تكنولوجيا
عندما لا تدفع ثمن سلعة ما فاعلم أنك أنت السلعة .. مواقع التواصل الاجتماعي
الشباب فئة اجتماعية مهمّة في كلّ مجتمع، لها مميزاتها وخاصيَّتها، ومنها روح المغامرة والإثارة وحبّ الاكتشاف والتعرف على الجديد، وهذا جعل الشباب أكثر الفئات الاجتماعية إقبالاً على شبكة الإنترنت، باعتبارها المجال الرحب للدخول في العالم الافتراضي والإبحار في كلّ جهات العالم. يضاف إلى ذلك ما يعيشه الشباب من فراغ في حياته الواقعية، وما يعرفه من مشاكل اجتماعية واقتصادية تحول بينه وبين الاندماج في الحياة وتحقيق الذات. فيكون العالم الافتراضي في شبكة الإنترنت الملاذ من هذه المشاكل، والمجال الرحب لتحقيق الذات وإثباتها من خلال المشاركة وإبداء الرأي والحوار، أو التمكن من التقنيات والإبداع فيها، والتعويض عمّا يفتقده في محيطه المحلّي والواقعي.
محاور الموضوع
سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي:
1- الإدمان: عندما يعتاد الشخص على استعمال هذه
132
الشبكات يُصاب بالإدمان وبالتالي في وقت لاحق “بأمراض نفسية عصرية”: قلق, عدم استقرار, حيرة, عصبيّة وغيرها, ويجري تبني عادات ومعتقدات غريبة عن مجتمعنا العربي والاسلامي. عندما يتطوّر تعامل الشباب مع الأنترنت إلى مستوى الإدمان وهومرض جديد لم يكن من قبل، ينقطع المدمن على الإنترنت عن المحيط الاجتماعي والواقعي من حوله، ويتهرب من كلّ المسؤوليّات. لقد رصد الخبراء أعراض المدمن على الإنترنت، يمكن تلخيصها في:
أ- فقدان العلاقات الاجتماعية: هناك عدّة طرق لتحديد ما إذا كانت شبكات التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى مشكلة لدينا، منها التأكّد من “فقدان العلاقات الاجتماعية” حيث إنّ شبكات التواصل الاجتماعي، مثل الفيسبوك أو التويتر، هي وسائل تواصل اجتماعي للتقارب العائلي وبناء الصداقات. لكن عندما ترفض خططاً للخروج مع الناس في الحياة الحقيقية وتفضل قضاء بعض الوقت على الشبكة الاجتماعية، فإن هذا السلوك يشير إلى
133
وجود مشكلة تواصل اجتماعي لديك، إنّ تخصيص معظم وقتك لاستخدام الإنترنت، لدرجة أنك تتجاوز الوقت الذي تقضيه مع الناس في الحياة الواقعية يجعل الناس من حولك يشعرون بالإهمال والألم، وعلاقاتك بالأشخاص الذين من حولك تتعرض للفشل وتشعر بالعزلة، لذا اسأل نفسك هذا السؤال: “هل استخدامك لشبكات التواصل الاجتماعي (غير الواقعي) يطغى على التواصل الاجتماعي في الحياة الواقعية مع الآخرين”؟.
ب- فقدان القدرة على النوم: ودليل الإدمان الثاني، يتركّز في: فقدان القدرة على النوم، وهناك فرق بين البقاء حتّى ساعة متأخرة لإنهاء مهمّة، أو عمل ضروريّ، وبين التحقّق للمرّة الأخيرة قبل النوم من شبكة التواصل الاجتماعية للحفاظ على الدردشة على شبكة الإنترنت.
ج- تجاوز المستخدم الوقت المحدد لاستخدام الإنترنت: ولكي تعرف أنك في مشكلة أم لا
134
اسأل نفسك: “هل استخدامك لشبكات التواصل الاجتماعي (غير الواقعي) يجعلك مستيقظاً طوال الليل أو يجعلك تحذف بعض الواجبات المهمّة”؟
د- التعب الجسديّ أو الذهنيّ على الشباب: إنّ الاتصال بالآخرين هو وسيلة رائعة للّحاق بالآخرين، أو لزيادة شبكة التواصل الاجتماعي في حياتك المهنية، لكنّ السماح لشبكات التواصل الاجتماعي أن تؤثّر في وقت الراحة الذي كنت بحاجة إليه فإنّ ذلك يؤثّر سلباً في مستويات الطاقة والإنتاجية لديك، ومن هنا فإنّ البقاء حتى وقت متأخّر، أو إجبار نفسك على البقاء مستيقظاً طوال الليل للتواصل الاجتماعي على الانترنت يؤثّر في مزاجك، ويجعلك سريع الغضب.
هـ- انخفاض المستوى الدراسيّ: أي التراجع على مستوى المعدّل العامّ, وذلك لأنّ هناك وقتاً مقتطعاً من الدراسة والتحصيل العلميّ لحساب شبكات التواصل الاجتماعيّ، وتوزيع الاهتمام بين الدراسة وغيرها.
135
و- فقدان الاهتمام بالهوايات السابقة: كأنْ يلاحظ الشاب أنه لم يعد مهتمّاً بهوايات كان ملازماً لها، كالإقلاع عن الرياضة أو قراءة القرآن أو ارتياد المسجد أو غير ذلك من الهوايات السابقة.
2-الشعور بالاضطراب والقلق عند الابتعاد عن الإنترنت: قد تتعطّل هذه الشبكة فإذا كان الشاب معتاداً أن يتحدّث إلى “أصدقائه” وتوقفت الشبكة لفترة معينة أو أن أصدقاءه لا يستطيعون الدخول، سيفقد تركيزه ويبقى قلقًا إلى أن يعود الوضع كما كان عليه. وهنا يكمن الخطر, لأنّ الشابّ ربما يبقى ساعات على هذه الحال وقد يكون عليه الكثير من المهمّات التي يجب أن يقوم بها ولكنه بسبب تعطّل الخدمة لا يستطيع أن يهدأ وبالتالي يضيع الوقت هباء منثوراً بدلاً من استغلاله.
3- ضعف مهارات التواصل: مع تزايد استخدام الشبكات الاجتماعية قلّت الحاجة للتعامل مع الناس على أرض الواقع، وهذا قد يُفقد المستخدمين الكثير من مهارات التواصل مع المجتمع ومع الناس من حولهم.
136
ومن هنا ضرورة التوازن في استخدام الإنترنت، فلا تظنّ بأنك عندما تصاب بـ (داء الإنترنت) ستتمكّن من الاندماج مع الناس، ولا تظنّ بأنك عندما تدمن تقليب صفحات الشبكة ستنظر إلى الحياة بطريقة أجمل.. فالغالب أنك ستصاب بالعزلة المزمنة والنظر إلى الحياة والمجتمع بحساسية مفرطة تقلّل من حٍلمك وسعة صدرك، ومع مرور الوقت ستصبح إنساناً غير صالح للعيش في واقعك الطبيعي.
4- التحريض على الآخرين والشجار: ربما يعارضك شخص ما من الناحية الأيدولوجية أو السياسية أو الاقتصادية وغيرها. من الممكن أن يؤدّي هذا التحريض والشجار إلى خلافات ونزاعات بين الأشخاص على أرض الواقع. وربما يتّسع النطاق ويصبح على صعيد عائلات، وقد يؤدي إلى تهديد وقتل.
5- انتشار الفساد وزرع القيم الفاسدة: كما أننا نستطيع أن نستغلّ الشبكات الاجتماعية في الدعوة إلى الحق وهداية الناس, كذلك هنالك أناس يريدون
137
نشر القيم الفاسدة والأفكارالخاطئة وغيرها…
فلذلك يجب أن نربي أبناءنا على القيم النبيلة وتحصينهم فكريّاً وروحيّاً وسياسيّاً ودينيّاً.
6- هدر الوقت: في هذه الأيام يقضي معظم الأبناء جُلّ وقتهم على شبكات التواصل الاجتماعي بدون أي فائدة وبالتالي هذا الوقت المهدور يحلّ مكان المهمّات التي يجب عليهم تنفيذها واجبات مدرسية, واجبات جامعية, طاعة الوالدين, واجبات تتبع للعمل وغيرها.
إذا كان استخدامك لشبكات التواصل الاجتماعي ينسيك الذهاب لأخذ أطفالك من المدرسة، أو يعرّضك لنسيان بعض المواعيد فإنّ ذلك يؤثّر سلباّ في حياتك. لهذا لا بدّ لك من مصارحة نفسك (هل استخدامك لشبكات التواصل الاجتماعي “غير الواقعي” يؤثر في تذكرك للالتزامات العائلية أو العملية)؟
7- مشاكل عائلية: من التأثيرات السلبية للإنترنت في الشباب التأثير الأخلاقي. فبالإضافة إلى إمكانية ربط علاقات محرّمة
138
بين الفتيان والفتيات عبر الحوارات المباشرة وبالصوت والصورة وتبادل أرقام الهواتف وتحديد المواعد، بعض الأمهات أو الآباء في هذه الأيام أصبح لديهم حساب على شبكات التواصل الاجتماعي، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى محادثات لا ضرورة لها، وقد يتطوّر لأمور تهدّد الحياة الزوجية.
وهذا قد يؤدي الى مشاكل بين الزوجين، وبالتالي قد يفقد بعض الأطفال مستقبلهم بسبب انفصال ذويهم أو خلافهم وشجارهم.
ملاحظة مهمة: يجب أن نذكر أنه بما أنّ هذه البرامج تنقل البيانات عبر الإنترنت, وبمجرد أنها تنتقل عبر الإنترنت فهذه البيانات يمكن قراءتها ومعرفة الرسائل والتجسّس عليها من قبل الهاكرز وشبكات الاتصال وأجهزة الأمن وغيرها بسهولة جدّاً ولا يخفى ما في ذلك من تجاوزات شرعية وسقوط في المحرّمات وتسهيل عملية التحلّل الأخلاقي…
قبل مواقع التواصل الإجتماعب والإنترنت كان الطفل يكتسب قِيَمه منَ الأسرة، ثمّ المدرسة، ثمّ المجتمع، الآن
139
ظهرت بدائل لهذه المؤسّسات الاجتماعية، بل أكثر من ذلك، تراجع دورها بدرجة كبيرة، وحلَّ محلَّها أجهزة التكنولوجيا في تربية أولادنا فلذات أكبادنا. فتربيتهم وثقافتهم يتلقونها من التلفزيون وقنواته الفضائية، والإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعية من فيسبوك وتويتر واليوتيوب. وقد تلاحظ النسب المرتفعة للأفراد، سواء أطفال أو كبار، مشاهدتهم للتلفزيون لساعات طويلة يوميّاً.
المصدر : بي ان بوست – BeIN POST