مقالات وكتاب
عقد “داو”.. فرصة أم ورطة؟
بقلم: أحمد اللوغاني (خبير في القطاع النفطي)
أثار موضوع فسخ عقد داو كيميكال والذي كبّد المال العالم مبلغ 161و2 مليار دولار بعد حكم هيئة التحكيم الدولية (ICC ) حفيظة الراي العام في الكويت حيث انقسم الي رأيين الاول يحمل الحكومةورئيسها بشكل مباشر ويتهمها بالتواطئي وشبهة التكسب غير المشروع لاسيما وانها مثقلة بملفات الفساد المالي والاداري والراي الاخر يرى ان المجلس ممثلا بالمعارضة وعلى راسها التكتلالشعبي هو المتسبب بوضع العصى في الدولاب وايقاف قطار التنمية وقد كان للصحافة ووسائل الاعلام دورا مهما في تأليب الراي العام وكون رايا عاما ضاغطا على الحكومة من جهة لإلزامها بفسخ العقد بذريعة وجود اطراف مستفيدة داخل المؤسسة لحماية شركة داو كيميكال من الافلاس أثناء الازمة المالية العالمية عام 2008.
إزاء هذا الموقف والضغط الشعبي قامت الحكومة لتفادي استجواب رئيس الوزراء بفسخ العقد فالسؤال المهم هل كانت الصفقة فرصة استثمارية كبرى للكويت في دعم اقتصادها وتنويع مصادر الدخل ام كان طعما اراد اللاعبون الحقيقيون من وراء الكواليس بالدفع لتوريط الحكومة الكويتية وسرقة مقدراتها ,لذلك حتى نكون موضوعيين في تقييمنا نحاول بما لدينا من قرائن وادلة ان نبين للقارئ الكريم الحقائق التالية.
1-ان شركة البتروكيماويات قد أجرت عدة دراسات اقتصادية وفنية مستفيضة استغرقت عدة سنوات من خلال خبراء ومستشارين محليين وعالميين وتحققت من جدوى الشراكة الاستراتيجية للاقتصادية مع شركة داو كيميكال وفي حقها امتلاك تكنولوجيا داو لتكون اكبر منتج لمادة البولي ايثيلين في العالم.
2- قوة المركز المالي لشركة داو لما تملكه من اصول تشغيلية تتمثل في امتلاكها لأكثر من 40 مصنع على مستوى العالم وحيث انها اكبر مصدر لمادةالبولي ايثيلين الخام لصناعة البتروكيماويات واتساع شبكاتها التسويقية عبر العالم.
3- انخفاض قيمة اسهم الشركة في البورصة لا يعني تعرض الشركة لمخاطر الافلاس أو الاعسارالشديد بل كل الشركات الكبرى تعرضت لذلك.خلال الازمة المالية العالمية اضافة الي دعم الحكومة الفيدرالية للشركات عابرة القارات كشركة داو وحمايتها من الافلاس أو حتى تعرض الشركة للإعسار تحت البند(chapter 11).
4- ان حكومة الكويت قدمت افضل عرض بشراء50% من مصانع الشركة بقيمة 7,5 مليار دولار.
5- ارتفاع هامش المخاطرة في حالة فسخ العقدمن طرف الحكومة الكويتية بسبب تضمين العقد شرط جزائي (تعويض اتفاقي) بقيمة 4 مليار دولار وهو ما يمثل تقريبا 53% من قيمة الصفقة.
6- لجوء الطرفين للقضاء الدولي عند نشوب اي نزاع مما اضعف موقف الحكومة وكان عليها اللجوء للقضاء الكويتي.
وعلى ضوء ما تقدم تحديد الاطراف المشاركة في اهدار المال العام على النحو التالي:
أولا: الحكومة بتفويتها فرصة استثمارية تاريخية تجعلها من اكبر منتجي ومصدري مادة البولي ايثلين في العالم وخضوعها للضغوط السياسية دون النظر لعواقب قرارها بهذا الشأن.
ثانيا: مؤسسة البترول في عدم التحقق من المبالغة في قيمة الشرط الجزائي على الرغم من وجود خبراء ومستشارين قانونيين.
ثالثا: ممارسة مجلس الامة ضغوطا كبيرة على الحكومة بإلغاء الصفقة بناء على معلومات وبيانات غير دقيقة ومنقوصة في التحقق من المركز المالي للشركة والمنافع الاقتصادية المتوقعة دون الاستعانة بجهات مستقلة ومحايدة في ابداء الرأي الفني.
رابعا: وسائل الاعلام الغير مسئولة والموجهة من اصحاب المصالح والتي شاركت كطرف غير محايد بتزييف الحقائق وصناعة رأي عام مزور.
ولنا في النهاية ان نتساءل هل كان عقد داو فرصة ام ورطة؟ اترك الحكم للقارئ الكريم للحكم بعد قراءة هذا المقال.