي الفائدة العائدة علي الدولة، ولماذا لا يتم تبني تلك البحوث والدراسات في سبيل تقدم الوطن؟

حقيقة مؤلمة، يجب أن يعيها الشعب قبل المسؤول الحكومي، ففي قادم الأيام لن نصمد في دولتنا أمام المتغيرات، التي ستطرأ ما لم يكن لدينا العلم ولا سواه، وسنتعرّى تماما بعد أن تنتهي قيمة نقدنا العالي، والذي لم نستفد منه طيلة الثمانين سنة المنصرمة، ما لم نجاهد في العلم، وننقل هذا العلم إلى واقعنا لنستفيد منه، ونتطور مع الزمن، حتى لا يأتي يوم ونجد أنفسنا في تيه الجهل، ومن حولنا تحت ظلال العلم.

 

إغلاق
إغلاق