مقالات وكتاب

الأمير عبد الرحمن كتخدا « واقف، وناشط في مجال العمل الوقفي »

وقفة الخميس مع الوقف : ( 3 / 1 / 2019 )
الأمير عبد الرحمن كتخدا ( واقف، وناشط في مجال العمل الوقفي )
(نحو 1121 – 1190هـ = 1710 – 1776م)

هو: عبد الرحمن بن حسن وفي بعض المصادر: حسين، والبعض الآخر عثمان. جاويش القازدغلي وتكتب أحياناً القازدوغلي ، المولود نحو عام 1121هـ الموافق لعام 1710م. ترقى في عام 1740م إلى رتبة جاويش، ثم باش جاويش، ثم رُقّي إلى رتبة سّردار قائد فرقة عسكرية ، وعُيّن عام 1747م ممثلاً للسلطان ينوب عنه في كامل اختصاصاته. نفاه علي بك الكبير إلى الحجاز عام 1765م حيث بقي هناك حتى عاد عام 1776م إلى مصر عندما تولى محمد أبو الدهب حكمها، فعاد وقد ضَمُر جسمه وانحنى ظهره، فأقام في بيته أحد عشر يوماً ومات، وقد خرجت جنازته في مشهد حافل، حضرها العلماء والأمراء والتجار ومؤذنو المساجد وأولاد المكاتب التي أنشأها ورتب لهم فيها الكساوى والمعاليم كل عام.

إسهاماته في مجال الوقف والعمل الخيري:
لُقّب عبد الرحمن كتخدا بصاحب الخيرات والعمائر في مصر والشام والروم لكثرة المساجد التي أنشأها أو جدّدها، كما لُقّب أيضاً بعميد العمارة الإسلامية، ومن أهم أعماله الوقفية والخيرية:
– أنشأ زاوية عبد الرحمن كتخدا حجة وقف محفوظة في وزارة الأوقاف المصرية برقم 214 في شارع المغربلين، بجوار جامع “جانبك” في القاهرة.
– أنشأ سبيلاً مع كُتِّاب، وهو المعروف “بسبيل عبد الرحمن كتخدا” حجة وقف باسم المُنشئ محفوظة في أرشيف وزارة الأوقاف المصرية برقم 941 بتاريخ غرة رجب 1159هـ الموافق 1746م ، ويقع عند تقاطع شارع المعز لدين الله مع شارع التمبكشية بالنحاسين أمام قصر “بشتاك”، ويشتمل على ردهة صغيرة تقع إلى يسارها غرفة السبيل، وإلى يمينها غرفة صغيرة فيها بئر، وفي المقابل درج يصل إلى الطابق العلوي الذي فيه الكُتّاب لتعليم أولاد الفقراء واليتامى القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة.
– قام بأكبر عمارة وتوسعة شهدها الجامع الأزهر الشريف، وذلك عام 1167 الموافق 1753م، حيث أنشأ وزاد في مقصورة الجامع مقدار النصف طولاً وعرضاً، وأضاف رواقاً كبيراً خلف المحراب القديم، ارتفع بأرضه وسقفه عن أرض الجامع وسقفه، وعمل له محراباً كساه بالرخام، وأقام بجواره منبراً من الخشب، وأنشأ له باباً عظيماً جهة حارة “كتامة”، وهو الباب المعروف بباب الصعايدة، وشيّد بجواره منارة، وبنى بداخله مكتباً لتعليم الأيتام من أطفال المسلمين القرآن الكريم، وجعل بداخله رحبة متسعة، وصهريجاً عظيماً، وسقاية لشرب العِطاش من عابري السبيل، وعمل لنفسه مدفناً في تلك الرحبة دُفن فيه وعليه قبة، وأنشأ رواقاً مخصوصاً لمجاوري الصعايدة المنقطعين لطلب العلم فيه مرافق ومنافع ومطبخ ومخادع وخزائن كتب، وأنشأ كذلك الباب المعروف بباب الشّورية تجاوره منارة أخرى له.
– بنى المدرسة الطيبرسية، وأنشأها إنشاءً جديداً وجعلها مع مدرسة الأقبغاوية المقابلة لها من داخل الباب الكبير، والذي أنشأه خارجهما جهة القبو الموصل للمشهد الحسيني وخان الجراكسة؛ وهو عبارة عن بابين عظيمين، كل باب بمصراعين، وعلى يمينهما منارة وفوقه مكتب، وفي داخله على يمين السالك بظاهر الطيبرسية، وميضأة مكان للوضوء ، وأنشأ لها ساقية لإجراء الماء إليهـا، وفي داخل باب الميضأة درج يصعد منه للمنارة ولرُواق البغداديين والهنود، فجاء هذا الباب وما في داخله من أحسن المباني في الوجاهة والفخامة، وجدّد رُواقا للكّوائين الذين يعملون بالمصابغ لكوي الملابس والتكروريين القادمين من السودان.
– رتب للفقراء المقيمين في أروقة الأزهر الشريف مرتبات وخبزاً.
– أنشأ عند باب البرقية (المعروف بالغريب) جامعاً وصهريجاً وحوضاً وسقاية ومكتباً ورتب فيه تدريساً، وعمل عند باب القبة الصهريج والمقصورة الكبيرة التي فيها ضريح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري فيما بين المسجد ودهليز القبة، وفرش طريق القبة بالرخام الملون، يسلك إليه السالك بدهليز طويل متسع، وعليه بوابة كبيرة من داخل الدهليز البراني، وهناك بوابتان على الدهليز من كلتا الجهتين.‏
– أنشأ مسجد الشواذلية، ويقع في شارع الشواذلية على يسار الداخل من ميدان العتبة.
– أنشأ مسجد عبد الرحمن كتخدا خلف جامع الأزهر الشريف يقع حالياً داخل حرم جامعة الأزهر الشريف.
– أنشأ جامع المغاربة (جامع الجنينة)، وعمل عند بابه سبيلا وكُتّاباً وميضأة تفتح طوال النهار، وأنشأ تجاه باب الفتوح مسجداً بمنارة وصهريـج، وكُتّاباً ومدفن السيدة السّطُوحية.
– أنشأ جهة الأزبكية بالقرب من كوم الشيخ سلامة جامعاً ومكتباً وحوضاً وميضأة وساقية ومغارة.
– أنشأ بالقرب من تربة الأزبكية سقاية وحوضاً لسقي الدواب يعلوه كُتّاب، وفي الحطابة كذلك، وعند جامع الدّشْطوطي.
– أنشأ خارج باب القرافة ( المدافن ) حوضاً وسقاية وصهريجاً.
– أسس مسجد شرف الدين الكردي في الحسينية، ومسجداً في خط الموسكي، وبنى جامع الشيخ الحفني، وبنى بجواره داراً ينفذ إليه من داخل المسجد‏.‏
– عمّر المدرسة السّيوفية المعروفة بالشيخ مطهر في خط باب الزهوقة، وبنى لوالدته فيها مدفناً.‏
– له عمائر كثيرة وقناطر وجسور في القرى وفي بلاد الحجاز حين كان مجاوراً هناك‏.‏
– بنـى القناطر في “طنطا” في الطريق الموصلة إلى محلة “مرحوم” في محافظة “الغربية” بمصر، والقنطرة الجديدة الموصلة إلى “حارة عابدين” من ناحية “الخلوتي” على الخليج، وقنطرة في ناحية “الموسكي”.
– رتّب للعميان الفقراء الأكسية الصوف المسماة بالزعابيط، وكان يفرّق عليهم جملة كثيرة من ذلك عند دخول الشتاء في كل عام، فيأتون إلى داره أفواجاً في أيام معلومة ويعودون مسرورين بتلك الأكسية، كما كان يفرق على المؤذنين جملة من الإحرامات الطولونية، يرتدونها وقت التسبيح في ليالي الشتاء، ويُفرق عليهم كذلك جملة من الحبَر المحلاّوي، والبر الصّعيدي، كذلك كان يفرق الملايات ومعها البوابيج على النساء الفقيرات والأرامل، وكان يُفرق على الفقراء القصاع الكبار المملوءة بالثريد المسقى بمرق اللحم والسمن، فكان النقيبُ (المسؤول ) يُفرق عليهم قطع اللحم الذي تم طهيه، فيعطي كل فقير حِصّته في يده، وعندما يفرغون من الأكل، يُعطي كل واحد منهم رغيفين ونصفي فضة برسم سحوره، إلى غير ذلك‏.
– أوقف على المشهد الحسيني ومسجده، والزّينبي، والنفيسي، عدداً من القرى المشهورة بزراعة الأرُز، ثلاثة منها ناحية رشيد، وجعل إيرادها وما يتحصل من غلّة أرزها لمصارف الخيرات وطعام الفقراء والمنقطعين للعلم.

الوفاة:
توفي الأمير عبد الرحمن كَتْخُدا عام 1190هـ الموافق لعام 1776م، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجعل أعماله في ميزان حسناته.

المصادر
1- الجبرتي، عجاب الآثار في التراجم والأخبار، عن طبعة بولاق، القاهرة، مطبعة دار الكتب المصرية، 1998، ج2، ص5-7.
2- سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا بالنحاسين، متاح على موقع الدكتورة زينب نصر الدين.
3- سعاد محمد ماهر، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ط1، القاهرة، وزارة الأوقاف، 1983، ج4، ص82-87، ج5، ص237-241.
4- علي مبارك، الخطط التوفيقية لمصر القاهرة، ط1، القاهرة، المطبعة الكبرى الأميرية، 1887، ج3، ص6، ج4، ص12-13، 18، 21، ج5، ص5، 116-120، ج6، ص8، 35.
5- محمد البهي، الأزهر: تاريخه وتطوره، ط1، القاهرة، وزارة الأوقاف وشئون الأزهر، 1964، ص167-194.
محمد حسام الدين إسماعيل، مدينة القاهرة من ولاية محمد علي إلى إسماعيل، 1805-1879، ط1، القاهرة، دار الآفاق العربية، 1997، ص210، 246، 350-351

المرجع :
معجم تراجم أعلام الوقف ج1
إصدار الأمانة العامة للأوقاف في دولة الكويت

جمع و إعداد :
د عبدالمحسن الجارالله الخرافي الامين العام السابق للأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت

 

إغلاق
إغلاق