مقالات وكتاب

رسالة من شاب عاطل إلى سمو رئيس مجلس الوزراء والحكومة الرشيدة..

بقلم: موظف عاطل عن العمل

هذه رسالة من شاب كويتي، قابض على الجمر، يكتبها بمداد من روحه، فالقضية وإن بدت قضية مواطن، إلا أنها في حقيقة الأمر قضية وطن.

وهي رسالة مواجهة بشكل مباشر من شاب كويتي «عاطل» إلى -حفظه الله- سمو رئيس مجلس الوزراء والحكومة الرشيدة، خاصة بعدما وجه سموه بزيادة مخصصات الطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج بنسبة 50 % اعتبارا من بداية السنة المالية في أبريل 2023.

لن أطيل عليكم كثيرا بمقدمات إنشائية وعبارات بلاغية، فالواقع أصدق – وأغرب – من الخيال، فإلى تفاصيل حكايتي، وهي بالمناسبة حكاية قطاع كبير من الشباب الكويتي، ولهذا أطلقت عليها قضية وطن.

قبل سنوات طويلة، بدأت رحلة العلم، من المراحل الأساسية في مدارس الكويت، حتى انتهيت إلى شهادة جامعية من أعرق الجامعات العالمية، ولن اسمي بلدا بعينها، لكننا جميعا نعلم أن الكويت واحدة من أكثر دول العالم ابتعاثا لأبنائها في أفضل جامعات العالم الأوروبية والأمريكية.

إذا، وبعد كل هذه السنوات من العلم والدراسة والجهد وبعد إنفاق الكثير من أموال الكويت علي وعلى غيري ممن تتشابه حكايتنا.

تخرجت وفرحت كما فرح أهلي وأحبابي والجميعورحت أمني نفسي بوظيفة تليق وما درست، من أجل رد الدين للوطن.

وقد يظن من يقرأ أن شكواي هي عدم التحاقي بوظيفة تدر علي راتبا شهريا يكفيني لتأسيس بيت وأسرة، لكن الأمر غير ذلك تماما، فهو أخطر وأكثرا ألما من عدم وجود وظيفة.

القصة وما فيها أنني بالفعل ألحقت بوظيفة ثابتة، أحصل من خلالها على راتب شهري مناسر إذا ما المشكلة؟!

المشكلة ببساطة أني لست واحدا ممن يعانون البطالة لكني أحد هؤلاء الذين يمكنك أن تطلق عليهم «طابور البطالة المقنعة». تلك الظاهرة التي هي في جوهرها قنبلة قابلة للانفجار.

تصور معي، آلاف من الشاب الكويتي، الذي درس واجتهد وتعلم في أفضل الجامعات، وحصل على أعلى الشهادات، وحاز العلم – والذي هو خير لو تعلمون – ثم ينتهي به الحال ليكون مجرد رقم في السجلات موظف لا يضيف للمجتمع شيئا، لكنه فقط يحصل على راتب شهري، فيتحول من عقل يفكر ويد تنتج إل مجرد معدة تأكل وتشرب!!

قد يرى أحدهم في حديثي هذا «مثالية زائفة»، لكن الحقيقة يعرفها كل من كد واجتهد ودرس علما صعبا، ثم وجد نفسه «لا شيء»، إذا لماذا كان كل ما فات لماذا ضيعت أجمل سنوات عمري في علم لا ينفع؟ ألم يكن من الأفضل ألا نتعلم وألا نسافر وكنا اكتفينا ب «أي شهادة» طالما النهاية واحدة؟!

إن شابا درس وتعلم وعاش على أمل أن يعود إلى بلاده ليرد لها الدين، بأن يفيدها بعلمه في القطاع المناسب له، ثم تفاجأ بالواقع المر، لهو أشبه بفنان لم يستمع أحد إلى فنه، ككاتب لم يقرأ له أحدهم حرفاإنها «خيبة الأمل» التي قد تدفعني إلى أن أقول إلى أبنائي «لا داعي للعلم والاجتهاد، فالنهايات غير سارة».

أقول ذلك وكلي أسى وأسف، فكما يقول المثل «النار ما تحرق إلا رجل واطيها »، خاصة وأنا أرى بعيني وطني يستعين بكوادر غير كويتية، في مناصب ووظائف مهمة وحيوية، وبدلا من أن نصنع كوادر وطنية جديدة – وما أكثرها – نركض نحو «الأجنبي»!

وختاما، هذه كلمات شاب كويتي محب لوطنه، لا يشكو البطالة، لكن نيران «البطالة المقنعة» تلتهم روحه، ومن العجيب أن القصة ذاتها تتكرر بتفاصيلها مع زوجتي وكذلك شقيقتي، فهما أيضا درستا في أفضل الجامعات، وحصلتا على شهادات مرموقة، غير أنهما نموذجان آخران في طابور «البطالة المقنعة».

صحيح أنني سعدت بزيادة مخصصات المبتعثين، لكن ذلك لن يأتي بثمار إلا إذا وظفنا هذه العقول في أماكنها المناسبة، وإلا فإن النتيجة لن تخرج عن كوننا نضيف إلى طابور البطالة المقنعة المزيد من الشباب، الذين سيجلسون في بيوتهم ليخسر الوطن قدرات وطاقات هو أولى بها.

أيضا، أوجه حديثي إلى مجلس الأمة ونوابه، نحن الشباب، الكتلة التصويتية الأكبر، نحن من أنتخبكم، فلتضعوا على رأس أولوياتكم مثل هذه القضايا الكبيرة، التي تمس أمن ومستقبل الوطن، فهي أولى من قضايا أخرى صغيرة وأقل أهمية ولا تمس الهموم الحقيقة للناس، وتضيع عليها الجلسات

فإلى من يهمه الأمر، نظرة إلى هذه المشكلة، التي دفعت الكثير من شباب الوطن إلى البحث عن «وطن آخر» يقدر علمه ويضعه في المكان المناسب.

وختاما، إلى كل أب وإلى كل أم وإلى كل شابة وشاب «عاطل» مثل حالي، فلتنشروا هذه السطور حتى تصل إلى أكبر عدد من القراء، لعل صوتي يصل إلى أصحاب القرار ويستجيبون، فالوطن أحق بأبنائه.

إغلاق
إغلاق